مؤسسة زايد الخيرية وجامعة محمد الخامس تنظمان ندوة علمية

افتتح الدكتور فاروق حمادة المستشار الديني في ديوان ولي عهد أبوظبي مدير عام جامعة محمد الخامس - أبوظبي .. ندوة علمية بالتعاون مع مؤسسة زايد بن سلطان ال نهيان للأعمال الخيرية والانسانية لتعريف الطلبة بـ " معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية " وأهميتها كموسوعة أساسية يستفيد منها رجال القانون والقضاء والتشريع لوضع القوانين والانظمة التي تقيم الحق والعدل بين الناس.

ووصف الدكتور حمادة هذه " المعلمة " بأنها " ومضة نورانية منبثقة عن الكتاب والسنة " بجانب كونها انعكاسا لمشاعر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان - طيب الله ثراه - ورغبته أن يضع أمام المسلمين وجميع الناس مجموعة من القيم المرتكزة على كتاب الله وسنة رسوله الكريم ..

ووجه الطلبة بأن يطلعوا على هذه المعلمة ويدرسوها بتمعن للاستفادة منها علميا وعمليا.

وقال إن القيادة الرشيدة ترعى هذه البذرة الفقهية والومضة النورانية فهي فريدة من نوعها حيث تقع في / 41 / مجلدا ومحطة مهمة في تاريخ الفكر الإسلامي .. مشيرا الى أنه سيتم تزويد طلبة الجامعة بنسخ منها ووضعها في أجهزتهم الالكترونية للتسهيل عليهم بالرجوع اليها والاطلاع على الذخيرة الفقهية التي تكتنزها.

وأشار الى أن " المعلمة " محطة بارزة في تاريخ الفكر القانوني والتشريعي وجسر قانوني للتواصل الحضاري بين الشعوب والأمم وهي خلاصة فكر مبدع لإقامة العدالة بين الناس والعيش المشترك في رحاب الكون لحفظ حياتهم واموالهم وكرامتهم .

من جانبه تناول سعادة أحمد شبيب الظاهري مدير عام مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والانسانية في كلمة له خلال الندوة .. توجيهات سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء المؤسسة وسمو الشيخ عمر بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الأمناء التي تؤكد دائما على ضرورة الاهتمام بهذه " المعلمة الفقهية " والتعريف بها وشرح اهميتها لكل قطاعات المجتمع .

وقدم الظاهري نبذة عن مؤسسة زايد للاعمال الخيرية والانسانية .. وقال إن المغفور له الشيخ زايد - طيب الله ثراه - انشأ المؤسسة خلال عام 1992 ووضع لها وقفا بقيمة مليار دولار وهي تقوم الان بالاعمال الخيرية التي تفيد الناس خاصة المحتاجين منهم داخل الدولة وخارجها كما تهتم بقطاعات التعليم والصحة والثقافة وكذلك الاعمال الاغاثية وتقديم الجوائز للمتميزين وانشاء المراكز العلمية .

واستعرض الظاهري في كلمته المراحل التي مرت بها عملية انجاز هذه المعلمة الفقهية الفريدة من نوعها بإعتبارها مرجعا علميا مهما ومن أهم الإصدارات في العالم الاسلامي وإنجاز علمي كبير في مجال مد الجسور بين المجتهدين من الفقهاء والمفتين.

وأوضح أن " معلمة زايد الفقهية " تعتبر من أهم المراجع الفقهية في العالم الإسلامي وتضم / 41 / مجلدا جمعت آلاف القواعد الفقهية وعلى المذاهب الثمانية المتواجدة في منطقة الخليج العربي لتكون دليلا علميا للعلماء ينهلون منها أدلتهم الفقهية المعتمدة على إجماع العلماء الأجلاء والباحثين المجدين .. مشيرا الى ان العلماء والباحثين بذلوا جهدا مكثفا استغرق / 15/ عاما لإنجاز هذه المعلمة الضخمة وراجعها رهط من كبار المرجعيات الدينية العلمية في العالم الاسلامي .. منوها بأنها تتضمن القواعد المقاصدية والفقهية والضوابط والقواعد الاصولية وصدر منها طبعة إلكترونية.

كما استعرض المراحل الاربع لانجاز هذه "المعلمة" وهي الفكرة التي قامت عليها ودعم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" لهذه الفكرة منذ بدايتها وكذلك أهمية القواعد الفقهية والاصولية والمرحلة التي استغرقتها عملية جمع القواعد .

