ميلة - واج
ما يزال التراث الفني العيساوي يزين ركح دار الثقافة مبارك الميلي بمناسبة الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة المتواصل إلى غاية الحادي عشر من ديسمبر الجاري . و في زخم من الديكور المنسجم الجميل الذي يعرض تقاسيم الفرجة العيساوية يتوالي مرور الفرق العيساوية القادمة من شتى مناطق البلاد وفق برنامج متوازن يسعى لتكريس مزيد من الاحترافية كما وصفه الباحث في التراث الصوفي السعيد جاب الخير. وقد تميزت السهرة الثالثة من هذا المهرجان ليلة السبت إلى الأحد بمرور فرق من مناطق عريقة بتراثها العيساوي مثل فرقة الجمعية الصوفية القادرية لعين البيضاء بولاية أم البواقي و جمعية عيساوة التراثية للمدية و الإخوان الحفوظية للمدائح ببسكرة إلى جانب فرقة عيساوية من قالمة. وقد أستمتع الحضور بقاعة دار الثقافة بالأهازيج و الأذكار و الأوراد التي قدمت من مدارس فنية تختزل علاقة قديمة للطبوع المحلية بالتراث الصوفي العيساوي العريق.
قبل ذلك كانت السهرة الثانية للمهرجان الجمعة الأخير أجمل فنيا مع أداء متميز لفرقة الجمعية العيساوية لمدينة القل (سكيكدة) ذات التشكيلة الشابة التي تسعي لاستمرارية تراث طويل للجمعية التي ارتبطت دائما مع تراث دخل منطقة القل مبكرا أي في سنة 1884 قادما من زاوية "وزرة" بالمدينة حيث عرفت أول زاوية للطريقة العيساوية بالجزائر.
ولم تكن فرقتا "نسيم العلى" من مستغانم وجمعية الفلكلور البدوي "سلمانة" من تيسمسيلت أقل شأنا من الناحية الفنية إذ أنها عكست بحق كيف ارتبط الفن العيساوي بالتراث المحلي البدوي وباستعمال الآلات المحلية مثل الغايطة والبندير.
وربما كان العيساوة حسب الباحث جاب الخير أكثر الفرق الصوفية في الجزائر اندماجا في الطبوع الفنية المحلية كما سجل لهم حفاظهم على التراث الأندلسي الذي كان مهددا بالضياع بعد خروج المسلمين من الأندلس .
وشهد اليوم الثالث من هذا المهرجان أيضا تنظيم أول ندوة فكرية نشطها عدد من الباحثين مثل عمر محمود شعلال الذي اهتم بالجناب الاجتماعي في الطريقة العيساوية مع أخذه نموذج زاوية الشيخ الجازولي الولهاشي بعين تيموشنت.
ومن جهته تحدث الباحث السعيد جاب الخير عن الأصول الشرعية للتربية و الممارسة في الطرق الصوفية (الطريقة العيساوية على وجه الخصوص) بينما تناول الفنان بن عبد الله زين الدين عن تاريخ هذه الطريقة التي ارتبط بها هذا الفن.
و ستشهد فعاليات هذا المهرجان في الأيام القادمة مزيدا من العروض الفنية التي ستقدمها فرق أخرى قادمة من مختلف مناطق البلاد ومنها قسنطينة وسوق اهراس و بشار وغرداية وعناية و تلمسان .
وتشارك في هذه الفعاليات التي اتخذت العيساوة "فن تراث و أصالة" شعارا لها 28 فرقة من 15 ولاية عبر الوطن حسب ما أفاد به محافظ المهرجان.
أرسل تعليقك