تراجعت الواردات الصينية بمعدل الخمس بالوتيرة السنوية في ايلول/سبتمبر بحسب معطيات رسمية نشرت الثلاثاء واحتسبت بالدولار، فيما يؤثر تباطؤ ثاني اقتصاد في العالم بشكل كبير على اسعار المواد الاولية لدى زبائن الصين.
فقد تدهور حجم واردات العملاق الصيني بشكل ملحوظ في شهر ايلول/سبتمبر، بنسبة 20,4% ليصل الى 145,2 مليار دولار (127,4 مليار يورو)، كما اعلنت الجمارك الصينية، وهو انخفاض اكبر مما توقعته مجموعة من خبراء الاقتصاد سألتهم وكالة بلومبرغ نيوز.
وفي الاشهر الاخيرة اعلنت الجمارك اولا ارقام التجارة الخارجية محسوبة باليوان قبل ان تعلنها بعد ذلك بالدولار.
وتدهورت الواردات محسوبة باليوان بنسبة 17,7% في ايلول/سبتمبر لتبلغ 924 مليار يوان.
وتسجل الصين التي تعد اول قوة تجارية عالمية، تدهورا كبيرا في نموها الاقتصادي يترافق مع هبوط اسعار المواد الاولية التي تحتاج عادة اليها، ما كان له وقع الصدمة في بلدان منتجة كثيرة.
وصرح المتحدث باسم مصلحة الجمارك الصينية هوانغ سونغبينغ للصحافيين "ان واردات بعض المواد الاولية سجلت تزايدا في الحجم وانخفاضا في الاسعار"، مشيرا الى النفط والفحم الحجري والنحاس الاكثر تأثرا بين المواد الاولية.
وتعتزم بكين اعادة توجيه نموذجها الاقتصادي نحو نمو اكثر اعتدالا واستهلاك اكبر على حساب الصادرات والاستثمارات العامة.
لكن المهمة تبدو شاقة ولاسيما ان النمو هبط العام الماضي الى 7,3% --ادنى معدلاته منذ 1990-- ويواصل تراجعه رغم اتخاذ تدابير لدعمه مثل خفض معدلات الفائدة خمس مرات منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2014 .
وبالفعل خفض البنك المركزي الصيني اربع مرات هذه السنة حصص الاحتياطي الالزامي المفروضة على المصارف بهدف تحفيز التسليف على امل انعاش النشاط الاقتصادي.
لكن النمو تدهور مع ذلك بنسبة 7% في النصف الاول من العام 2015.
والاسبوع الماضي لم يستبعد صندوق النقد الدولي الذي يتوقع نموا بمعدل 6,3% في 2016، احتمال "هبوط مفاجىء" للاقتصاد الصيني.
وفي الواقع كانت استثمارات بكين الكبيرة في البنى التحتية الوطنية مثل شبكة سكك الحديد للقطارات السريعة، تغذي طلبا صينيا على المواد الاولية كان يبدو غير محدود في الماضي.
لكن التباطؤ ادى الى تدهور عالمي للاسعار، وهو خبر سيء بالنسبة للبلدان التي يرتكز اقتصادها على المواد الاولية وكانت تعول على صادرات مرتفعة بشكل منتظم.
ولفت محللون في بنك الاستثمار "تشاينا انترناشيونال كابيتال كوربوريشن" الى "ان تراجع العائدات في البلدان التي تستورد منها الصين المواد الاولية ادى بدوره الى انخفاض الطلب بشكل ملحوظ على المنتجات الصينية نفسها".
وفي اب/اغسطس الماضي خفضت بكين قيمة اليوان بنحو 5% مقابل الدولار، وهو تدبير اعتبر انه يساعد الصادرات الصينية.
وقد تراجعت الصادرات الصينية في ايلول/سبتمبر بمعدل 3,7 % لتبلغ قيمتها 205,6 مليار دولار بحسب الجمارك. لكنه انخفاض اقل من 6% كما توقعت بلومبرغ نيوز.
وانخفضت الصادرات المحتسبة باليوان بنسبة 1,1% لتبلغ 1300 مليار.
واعتبر المتحدث باسم الجمارك هوانغ سونغبينغ "ان خفض (قيمة العملة الوطنية) كان له فعلا تأثير ايجابي على الصادرات".
وراى جوليان ايفانز برتشارد الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة كابيتال ايكونوميكس في مذكرة "ان ارقام الصادرات الافضل مما هو متوقع تنبىء بارتفاع الطلب الدولي".
اما الفائض التجاري في شهر ايلول/سبتمبر فتضاعف ليصل الى 60,3 مليار دولار (52,9 مليار يورو)، والى 376,2 مليارا باليوان.
وسيجتمع الحزب الشيوعي الصيني اواخر تشرين الاول/اكتوبر ليقرر بشأن الخطة الخمسية ال13 المقبلة المفترض ان تخفف من هيمنة الدولة على الاقتصاد.
لكن تدخله الكثيف ابان ازمة البورصة في شهر اب/اغسطس طرح تساؤلات عديدة حول رغبته الفعلية في ترك الدور "الحاسم" للسوق كما وعد منذ مدة طويلة.
وسلسلة المؤشرات الاقتصادية السيئة تثير قلق اولئك الذين يأملون باتخاذ تدابير اقوى لانعاش الاقتصاد.
ودعا رئيس الوزراء لي كه تشيانغ مؤخرا السلطات المحلية الى تعزيز عرضها للمساكن ذات الاسعار المعقولة، ما ينعش الامل بعودة ارتفاع الطلب على المواد الاولية لبنائها.
أرسل تعليقك