وذكر أن مجمع الفقه الاسلامي الدولي الذي يتبع منظمة التعاون الاسلامي في جدة بالمملكة العربية السعودية هو الذي اقترح فكرة انجاز هذه "المعلمة" وما أن عرضت على المغفور له الشيخ زايد حتى استجاب لها ووفر لها الميزانية الخاصة حتى تم انجازها كمرجع علمي يجمع كل القواعد التي يستند اليها العلماء في إصدار فتاويهم وأحكامهم الشرعية على مختلف القضايا التي تهم الفرد والمجتمع.

وقال الظاهري إن اهمية هذه " المعلمة " تتمثل في افتقار المكتبة العربية الاسلامية لكتاب جامع للقواعد الاصولية والفقهية حيث أنها موزعة باشكال مختلفة وألفاظ متعددة وصور تعبيرية مكررة فكانت المعلمة جامعة لكل هذه القواعد المقاصدية وشارك في جمعها وانجازها نخبة من العلماء الافاضل الذين لهم موقعهم المتقدم في الفقه والعلم حيث عملوا بجد على انجاز مرجع فقهي يجمع بين دفتيه القواعد الاصولية والفقهية على المذاهب الثمانية المنتشرة في العالم الاسلامي .. مشيرا الى أن هؤلاء العلماء جمعوا قبل انجاز هذه المعلمة نحو مائة الف قاعدة فقهية وبعد دراستها وتنقيحها ومراجعتها اعتمدوا نحو ثلاثة الاف قاعدة فقط جرى عرضها على مجمع الفقة الاسلامي من خلال اللجنة العلمية وتم عرض كل منها على علماء المذاهب الاسلامية ليكون الاجماع عليها دون افراط او تفريط .

وأضاف أن العلماء استخدموا في انجاز هذه "المعلمة" اللغة السهلة والتعبير المفهوم لدى الجميع ..واشتملت على آراء جديدة بعد أن استجدت في الحياة أمور كثيرة احتاجت الى أحكام وفتاوى في امور مثل الطب والمال والمصارف والعقود وامور التجارة والتكنولوجيا وغيرها من مبتكرات العلم الحديث.

وأشار الى أن مؤسسة زايد وقعت اتفاقية مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع على ترجمة " المعلمة " الى اللغات الشعبية في عدد من دول العالم لكي تصل اليهم بلغاتهم التي يعرفونها .

والقى الدكتور احيا الطالبي من جامعة محمد الخامس - أبوظبي .. محاضرة حول " المعلمة " بعنوان " معلمة زايد بين التقعيد الفقهي والتطبيق الفرعي" .. أكد خلالها أن معلمة زايد الفقهية والاصولية تشكل إحدى الدواوين الأصولية وأهم الموسوعات التقعيدية في عالمنا الفقهي المعاصر تعكس تطلع واضعيها وحرص منظريها على الرقي بالتشريع الى مدارج الصعود والرفع بالتراث الفقهي الى مراقي الصعود ليواكب ماتعيشه المجتمعات والامم من البناء والتشييد والتطوير والتجديد.

وأوضح أن تناول " المعلمة " من المنظور التقعيدي يقتضي ان ينظر الى جهود القائمين عليه من المنظرين وحاملي المشروع من زاويتين اساسيتين هما زاوية التنظير وزاوية التطبيق العملي .

وقال ان الفقهاء ادركوا أهمية القواعد الفقهية في إنشاء وحدة فكرية لدى الفقيه الذي يتصدى للإفتاء أو التأليف أو التدريس أو القضاء حيث إنه يعتمد معيارا ثابتا دقيقا ومنهجا عميقا يضبط به فروع الأحكام ويخرج عليه ما يعرض له من جزئيات ويستنبط بواسطته الحلول الملائمة للنوازل والوقائع .. وهي تؤدي إلى حصول الطمأنينة للفقيه المقلد إذ بوقوفه على هذه القواعد وتفريعاتها يطمئن على عمله الذي يتبع فيه غيره فيما يعمل.

