شهد مقر تحدي القراءة العربي في دبي، صباح أمس، اختتام تصفيات تحدي القراءة العربي في دورته الثالثة، على مستوى الإمارات، وذلك تمهيداً لاختيار بطل التحدي، وأفضل مدرسة وأفضل مشرف على مستوى الدولة، ليتنافسوا بعد ذلك، مع أقرانهم المتأهلين من الدول العربية المشاركة في الدورة الثالثة من تحدي القراءة العربي، والذين تمكنوا من الوصول إلى التصفيات النهائية، قبيل إعلان الفائز في تحدي القراءة العربي لهذا العام، وذلك خلال حفل سيقام في دبي خلال أكتوبر المقبل.
ووفق الإحصائيات، فقد وصل إجمالي عدد المشاركات في الدورة الثالثة لتحدي القراءة العربي في الإمارات إلى 351.976 طالباً، يمثلون جميعاً 1245 مدرسة على مستوى الدولة، في حين وصل عدد المشرفين عليهم إلى 2300 مشرف مشارك.
ومع إشراقة صباح أمس، تواجدت «البيان» في أروقة مدرسة البحث العلمي، بمنطقة مردف بدبي، حيث مقر التصفيات، التي حولت ردهات المدرسة إلى أشبه بخلية نحل، بعد أن قصدها ما يفوق 400 طالب وطالبة، يمثلون مدارس دبي والمناطق الشمالية، حاملين معهم جوازات سفرهم، التي حملت بين دفتيها ما قرأوه ولخصوه من كتب اطلعوا عليها خلال الفترة السابقة، تمهيداً لمقابلة لجان التحكيم الذين توزعوا في مجموعة من الغرف المغلقة، ضماناً للشفافية في عملية التحكيم.
تركيز واهتمام كبيران من الطلبة قبل مقابلاتهم مع اللجان
طموحات
ورغم حالة الحماس التي دبت في أروقة المدرسة، إلا أن مشاعر القلق من عدم الفوز ظلت طوال الوقت ترافق الطلبة، والمشرفين عليهم، الذين لم يبخلوا عليهم بسرد عبارات التشجيع التي رفعت من طموحات الطلبة لتعانق السماء، في وقت بلغت فيه المنافسة فيما بين الطلبة على أشدها، آملين اعتلاء منصة المركز الأول، والفوز بلقب تحدي القراءة العربي في الإمارات، خلال الحفل النهائي الذي سيقام قبل نهاية الشهر الجاري، في كلية التقنية العليا للطلاب في دبي.
وفي حديثه إلى «البيان»، أكد عبد الله النعيمي، المنسق التنفيذي لمشروع تحدي القراءة العربي، أن المشروع ينطلق أساساً من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والهادفة إلى غرس ثقافة القراءة لدى الأجيال الجديدة والنشء، بحيث يمكن الاستثمار في هذه الفئة العمرية لتحقيق النجاح.
وأشار النعيمي إلى أن ما شهده مقر تحدي القراءة العربي من حضور في دبي في دورة التحدي لهذا العام، إنما هو جزء من التصفيات التي تخضع لها كافة المدارس المشاركة في تحدي القراءة العربي على مستوى الإمارات.
وأضاف: «ضخامة العدد المشارك هذا العام في التحدي، دعانا إلى توزيع التصفيات على أكثر من يوم، بحيث خصص يوم لإمارة أبوظبي والمناطق المحيطة بها، وخصص يوم آخر لإمارة دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين، ويوم لإمارة رأس الخيمة وآخر لإمارة الفجيرة، وذلك حتى نتمكن من حصر المنافسات، وإعلان النتائج الخاصة بالعشرة الأوائل».
وأكد النعيمي أن الإعلان النهائي عن الفائزين بالمراكز العشرة الأولى على مستوى الإمارات، سيتم قبل نهاية الشهر الجاري، خلال حفل سيقام في كليات التقنية العليا للطلاب في دبي الواقعة في مدينة دبي الأكاديمية، مشيراً إلى أن الحفل سيكون بحضور معالي جميلة المهيري، وزيرة دولة لشؤون التعليم العام.
غالبية الأسر حضرت إلى مقر المنافسات لتشجيع أفرادها المشاركين
لغة عربية
نحو 36 لجنة تحكيم، تم تأليفها لمواكبة التصفيات الخاصة بالتحدي على مستوى الإمارات، في حين تولت، أمس، عملية التحكيم في التصفيات 10 لجان تحكيم فقط، تواجدت في مقر التحدي بدبي، حيث التقت المئات من الطلبة الذين وقفت «البيان» شاهدة على أحلامهم وطموحاتها، حيث التقت بعضهم، ومن بينهم الطالب حمد صالح ناصر، البالغ من العمر 10 سنوات، الذي آثر الحديث عن مشاركته في التحدي، باللغة العربية الفصحى، ليعبر من خلالها عن علو طموحاته، وليؤكد على مقدار الثقافة التي حصل عليها جراء مواظبته على القراءة التي قادته إلى الانضمام إلى ركب المشاركين في تحدي القراءة العربي.
