أبوظبي – صوت الإمارات
يؤكد كتاب "المأزق العربي..دراسة حول المشاريع المطروحة في المنطقة وسبل تجاوزها عربيًا"، لمؤلفه الدكتور سهيل عروسي، أنّ المنطقة العربية عرفت أوليات ومفاهيم الإصلاح قبل أن تدخل أوروبا في عصر الأنوار، كما عرفت المنطقة فيما بعد مشاريع ورؤى فكرية لم توضع موضع التطبيق، لأسباب عدّة منها:
العلاقة المتأزمة بين المثقف والحاكم، الانقطاع التاريخي الناجم عن كثرة الاحتلالات التي سيطرت على المنطقة، الفهم الخاطئ للنصّ الديني الذي هو في جوهره حرية وعمل وعقل، الدولة القطرية: كانت ولا تزال العنوان الأظهر لخراب الأمة.
ويبين الكتاب أنه نمت بذور الإصلاح الكوني في هذه المنطقة تحديداً، ثم ظهرت فرقة المعتزلة التي آمنت بحرية الفكر والاعتقاد بالعقل وقوّة الحجة. وظهرت النزعة العقلية عند إخوان الصفا وخلان الوفا، الذين قالوا إنّ الفلسفة أولها محبّة العلوم وأوسطها معرفة الحقائق، حقائق الموجودات حسب الطاقة الإنسانية، وآخرها القول والعمل بما يوافق العلم. وابن رشد الذي أعلى كلمة العقل والذي كان يتطلع إلى إقامة دولة العقل التي يحكمها الفيلسوف، أمّا ابن خلدون فما انفك يتساءل عن أسباب انهيار الحضارة العربية الإسلامية بعد أن بلغت شأوًا عظيمًا، نراه يرفض العقيدة التي يتطوّر المجتمع بموجبها لضغط آتٍ من الخارج، وحينما يبحث عن الباعث على التطوير يرده إلى المجتمع ذاته.
وبالانتقال إلى التاريخ المعاصر، نجد رفاعة الطهطاوي يقول باشتراك الشعب في الحكم وضرورة تربيته من الناحية السياسية لهذا الغرض، كما تحدّث عن ضرورة استجابة الشريعة لحاجات ومقتضيات العصر. وزكي نجيب محمود يرى أنّ عملية الولادة الجديدة للإنسان العربي قد بدأت من قرن ونصف، ومع ذلك فهي لا تزال بعيدة عن مراحل اكتمالها. فهناك طرفان في هذا الموضوع: طرف يجزع من الثقافة الأوروبية، طرف يفرح بالثقافة الأوروبية. ومنهم من يقبل التراث كلّه وبعض الغرب دون بعض، ومنهم من يجري تعديلاً في التراث وفي الغرب معاً. ولكن عبد الله العروي يرى أنّ المفكر النهضوي العربي غير منقطع الصلة مع مثيله الغربي، وأنّ لكلّ نموذج، نموذجه الغربي.
أرسل تعليقك