واشار الدكتور الطالبي الى ان الحديث كثر في الآونة الأخيرة حول طرق استثمار أحكام الفقه الإسلامي في إعداد التشريعات المعاصرة وصياغتها بما يتفق ومتطلبات المرحلة الحالية التي تتميز بمظاهر متعددة تنبئ عن نهضة فقهية أصولية مقاصدية تروم مواكبة المستجدات ومسايرة التطورات .. ومن هنا نلمس أهمية القواعد الفقهية - باعتبارها خلاصة الفكر الفقهي - في العمل على تيسير تقنين الفقه الإسلامي واستثمار التشريعات الحديثة لها في مجال صياغة النصوص وتفسيرها.

وذكر الدكتور المحاضر مجموعة من مصطلحات ذات الصلة بالقواعد الفقهية كما حددتها " المعلمة " أبرزها الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الاصولية .. مشيرا الى أن القواعد الأصولية هي القواعد المنهجية المتبعة في الاستنباط والاجتهاد أي القواعد التي يعتمدها المجتهد للنظر في الأدلة الشرعية واستخراج الأحكام والحلول الشرعية منها .. فهي أسس يتوصل بها لاستخراج الأحكام من أدلتها الشرعية .. أما القواعد الفقهية فهي الأحكام الشرعية ذاتها لكنها أحكام عامة تحتوي على مسائل وجزئيات كثيرة ومتنوعة .. فالقواعد الأصولية تعنى بدراسة الأدلة الشرعية ومن ثم استخراج قواعد هذه الأدلة ليمكن بناء الحكم عليها .. أما القواعد الفقهية فتعنى بتقرير الأحكام العامة لأفعال المكلفين.

وأوضح أن " المعلمة " في هذا السياق التنظيري .. أبرزت أسس ومصادر التقعيد الفقهي في الكتاب والسنة وكتب الفروع وشغلت الأنواع والتصنيفات حيزا هاما ضمن هذا التصدير التنظيري فنجد القواعد الكبرى والكبيرة والمتوسطة وهو تصنيف لم يسبق اليه في دراسات اهل الفن قديما وحديثا أما المصادر التي تستمد منها القاعدة الفقهية فمتنوعة فبعضها مأخوذ من نصوص الكتاب والسنة والآثار الواردة عن السلف وبعضها مستخرج بالاستنباط وإعمال النظر في مختلف أدلة الشريعة وبعضها راجع الى مبادئ الشريعة الاسلامية التي انبثقت عن أصول وأسس متضافرة ترجع إليها الأحكام الشرعية.

ولم يفت منظرو " معلمة زايد " للقواعد أن يذكروا مقومات صياغة القاعدة و هي الأمور التي تتحقق بها قاعديتها وتضمن لها أن تكون سليمة صحيحة لا يرد عليها ما ينقضها أو يقدح في قاعديتها والذي يجعلها كذلك جملة أوصاف تتعلق بمضمونها وموضوعها وصيغتها .

بدوره تحدث الدكتور محمد خروبات من جامعة محمد الخامس عن "معلمة زايد الفقهية" في محاضرة بعنوان " المعلمة والبحث العلمي " انطلق فيها من واقع حاجة الباحثين إلى المعلمة طلبة وأساتذة وبسط جوانب التسهيل والتيسير اللذين تقدمهما المعلمة للبحث العلمي ثم الجوانب المهمة التي يستفيدها الطالب الباحث من المعلمة .

وبين الدكتور خروبات أهمية "المعلمة" في الجانب العلمي و حرص إدارة جامعة محمد الخامس- أكدال أبوظبي على الاهتمام بالمعلمة والحرص عليها في البرامج والمقررات داخل الجامعة ثم تكلم عن الأمور التقنية التي يتواصل بها الطالب الباحث مع المعلمة ولاسيما استغلال الفهارس الموضوعة لهذا الغرض .

وفي ختام الندوة دعا المستشار الدكتور فاروق حمادة الطلبة الى الاطلاع على " معلمة زايد الفقهية " وقراءتها جيدا ثم تقديم استفساراتهم الى ادارة الجامعة حول المعلمة .. و اقترح المستشار عبدالحميد عبد المجيد المستشار بمؤسسة زايد للاعمال الخيرية والانسانية تلخيص ما دار في الندوة وطباعته في كتيب يوزع على الطلبة وذوي الاختصاص لافساح المجال لهم للاستفادة أكثر من هذه المعلمة الفريدة من نوعها وقد تمت الموافقة على هذا الاقتراح .