الحبّ والأمل في زمن الحرب والعنف إيمان حميدان
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الحبّ والأمل في زمن الحرب والعنف إيمان حميدان

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الحبّ والأمل في زمن الحرب والعنف إيمان حميدان

الحبّ والأمل في زمن الحرب والعنف إيمان حميدان
القاهرة -صوت الامارات

لا تبتعد رواية إيمان حميدان الجديدة «خمسون غراماً من الجنة» عن أجواء روايتيها السابقتين «باء مثل بيت مثل بيروت»، و«حيوات أخرى». فالمكان والزمان يظلان ثابتين عند إيمان: بيروت والحرب. وربما يتساءل قارئ هذه الرواية أو ما سبقها عن معنى الثبات في شخصيات تنتقل من مدينة إلى أخرى، ومن مرحلة إلى أخرى، لكنّ الحرب الأهلية تبقى هي الفترة الزمنية التي تؤطّر أحداث رواياتها فيما تظلّ بيروت بوصلةً تُحدّد مسارات شخصياتها المتنقلة في جغرافيات التيه. وإن كان «الفقد» هو الموضوعة الرئيسة في الروايتين السابقتين، فإنه يتجدّد كموضوعة أساسية في «خمسون غراماً من الجنة».  من هنا، لا نستغرب أن تقول الكاتبة إنها أكملت في هذه الرواية دائرة ما، علماً أنّ الدوائر في الكتابة لا تنتهي، بل كل دائرة هي مقدمة لدائرة ثانية وثالثة».


تتلاعب حميدان في زمن السرد، استباقاً واسترجاعاً، وتُحرّك شخوصها بين الأمكنة ذهاباً وإياباً، فتبدو روايتها الغنية في تقنياتها أشبه برحلة شاقة بين حياةٍ مُهددة وموت مُرتقب. (مرض زياد- زوج مايا- في باريس وموته في بيروت، خوف نورا في سورية ومقتلها في لبنان، نجاة جدّة نورا في أرمينيا...).
تنطلق الرواية في «بيروت- آب 1978»، أي في خضم الحرب الأهلية التي قسمت بيروت إلى شرقية وغربية على مدار 15 عاماً، من 1975 حتى 1990. يُسيطر الخوف على نورا بعد أن تشعر بأنّ ثمة من يُلاحقها. وليس غريباً أن تفتتح حميدان روايتها بمشهد الفزع الهائل في مدينة لا يعرف فيها المرء إن كان سيعود إلى بيته ثانية أم أنه سيُردى قتيلاً أو ينتهي مخطوفاً أو ربما مدفوناً في مقبرة جماعية. «ارتخت ساقاها وكادت أن تقع على أرض الرصيف. رغم ذلك تابعت نورا السير بوتيرة مسرعة. دقات القلب كنقرات طبل، كأنّ قلبها يسكن أذنيها ويصيح».
وفي قلب بيروت الخائفة والصامتة، مثل أبنائها، تُختطف نورا السورية، وهي التي ارتأت العيش حرّة في مدينة الحرب على أن تبقى ذليلة في مدينة القمع، وتُقتل في حادثة انفجار مدبرة لتتناثر أوراقها من داخل مغلّف كانت تحمله بإحكام، ومعها صورة شمسية لطفل رضيع. وفي وثبة زمنية تنقل القارئ إلى «حزيران 1994»، تُقدّم الكاتبة بطلتها مايا التي تفشل في إيجاد سيارة تنقلها من شارع الحمرا (المنطقة الغربية المسلمة) إلى الأشرفية (المنطقة الشرقية المسيحية)، في إشارة إلى بقاء الحرب، كأثر نفسي وطائفي، في أذهان اللبنانيين المنقسمين إلى مِللٍ وأحزاب.
مايا التي فقدت بيروتها وزوجها وأنوثتها، تستعيض فجأة عن كلّ خساراتها حقيبة تضم أوراقاً باهتة اللون، أكلت الرطوبة جزءاً من أطرافها. «لن أتركها هنا، ربما هي كل ما أبحث عنه. ربما سأجد هنا قصص أناس رحلوا وهي الأثر الوحيد والشاهد على حياتهم. من يعلم، ربما هذه الحقيبة انتظرتني سنوات لأُخرج ما فيها إلى النور والعلن».

ومن هذه الأوراق التي وجدتها صدفة في قبو قذر ومهجور خلال عملها كمساعدة لمخرج فرنسي يُدعى برونو يُصور وثائقياً عن حرب بيروت الأهلية، تكتشف حكاية حبّ هائلة بين كمال فرات ونورا.
تتولّد أحداث هذه القصة الغامضة من حكايات موزعة بين «رسائل اسطنبول»، التي يكتبها التركي كمال بصوت المتكلّم، ويوميات نورا أبو صوّان. تتعدّد إذاً أصوات الرواة في  «خمسون غراماً من الجنة»، واللافت أنّ حميدان تُقحم الرجل للمرّة الأولى كراوٍ في عملها، بحيث سمحت لكمال فرات بأن يمسك زمام السرد عبر رسائل موجهة إلى نورا، كتبها بين 1975 و1987. وقد تكون صورة كمال فرات، هي صورة الرجل المُشتهى والنقيض للرجل في روايات حميدان السابقة.
«بين الافتراق واللقاء تلعب الحكاية بأروقة الزمن»، ما يقوله كمال فرات في إحدى رسائله يُمثّل تماماً الهيكل الذي تقوم عليه فكرة الرواية، وعصبها. الشخصيات تتوزع بين أمكنة وأزمنة مختلفة، لكنها تلتقي في نقطة ما لتتولّد من هذا اللقاء، وإن كان عابراً، حكايات تُشبه حكاياتنا، نحن الذين نولد ونموت في محيطٍ يتغذّى من العنف... العنف في وجوهه المختلفة.

 

 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحبّ والأمل في زمن الحرب والعنف إيمان حميدان الحبّ والأمل في زمن الحرب والعنف إيمان حميدان



GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates