دبي ـ وكالات
لا تزال أبوظبي مصرة على التعريف بالتراث الإماراتي عند كل مهرجان أو فعالية تقوم على أرضها، ليس لإثبات هويتها الثقافية أمام زوارها من السياح فقط، بل من أجل ترسيخ هذا التراث كنمط حياة ضروري وأساسي بين أبناء الجيل الناشيء من الإماراتيين وإشراكهم بكل تفاصيله.فقد انطلقت عصر الجمعة 18 يناير/كانون الثاني الجاري في القرية التراثية بمنطقة كاسر الأمواج في أبوظبي، التظاهرة التراثية السنوية تحت عنوان "المهرجان التراثي للقرية التراثية" والتي تعرض أهم مفردات ماضي الإمارات وعلاقتها بالبيئة الجتماعية وتأثيراتها على الحالة الاقتصادية التي أسهمت بدورها في تأسيس قواعد الدولة ورؤيتها المستقبلية.في العموم وخارج أوقات التظاهرة، يستطيع زوار "قرية التراث" التعرف على نمط الحياة البدوية القديمة في أبوظبي من خلال مشاهد تجسد المخيمات الصحراوية التقليدية، بما فيها الخيام المصنوعة من شعر الماعز، وموقد النار الذي تتوسطه دلال القهوة العربية.وتضم القرية كذلك ورشا عديدة يقوم فيها الحرفيون بصنع منتجات تراثية تقليدية، كالأدوات المعدنية والأواني الفخارية والحياكة. كما تضم مجسمات واقعية للآبار القديمة ونظام الري والمنازل الطينية وقرى صيد السمك والأسواق الشعبية. وتؤمن فرصة لزوراها بالاطلاع على محال بيع التوابل والهدايا التذكارية، وبعض المصنوعات اليدوية مثل أدوات الغوص والمجوهرات والأسلحة.وتأتي التظاهرة وسط جوٍ شتوي ليستمتع بها الزوار ويستطيعون مشاهدة خصوصية هذا الطقس في نمط المعيشة القديم لدى الإماراتيين، وكيف كانوا يتأقلمون معه في استخداماتهم وتنقلاتهم. حيث يتوقع القائمون على المشروع، زيارة الآلاف من المواطنين والوافدين ليشاركوا في الفعاليات والأنشطة المقامة على هامش الفعالية.عدة نقاط أسهمت في جعل هذا الحدث يرتقي بكونه مهرجاناً على مستوى الدولة والمنطقة، أولها الدعم الحكومي الخاص على اعتبار أنه تحت رعاية الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان رئيس نادي تراث الإمارات. إلى جانب استحضارها لمجمل العادات والتقاليد التي تؤسس لجيل مستقبلي يسير على أسس الجيل القديم. بما يشعرهم بأهمية المحافظة على الموروث الثقافي التاريخي عند التفكير بأي مشروع حضاري أو تربوي، تقديراً لجهود الآباء والأجداد الذين عملوا طوال حياتهم لمواجهة ظروف البيئة الصحراوية القاسية وتطويعها لتتناسب مع احتياجاتهم الإنسانية.على أرض القرية، قام بتنفيذ البيئة المشابهة لتلك التي عاشها أبناء المنطقة منذ مئات السنين، أعضاء النادي من الرجال والنساء وبمختلف أعمارهم، فتشاركوا جميعهم للوصول إلى نتيجة نهائية مشابهة للمجتمع القديم بأدق تفاصيله. إذ قاموا بتصميم كامل للمكان وأشرفوا على تنفيذه، وكانوا هم من قاموا بصناعة كل المنتوجات اليدوية الموجودة في الخيم والمحال الطينية ضمن القرية.إلى جانب كل الأغراض التقليدية والتي يستطيع الزوار شراءها مثل الملبوسات التراثية، يستمتع الضيوف بتذوق أطيب المأكولات الشعبية من صنع النسوة الإماراتيات والتي تنقسم إلى وجبات رئيسة وحلويات وبالإضافة إلى تذوقهم التمور بأنواعها والقهوة العربية على الطريقة المحلية.وللأطفال مساحة واسعة في ممارسة الألعاب الشعبية التي كانت محور حياة أولاد وبنات الجيل القديم، ذاك الجيل الذي لم يشهد التطور التكنولوجي الحالي. وتتميز الألعاب الموجودة بكونها تفاعلية وحيوية تعتمد على الحركة وتنشيط العقل والجسد. فهي لا تقتصر على أداء حركات معينة وفق الخطط المعهودة لكل لعبة، إنما تهتم بتشغيل العقل وإدخال الفكر الإبداعي في كل محاورها ومراحلها.طبعاً ولم تنسَ التظاهرة أنّ وجود العروض الشعبية الراقصة من خلال بعض الفرق الإماراتية، سيزيد من حماسة الجمهور وسيضفي الجو الحقيقي الذي لطالما اشتهرت به الإمارات كدولة خليجية مارس أبناؤها هواياتهم في الرقص والغناء وسط جوٍ صحراوي يستقرئ الروح البدوية الأصيلة ويعمل على تعزيزها
أرسل تعليقك