أنا وهي والأخريات والهوية المتشظية
آخر تحديث 13:23:14 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"أنا وهي والأخريات" والهوية المتشظية

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "أنا وهي والأخريات" والهوية المتشظية

في رواية لا تعقيدات تقنية فيها تأخذك الساردة (قناع الراوي) في 'أنا وهي والأخريات' للروائية اللبنانية جنى فواز الحسن، من أول استهلالها وحتى خاتمتها في جلسة بوح عن 'هي والأخريات'، لكنك أيضا تكتشف أن الكل حاضر في ثنايا العمل، إذ لا خصوصية للأنا والذات في المجتمع البطريركي القمعي الذي تعاينه الحسن. تسائل الرواية مجتمعا يعيد تخلفه وتنقلب فيه صورة الراوية (سحر) إلى وجه آخر من أمها الهاربة منها، ويصبح المتشدد دينيا وجها قمعيا عنيفا، يستعيد إرثا غير متسامح يبرر به مهاجمة الآخر المخالف، ويستخدم عنفا غير مسوغ مع الآخر (المرأة).ويحضر في الرواية أيضا الماركسي المسلوب من حياته إلا تلك المعيشة في الأوراق التي يغرق فيها، وهما معا يعكسان هوية غائمة للمجتمع الذي يعيد إنتاج بنيته المتخلفة والقمعية، ويصبح مقاومو تلك البنية المجتمعية المراد الثورة عليها ملوثين بدائها.تحكي سحر المولودة لأب ماركسي –انهار جدار برلين وتفتتت عرى الشيوعية وهو بعد يحلم بالعدالة التي تشي بها- وأم متدينة يختلط الدين لديها بالموروث الشعبي (الشعوذة) التي تلجأ إليها لإعادة وصل حميم مع الزوج الذي توحد مع أحلامه وقراءاته وصور تشي غيفارا وغيره من ثوريين حالمين.هذا انشطار أول للهوية وقد غدت هويات، والأنا التي تصبح فيما بعد 'أنات'، و'كأن الأنا التي تعيش فعلا، تراقبها أنا أخرى ترقب الأحداث وتسجلها'.وفي زمن مبكر تبدأ الأنا المحاصرة في البحث عن ذاتها في المجاميع الذين تسجل الرواية حكاياتهم، زوجها الذي ترتبط به وتظل أسيرة لنظرته عن كونها بنت الكافر الملحد، وصديقتها هالة التي تعيش قصة حب خائبة وزواج ينتهي مبكرا ليفضي بها ذلك إلى غير ما هي عليه، ومكان (طرابلس) في لبنان ترصد فيه بدايات انشقاق الهوية المجتمعية وبروز الديني المتشدد.وفي الرواية حكايات عن 'خيانات' ترفض سحر تعريفها وفق الرؤية المجتمعية، فالخيانة يفترض أن تكون لمشاعر حقيقية بين الأزواج، وهي غير موجودة أصلا لا في حالتها -وهي التي كان الزواج لها بمثابة طوق نجاة من عائلتها ورحمها الاجتماعي الأول- ولا بطلاتها هالة وغيرها.وبالتالي فإن الأجساد تبحث إما عن ملاذات مشاعرية كما 'ربيع' بالنسبة لها، وهو المنشطر على ذاته أيضا، أو في حالة هالة التي تجد في السفر ملاذا أخيرا لها، وكأنما الخيانة حسب مسوغات الرواية أداة الجسد للانتقام وربما الدفاع عن روح تسحق.وفي الرواية أيضا كذب كثير هو ملجأ الساردة في بوحها، غير أن هذا الكذب يغدو واقعيا أكثر من الواقعية ذاتها لمجتمعات مقهورة تشع غرائبية وعجائبية، كما مجتمعات تعاينها وتسائلها الرواية.كما أن القمع والتعنيف الذي تنال البطلة كثيرا منه على يد زوجها ليس حكرا على العائلة بوصفها حاضن المجتمع الصغير، فهو يتسلل إلى السلطة باعتبارها بنت المجتمع المقهور الشرعي، هكذا في لقطة سينمائية موظفة بعناية تخترق رصاصة إحدى شخصيات الرواية التي لم يستطع أن يتخلص من مشهد اغتصابه في أحد معتقلات السلطة.لا حكاية معقدة إذن، تفاجئ بها الرواية التي شقت طريقها إلى قائمة بوكر الطويلة وصدرت عن الدار العربية للعلوم، فهي حديث الصحف والتناول اليومي عن زوجة تعنف وعدم تكافؤ في الرباط الزوجي، وشباب يفرون إلى بؤر الجهاد لا لتحقيق نصر بل للهروب من ذواتهم، وهويات تتمزق وتنشطر.غير أن الرواية على حميمية البوح فيها تعيد المتلقي إلى مقولات 'هشام شرابي' عن المجتمع الأبوي المغلق، وتعيد السؤال عن القاع السوسيولوجي وبناه المتكلسة التي لا تفرز ثورة عليه بقدر ما تعيد إنتاجه. في الرواية أيضا حديث طويل حول إعادة شرعية السؤال عن الهوية والأيديولوجيات التي تعد أقنعة للراسخ والثابت، الذي يفرز السلطة القمعية ويمد الاستبداد بوقوده المشتعل على الدوام.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا وهي والأخريات والهوية المتشظية أنا وهي والأخريات والهوية المتشظية



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates