تفتتح مؤسسة الشارقة للفنون غداً «السبت»، معرضاً «حول المعارض في الإمارات» في مبنى الطبق الطائر في الشارقة، متضمناً قرابة 100 عمل فني لـ 15 فناناً تشكيلياً إماراتياً من رواد التشكيل في الدولة.
وبمناسبة المعرض الذي يأتي بتقييم الشيخة حور القاسمي، ولتسليط الضوء على مسار حركة الفنون البصرية في الدولة منذ 1980، نظمت المؤسسة مساء أمس الأول، في مقرها في منطقة قلب الشارقة، جلسة تقييمية، أدارتها الشيخة نورة المعلا، بمشاركة الفنانين الرائدين، محمد يوسف ونجاة مكي، حول فكرة المعرض الذي أقيم لأول مرة في الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية، ضمن «المعرض الدولي للفنون» في دورته السادسة والخمسين في 2015، بتفويض من مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان وبدعم من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.
في مستهل الجلسة، تحدث الفنان محمد يوسف، مثمناً جهود الشيخة حور القاسمي، قيّمة المعرض، ورئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، في إثراء الساحة الثقافية بالمبادرات والتجارب المبدعة، معرباً عن سروره بفكرة معرض «حول المعارض في الإمارات»، مشيراً إلى أنه يمثل «التفاتة ذكية من سمو الشيخة حور القاسمي، التي أتت بتاريخنا الفني لنقرأه في ضوء معطيات الراهن».
من جانبها، شكرت الفنانة نجاة مكي الشيخة حور القاسمي على مبادرتها، وقالت: «لن ننسى لها ذلك أبدا فلقد اجتهدت ونقبت وجاءت لنا بأعمال لم تكن في الحسبان واندثرت منذ زمن..».
الجلسة التي اعتمدت على صيغة السؤال والإجابة، بدأت بإضاءات حول بدايات الفنانين باعتباره جانباً من بدايات الحركة الفنية الإماراتية. حيث تحدث الفنان محمد يوسف، مشيراً إلى أنه بقي سنة في القاهرة قبل أن يقرر الدخول إلى كليتها للفنون الجميلة، مقاوماً رغبته القوية في دراسة المسرح. وذكر يوسف أنه تخصص في النحت، ولكنه واجه تحديات عدة حين عاد إلى الدولة وأقام أول معرض فردي للنحت 1978، إذ لم يكن متقبلاً في المجتمع، «كان عليّ أن أراعي تقاليد المجتمع حينذاك»، قال يوسف، مضيفاً: إنه تابع محاولاته برغم تعرض أعماله للإزالة من قبل بعض المعترضين عليها.
كما تحدث يوسف عن الدعم اللامحدود الذي قدمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حتى تنهض الحركة الفنية الإماراتية، إذ وجه سموه ببناء المتاحف والدور التشكيلية وحضر افتتاحات المعارض الفنية وشجع الفنانين وحفزهم على البحث والإبداع على مدار سنوات البدايات وإلى اللحظة الراهنة.
وهو ما أكدته أيضا الفنانة نجاة مكي، مشيرة إلى أن صاحب السمو حاكم الشارقة «كان يزورنا في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، ويحاورنا حول أساليبنا وعندما يبدو على أحدنا أنه صار مقلاً في إنتاجه، كان صاحب السمو يلفت انتباهه». وذكرت مكي أن اهتمام صاحب السمو حاكم الشارقة بتجاربهم ظل متصلاً، مشيرة إلى أن ذلك كان يمنحهم القوة والسند.
وفي إجابتها عن سؤال البدايات، ذكرت مكي أن مدّرسة للتربية الفنية كانت تدرسها، حثتها على أن تتابع مشوارها الفني عبر التخصص في واحدة من الكليات أو المعاهد الفنية، وهو ما حصل لاحقاً، حيث ذهبت مكي إلى القاهرة وتخصصت في فن المسكوكات.
في القاهرة المزدهرة بالحراك الفني، أواخر السبعينات، التقى رواد الحركة الفنية الإماراتية، بخاصة أولئك المنتسبين إلى كلية الفنون هناك. واحتضن نادي طلبة الإمارات في العاصمة المصرية العديد من معارضهم، الفردية والجماعية، وفي وقت لاحق شكل مقر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية (تأسست 1980) محطة مهمة لتلاقيهم ومناقشاتهم واختلافاتهم حول مسائل الفن ومذاهبه، وهو ما قالته الفنانة مكي، مشيرة بتقدير إلى دعم سمو الشيخ أحمد القاسمي لتجاربهم الأولى.
وشهدت الجلسة أيضاً مداخلات عدة حول أسئلة وموضوعات مثل، النقد والصحافة ودور بينالي الشارقة في إثراء الحراك الفني المحلي، وفكرة المعارض «الفردية والجماعية» والمراسم التي احتضنت تجارب العديد من الفنانين المحليين، وفكرة «القيم الفني»، وكذلك فكرة إقامة معرض «المعارض حول الإمارات» في منطقة الطبق الطائر.
ويقدّم معرض «حول المعارض في الإمارات»، مشهدية متكاملة للفن الإماراتي الذي أنتج خلال أربعة عقود خلت، ويوثق لسيرة الحركة التشكيلية في الدولة، حيث رصدت الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون وقيّمة المعرض، الحراك الفني في إرهاصاته الأولى وفي تطوره وحراكه المتنامي، مستعينة بأرشيف جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، إلى جانب المطبوعات الفنية والصفحات الثقافية في الصحافة المحلية، والبروشورات والألبومات، وذلك بغية تشكيل صورة متكاملة تعبر عن الفن الإماراتي، وتبرز ملامحه المتنوعة، وتعمل في الوقت نفسه على أن يكون المعرض بمثابة حالة مرجعية تحمل في نسيجها البعد التاريخي والمعاصر، وتشكل مهاداً نوعياً نستشرف من خلاله مستقبل الفن الإماراتي وآفاقه الممكنة.
أرسل تعليقك