بغداد ـ وكالات
صدرت مؤخرًا عن دار الجمل الرواية الثالثة للروائي العراقي سنان أنطون تحت عنوان "يامريم" والتي تتحدث عن العنف بعد احتلال العراق في عام 2003، والمعاناة التي تعرض لها مسيحيون العراق من قتل وتهجير.
والرواية عبارة عن رؤيتين متناقضتين لشخصيتين من عائلة عراقية مسيحية، تجمعهما ظروف البلد تحت سقف واحد في بغداد، يوسف رجل وحيد في خريف العمر، يرفض أن يترك البيت الذي بناه، وعاش فيه نصف قرن، ليهاجر. يظل متشبثاً بخيوط الأمل وبذكريات ماض سعيد حي في ذاكرته.
مها شابة عصف العنف الطائفي بحياتها، فشرد عائلتها وفرقها عنهم لتعيش لاجئة في بلدها، ونزيلة في بيت يوسف. تنتظر مع زوجها موعد الهجرة عن وطن لا تشعر أنه يريدها.
تدور أحداث الرواية في يوم واحد، تتقاطع فيه سرديات الذاكرة الفردية والجمعية مع الواقع، ويصطدم فيه الأمل بالقدر، عندما يغير حدث حياة الشخصيتين إلى الأبد. تثير الرواية أسئلة جريئة وصعبة عن وضع الأقليات في العراق، إذ تبحث إحدى شخصياتها عن عراق كان، بينما تحاول الأخرى الهرب من عراق الآن.
ويقول الناقد سلام إبراهيم: إن هذه الرواية كشأن روايتيه السابقتين مشغولة بمحنة الإنسان العراقي في ظروف الحرب المستمرة بهذا الشكل أو ذاك منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
ويوضح سلام أن "أنطون حرص على تقديم الحوار باللهجات العراقية المختلفة، من لهجة الموصل إلى لهجة الجنوب العراقي وهذا من وجهة نظري أثقل النص قليلا، كان من الممكن نحت لغة وسيطة بين العامية والفصحى تكون في متناول جميع القراء العراقيين والعرب، ونحت مثل هذه اللغة من أولى مهام الأدب كي يدفع باللغة خطوة ويحررها من قيودها القديمة الثقيلة، ويردم الهوة بين اللهجة والفصحى".
وبيّن الناقد العراقي أن الرواية تخلو من تفصيلات القتل البشعة التي تتوارى فتكون خلفية لتفصيل الحياة النفسية للشخوص، مما أكسب النص طلاوة لغة وأحداثاً، بالعكس من روايات عراقية كثيرة صادرة حديثا تنقل تفاصيل بشعة عن تقطيع الأجساد والدم وحياة الجثث إلى حدود تجعل القارئ يشمئز ويترك الكتاب.
ويضيف: نخلص أخيرا إلى أن رواية سنان أنطون "يا مريم" من الروايات العراقية الجميلة والعميقة المرتكزة على التراث الناصع للسرد العراقي وتدفع به نحو آفاق جديدة.
أرسل تعليقك