وقال حمد الذي يدرس في الصف الخامس في المدرسة النهيانية بمدينة العين: «أعشق القراءة والثقافة بشكل عام، وهو ما دعاني إلى المشاركة في التحدي، الذي زاد من منسوب الثقافة لدي بشكل كبير، واستفدت من طبيعة الكتب التي قرأتها وكذلك الكتاب والأعلام الذين قرأت لهم، مثل: العقاد، بحيث تحولت القراءة بالنسبة لي أشبه بمفتاح سحري يدخلني إلى عوالم المعرفة والثقافة».
كما بين حمد أنه تمكن خلال السنوات الثلاث من قراءة 400 كتاب، وقال إن «آخر 50 كتاباً لم تستغرق معي سوى شهرين فقط للانتهاء منها»، مبرراً السبب بشغف بالقراءة وحرصه على جعلها عادة يومية بالنسبة له.
حمد الذي أكد أن والدته دائمة الوقوف إلى جانبه. وأضاف: «لعبت والدتي دوراً مهماً في مشاركتي في تحدي القراءة العربي، وهي دائماً تشجعني وتحفزني على القراءة، وتنمي لدي الرغبة في الحصول على المركز الأول، وأعرف أن طموح وهدف والدتي لا يتمثل بفوزي فقط، وإنما بحصولي على الثقافة والمعرفة».
وتمنى حمد أن يتمكن من الوصول إلى المراكز الأولى في التحدي، حتى يتمكن من مقابلة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. وقال: «أتمنى مقابلة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لأشكره بنفسي على هذه المسابقة، التي حفزت فينا الرغبة بالحصول على الثقافة والعلم والمعرفة».
قصص
شغف القراءة، لم يثن الطالبة شيخة سعيد عبد الله المزروعي، عن تكرار المشاركة في تحدي القراءة العربي، حيث تعد هذه مشاركتها الثانية، وذلك بعد حصولها على المركز الثامن في تصفيات الدورة الأولى من تحدي القراءة العربي 2016. شيخة التي تدرس في الصف السادس بالمدرسة الإنجليزية في كلباء، أكدت لـ«البيان» أنها أتمت حتى الآن قراءة 75 كتاباً على الأقل، وهو ما أهلها إلى المرحلة الماسية في التحدي. وقالت: «أنا أحب القراءة جداً، فهي مفتاحي إلى المعرفة، ولذلك أحاول دائماً استغلال أوقات فراغي في القراءة، خاصة في الليل، وأحياناً أتمكن من الانتهاء من قراءة كتابين إلى ثلاثة كتب في اليوم الواحد، وأحاول دائماً تعليم إخوتي وتعريفهم بأهمية الكتاب».
القصص والروايات باللغتين العربية والانجليزية، هي أكثر ما يشد الطالبة شيخة المزروعي، التي تقطن في منطقة وادي الحلو في الشارقة، وتحدثت عن ذلك: «أحب القصص كثيراً، ولذلك أحاول قراءتها قدر ما أستطيع»، وبينت شيخة أن أجواء مقابلتها مع لجنة التحكيم بدت هادئة جداً. وقالت: «أعضاء لجنة التحكيم جيدون، ومعظم الأسئلة التي تم طرحها علي، كانت نابعة من طبيعة التلخيصات التي قدمتها لهم، من خلال جوازات السفر الخاصة بي».
150
وعلى مدار ثلاث دورات من تحدي القراءة العربي، استطاعت الطالبة دينا طالب العبد الله من مدرسة الاستقلال الخاصة في الشارقة، قراءة 150 كتاباً، فيما لا تزال في جعبتها كتب أخرى تحاول إنجازها.
الطالبة دينا العبد الله، التي تدرس في الصف الثاني عشر متقدم، قالت إن سبب مشاركتها المتكررة في تحدي القراءة العربي، نابعة من شغفها وحبها للقراءة ومن قيمة التحدي وأهميته.
وقالت: «أحب القراءة جداً، وكذلك تلخيص الكتب، ولذلك فضلت المشاركة في تحدي القراءة العربي، الذي بفضله يمكن أن أثري معرفتي وخبرتي في مجال القراءة وتلخيص الكتب، وقد استطعت من خلال مشاركاتي في تحدي القراءة العربي قراءة 150 كتاباً حتى الآن، أي بمعدل 50 كتاباً لكل دورة، بالإضافة إلى الكتب الأخرى التي أطالعها».
