قصص الأطفال بين خيانة المترجم وغياب القيم
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

قصص الأطفال بين خيانة المترجم وغياب القيم

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - قصص الأطفال بين خيانة المترجم وغياب القيم

بغداد ـ وكالات

مثل التلاقح الثقافي بين العرب والامم الاخرى، مدخلا هاما لفهم الاخر، وبوابة كبرى للتواصل، وخير ما تمثل ذلك في الحقبة العباسية، يوم فتحت ابواب بغداد لمختلف الاجناس والثقافات التي انصهرت في بوتقة حضارة، كان لها بصمتها على الانسانية جمعاء، كما كان لهذه الحضارة انعكاسها الكبير على الاندلس الاسلامية اولا ومن بعدها اوروبا الحديثة التي ظهرت عقب الثورة الصناعية، يوم تمكنت من استعمال مصادر قوة الحضارة الاسلامية لتبني هي حضارتها.ومن بين ما نُقل لنا ، بعد ان ازدهرت الحضارة الغربية وانتكست الحضارة العربية والاسلامية، الاداب بكل انواعها ومن بينها القصص المترجمة الى العربية والخاصة بالاطفال.الصدمة الاولى التي قابلتنا كانت في منظومة القيم التي بيننا وبين الاخر الغربي، فلقد ترجمت الى اطفالنا قصص تمجد من قيمة العنف وتعلي من شأنه، بل الادهى من ذلك ان بعضا من تلك القصص المترجمة جعلت من موت الاخر سبيلا للانتصار ووسيلة للبهجة، في حين عمدت قصص اخرى الى ازدراء الاخر المختلف، سواء باللون او العرق او الدين.ثم جاءت موجة اخرى من الترجمات، تحولت في اغلبها الى مسلسلات كارتونية للاطفال، وهي تستند في رؤيتها الى منظومة القيم الشيوعية، وخاصة تلك التي نُقلت لنا من الروسية، فكان للمطر شخص يختص بنزوله وقتما يشاء، واخر مختص بشأن الريح وثالث مختص بشأن الثلج وهكذا.ثيمة القيم المختلفة اضطرت المترجمين في كثير من الاحيان الى ممارسة نوع من الرقابة الذاتية على ما يترجمون، ما افقد القصص العديد من القيم الجمالية بعد اعادة صياغتها لتتلاءم مع واقعنا العربي.واذا كان المترجم، كما يقول المثل الايطالي، خائن، فانه مارس دورا اكثر خيانة في ترجمة قصص الاطفال من اللغات غير العربية الى العربية، واوقع نفسه في اشكالية الازدواجية بين ما يريد هو ان يبثه بين الاطفال العرب وبين ما ينقله من قيم من ثقافات اخرى.وضاعت الكثير من التفاصيل الفنية بعد الترجمات المتصرفة من قبل المترجمينالعرب، صحيح كان ذلك خدمة للهدف الاسمى وهو ترسيخ قيم تتناسب مع واقعناالعربي، الا انه في الوقت ذاته افقد النقاد والمتابعين للادب الغربي المهتم بادب الطفل العديد من القيم الفنية والجمالية.وكان يعوز مترجمنا العربي حرفية اكثر في النقل من اجل عدم افقاد النص خاصيته الفنية، وللاسف فان اغلب من مارس الترجمة الى العربية في حقل قصص الاطفال كانوا من غير ذي الاختصاص والالمام بعالم الطفل العربي، بعضهم مارس الترجمة بوعي المترجم الذي يريد ان يرسخ قيمة مجتمعية عربية، فتجاوز على النص وحرف فيه، وبعضهم الاخر سعى الى التصرف بالنص وفقا لما يراه ويعتقده فنقل لنا قصصا لا تمت لعالمها وواقعها الذي كتبت فيه، وبالتالي لا يمكن باي حال من الاحوال الاطمئنان الى اننا كنا على اطلاع لقصص الاطفال لدى الاخر.ولعل ما ترجم من قصص وحكايات عالمية، كانت الاكثر انتشارا والاقرب الىقيمنا، والاكثر محافظة على روح النص الاصلي، فهي ترجمت لقصص عرفتهاالشعوب في مراحلهم البدائية، ومعروف ان الشعوب كانت تتشابه الى حد كبير في قيمها قبل ان تتفرق وتبدأ بتشكيل ثقافاتها الخاصة.نحن اذن امام اشكالية مزدوجة بين قيم ثقافية مختلفة تضطر الى ترجمة غير مهنية، واخرى تتمثل بترجمة مهنية على حساب قيمنا وثقافتنا العربية والاسلامية.اخطر ما يواجه الترجمة من اللغات غير العربية الى العربية بالنسبة لقصص الاطفال، هو سيطرة قطاع انتاج ربحي على هذا الحقل الثقافي والابداعي، الامر الذي يجعلها تتجاوز على كثير من متطلبات العمل الادبي، سواء أكان ذلك متمثلا بالجانب الفني والابداعي او بالجانب القيمي الذي يجب ان يكون حاضرا في هذا النوع من القصص لطبيعة الفئة الموجهة اليها. ونحتاج اليوم الى اعادة ترجمة الكثير من نصوص الاطفال الغربية ترجمة تراعي الجانب الفني دون نسيان الجانب القيمي، بل قد نحتاج أي ترجمة فنية مخصصة للكتٌاب العرب من المهتمين بأدب الاطفال، غير تلك الترجمة التي تخصص للاطفال، سوءا كانت للمشاهدة او القراءة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصص الأطفال بين خيانة المترجم وغياب القيم قصص الأطفال بين خيانة المترجم وغياب القيم



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates