التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنيةتأثير العامل الخارجي على الصراعات الداخلية
آخر تحديث 13:23:14 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنية"تأثير العامل الخارجي على الصراعات الداخلية

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنية"تأثير العامل الخارجي على الصراعات الداخلية

القاهرة ـ وكالات

شكلت وحدانية خيار التطور أمام البشرية، بعد انهيار تجربة بناء الاشتراكية، في بداية تسعينات القرن الماضي، معضلة فكرية للباحثين والمفكرين المهتمين بدراسة تطور العلاقات الدولية، نتجت عنها كثرة من الإشكالات.. منها: هل وحدانية خيار التطور الاجتماعي على الصعيد العالمي المتمثل في طريق التطور الرأسمالي ينتج عنها ضرورة أخذ النموذج الأميركي للديمقراطية مثالا وحيدا للتطبيق في الدول غير المتطورة (المعروفة في الفكر السياسي سابقا بالدول النامية) التي كانت تعيش على هامش خياري التطور الاشتراكي والرأسمالي؟.. ومنها: ما هو تأثير الانتقال لوحدانية خيار التطور الاجتماعي على الصعيد العالمي على بناء الدولة الوطنية في المجتمعات التي تتخلص من الاستبداد؟.. ومنها: ما هي العلاقة بين العاملين الدولي/ الخارجي والوطني/ الداخلي في حسم الصراعات الاجتماعية على الصعيد الوطني، وما هو الحاسم فيهما؟.. وأخيرا من يعطي الشرعية للسلطات الحاكمة في الدول الوطنية، هل الشرعية الانتخابية، أم الشرعية الديمقراطية وما هو الفرق بين الشرعيتين؟ هذه الموضوعات وغيرها يتناولها الباحث الدكتور لطفي حاتم في كتابه الذي صدر مؤخرا، بعنوان «التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنية»، مواصلا أبحاثه حول تطور العلاقات الدولية في ظل نظام القطبية الواحدة وتأثيراتها على بلدان الشرق الأوسط، والتي نشرها في كتابيه «آراء وأفكار حول التطور الرأسمالي» الذي صدر عام 2008، و«موضوعات في الفكر السياسي الجديد» الصادر عام 2010. يناقش الباحث أفكاره في فصلين، ففي الفصل الأول «الدول ومصادر شرعيتها» تناول الشرعية السياسية للدولة عبر تطورها التاريخي وصولا إلى تشكل نموذجين للدول في العصر الحديث، الدولة الرأسمالية والدولة الاشتراكية، وهو الأمر الذي ارتبط بظهور خياري التطور الاجتماعي، بعد الحرب العالمية الثانية. وبخصوص أسباب انهيار نموذج الدولة الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي وبلدان أوروبا الشرقية، في بداية تسعينات القرن الماضي، يرى الباحث أنها تعود، بشكل أساسي، إلى ضعف الديمقراطية السياسية وانتشار البيروقراطية في مؤسسات الدولة. في هذا الفصل يرصد الباحث الإشكاليات الفكرية - السياسية التي نتجت عن انهيار تجربة بناء الاشتراكية وتأثير ذلك على البنية الاجتماعية للدولة الرأسمالية المعاصرة، مشيرا إلى أن «الطبقة الرأسمالية أصبحت ذات سمات كوزموبوليتية بفعل ترابطاتها الاقتصادية - المالية، المالية الإنتاجية، الخدمية والإعلامية، خلافا لسمات الطبقة العاملة التي انكفأت إلى مواقع وطنية بعد سيادة الليبرالية الجديدة، بهدف الدفاع عن مكتسباتها الاقتصادية» (صـ8). وفي ما يخص تأثير التطور السابق على الدولة الوطنية، يتوصل الباحث إلى أن «القوانين الجديدة للرأسمالية المعولمة تحد من فعالية التناقضات الوطنية بسبب وحدة وتشابك المصالح الاقتصادية: الوطنية والدولية» (صـ8). وفي الفصل الثاني، يتابع الباحث تحليل التطورات الفكرية - السياسية المتعلقة بالدولة الوطنية، مركزا بشكل خاص على طبيعة الدولة الوطنية في المنطقة العربية، بالارتباط مع تأثير قانون الاستقطاب الناظم لتطور التشكيلة الرأسمالية المعولمة، مشيرا إلى أن تفاعل هذا القانون في العلاقات الدولية أدى إلى بلورة أشكال جديدة لتعامل الدول الرأسمالية المتطورة مع البلدان العربية وفق قانون يطلق عليه الباحث «قانون التهميش والإقصاء» ووفق هذا القانون يجري «تكييف الدول الوطنية عبر ضغوط اقتصادية وسياسية واجتماعية تؤدي لنقل تلك العلاقة من التبعية التي ميزت اقتصادها الوطني في مرحلة الاستقلال والتحرر الوطني إلى مرحلة الإلحاق» (صـ116). وبناء على هذا القانون تصبح سمة عدم التكافؤ هي التي تتحكم في العلاقة بين الدول الرأسمالية والدول العربية، وأهم نتيجة لهذه العلاقة هي عدم مراعاة المصالح الوطنية، الاقتصادية والسياسية، للدول العربية. وفي