ولإنجاز هذه المهمة، تعودت دينا القيام يومياً بتخصيص وقت محدد للقراءة. وقالت: «يوجد لدي في النهار وقت مخصص للقراءة، وأحرص على أن أوفق بينها وبين واجباتي المدرسية، وبالطبع أحاول دائماً استغلال العطل المدرسية الرسمية، وكذلك العطل الأسبوعية في القراءة، بحيث لا يمضي يوم واحد من دون قراءة».
دينا أكدت أن معظم قراءاتها هي في كتب التنمية البشرية، وكذلك فإنها تقرأ الكتب التي تتحدث عن سمات وصفات وتاريخ الدول والجغرافيا والاكتشافات. وقالت: «أعتبر أن الكتب هي مفتاحي للمعرفة والسفر والتعلم، إلى جانب أنها تحفزني لإطلاق مواهبي الكامنة».
تحفيز
من طرفه، رأى المشرف صلاح الدين محمد أحمد، الذي يعمل أميناً لمكتبة مدرسة الشعلة الخاصة بالشارقة، أن تحدي القراءة العربي، استطاع تحقيق أهدافه حتى الآن. وقال: «من وجهة نظري، فإن تحدي القراءة العربي آخذ في التطور مع كل عام، وقد لاحظت خلال العام الجاري ارتفاعاً في عدد المشاركين فيه، سواء على مستوى الإمارات أو حتى على مستوى الدول العربية الأخرى».
وقال أحمد: «لاحظت منذ انطلاقة تحدي القراءة العربي، ارتفاعاً ملحوظاً في حركة استعارة الكتب من المكتبة في مدرستنا، على سبيل المثال، إذ لمست ارتفاع عدد الطلبة الذين يزورونها سواء بشكل يومي أو أسبوعي، إلى جانب وجود عدد من الطلبة الذين بدأوا باستغلال العطل المدرسية واستثمارها في القراءة، وهذا لم يكن سابقاً موجوداً».
ولفت أيضاً إلى أن المدرسة التي يعمل فيها تقوم أسبوعياً بعقد ورش عمل لكافة الطلبة المشاركين في تحدي القراءة العربي، وذلك بهدف تعريفهم بالشروط الواجب توفرها في الطالب المشارك. وقال: «دائماً نحاول أن نبين للطلبة طبيعة الأسئلة التي يتلقونها من قبل لجان التحكيم، والنقاط التي يجب التركيز عليها خلال جولات التصفيات، وهو بلا شك يظهر كمية الاستفادة التي يحصل عليها الطالب من القراءة».
فرصة إضافية
في الوقت الذي تواصل فيه لجان تحكيم تحدي القراءة العربي في دورته الثالثة عملها على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، تستضيف مدرسة البحث العلمي، في مقرها بمنطقة مردف، حيث مقر التحدي في دبي، صباح اليوم، مجموعة الطلبة الذين لم يتمكنوا من المشاركة في التصفيات، التي أقيمت أمس، حيث تأتي هذه الخطوة لإتاحة الفرصة أمامهم لمواصلة مشاركتهم في التحدي أملاً بالوصول الى المراكز العشرة الأخيرة.
وبحيث يتسنى لأكبر عدد من عشاق الكتاب والقراءة العمل على إبراز جهدهم في مواكبة التحدي الذي يشهد لهذا العام زخماً كبيراً، وإقبالاً ملحوظاً من قبل طلبة المدارس في الإمارات، حيث تجاوزت المشاركات حاجز 350 ألف طالب على مستوى الدولة، حسب ما أشارت إليه الإحصائيات، وهذا ما خلق بدوره دافعاً محفزاً للطلبة على القراءة، ودفعهم لزيارة المكتبات بشكل دوري، بحيث تحولت إلى عادة جميلة لديهم، بحيث إنها عرَّفت الطلاب بقدراتهم الكامنة، وأشعلت فيهم جذوة الثقة والقدرة على اكتساب المعرفة، ما جعلهم يسابقون الزمن في اكتساب العلوم بشتى أنواعها حتى يصلوا إلى التصفيات النهائية، وذلك في منافسة علمية للوصول إلى المركز الأول، والحصول على اللقب الأغلى في هذا الحدث الكبير والتظاهرة المعرفية الحضارية، التي انطلقت من دبي واستقرت في وجدان طلاب الوطن العربي، وفي طريقها إلى العالمية.
أرسل تعليقك