ما يخص تاريخ تطور الدولة الوطنية في البلدان العربية، قام الباحث بتحليل مسارات تطور الفكر القومي وتأثيراته على بناء الدولة، باعتباره الفكر السائد خلال مرحلة تكون الدول الوطنية بعد إنهاء السيطرة الاستعمارية المباشرة في أغلب الدول العربية في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، متوصلا إلى أن الإشكالية الرئيسية للفكر القومي تكمن في غياب الديمقراطية في بنيته الفكرية، الأمر الذي أدى إلى إعاقة بناء دولة حديثة، قادرة على مواجهة مشاريع الهيمنة الغربية، وفي الوقت نفسه تلبية الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين، مما أدى إلى فقدان السلطات الحاكمة والدولة معا، الشرعية الوطنية. ومن أجل إعطاء أبحاثه واقعية، انتقل الباحث من المجرد إلى الملموس، من خلال متابعة مسار تطور الدولة العراقية الحديثة التي تشكلت في عام 1921، مستعرضا سماتها التاريخية المتمثلة، حسب رأي الباحث، بأربع سمات، الأولى احتكار السلطة من قبل نخبة قليلة، والثانية اللجوء للعنف السياسي ضد المجتمع، والثالثة البناء الطائفي، والرابعة المركزية الشديدة التي أعاقت حصول المكونات القومية للشعب العراقي على حقوقها المشروعة. إن تلك السمات هيأت الظروف المناسبة لقوى الاحتلال الأميركي بعد عام 2003 لصياغة رسمية لإعادة بناء الدولة في العراق على أساس تقاسم طائفي - قومي للسلطات الثلاث، الرئاسة والحكومة والبرلمان، وأصبح هذا التقسيم لاحقا حقوقا مكتسبة، باعتباره يمثل التنوع الطائفي القومي للتشكيلة الاجتماعية للدولة العراقية. في القسم الأخير من الفصل الثاني، تطرق الباحث إلى أسباب خفوت دور أحزاب اليسار الاشتراكي في البلدان العربية، معزيا ذلك إلى تخلف بنيتها الفكرية والتنظيمية وبالتالي عدم قدرتها على مواكبة الأحداث، بعد انهيار تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وبلدان أوروبا الشرقية. ويرى الباحث أن «تغييرات السياسة الدولية التي أنتجها الطور المعولم من التوسع الرأسمالي تعمل باتجاه تحول روابط تبعية الدول الوطنية التي ميزت حقبة المعسكرين إلى ركائز لاندماجها بصيغة الإلحاق». وبناء على ذلك يقترح الباحث أن تتحول أحزاب اليسار الاشتراكي إلى أحزاب يسارية ديمقراطية لـ«تشكل وريثا تاريخيا لكل ما أخزنته التجربة الكفاحية للحركة الوطنية الديمقراطية العربية وفاعلا نشطا في صيانة الدولة الوطنية من الإلحاق والتهميش» (صـ210). وفي ختام الكتاب، يقدم الباحث مجموعة من الاستنتاجات منها: 1) إن الاستناد إلى الشرعية الانتخابية للسلطات التي تقوم على آليات الديمقراطية، الانتخابات فقط، يضعف الشرعية الوطنية للدولة، لأن بناء الدولة الديمقراطية يشترط توفير الضمانات الاجتماعية، التي تقوم على قاعدة التوازنات الطبقية للتشكيلة الاجتماعية الوطنية. 2) إن حل مشكلة الدول متعددة القوميات يتطلب بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، على أساس فيدرالي لضمان حقوق كل القوميات، بهدف تعزيز وحدتها الوطنية. 3) تطوير المفهوم الديمقراطي للوحدة القومية على قاعدة التقارب الاقتصادي العربي المتمثل في بناء أسواق عربية مشتركة، تشكل في نهاية المطاف القاعدة السياسية لاتحاد كونفيدرالي عربي واحد. 4) إن مقاومة نهج التهميش والإقصاء الذي تعتمده الدول الرأسمالية، تتطلب البحث عن أشكال جديدة للنضال الوطني، تقوم على إشراك جميع الطبقات والفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في الحفاظ على السيادة والاستقلال الوطني، وإقامة دول تحترم حقوق الإنسان، السياسية والاجتماعية. أخيرا، تعتبر الأفكار الواردة في الكتاب، خلاصة لجهد نظري ناقد ومتابعة مباشرة من قبل الباحث، لتطور العلاقات الدولية وتأثيراتها على الدول العربية، خلال العقود الخمسة الأخيرة، مركزا بشكل خاص على نقد أفكار الباحثين في البلدان الغربية الذين يروجون لأفكار الليبرالية الجديدة، باعتبارها الوصفة النموذجية لإعادة بناء الدولة الوطنية في المنطقة العربية خلال حقبة نظام القطبية الواحدة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنيةتأثير العامل الخارجي على الصراعات الداخلية التشكيلة الرأسمالية العالمية والشرعية السياسية للدولة الوطنيةتأثير العامل الخارجي على الصراعات الداخلية



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates