برلين ـ وكالات
ترتبط حماية الأرض في اليهودية ارتباطا وثيقا بالمسؤولية التي تقع على عاتق الإنسان. في هذا اللقاء يوضح عالم يهودي متخصص في الأنثروبولوجيا البيئية الكيفية التي يمكن عبرها نقل تعليمات الدين إلى حيز التطبيق في الزمن المعاصر.أفكار عالمية: انتهت الاحتفالات بعيد الفصح في إسرائيل، ويبدو أن الكثير من الأعياد اليهودية ترتبط بصلة وثيقة مع الطبيعة. كيف تفسرون ذلك؟جيريمي بنشتاين: من ناحية يتعلق الأمر بطبيعة الحال بروحانية دينية عميقة أي بقضايا كالحرية والتحرر أو الانعتاق. الشيء المثير للاهتمام هو أن الكثير من الأعياد والاحتفالات اليهودية ترتبط أيضا بالموضوعات التي تؤثر على الحياة اليوميةـ والعديد منها يتضمن أبعادا بيئية. وبالتالي فإن العديد من الأعياد اليهودية ترتبط ارتباطا قويا بفصول السنة وهي تربطنا نحن البشر بالطبيعة.
إن الهلاخاه وهي التعاليم والإرشادات الدينية اليهودية، تتضمن ثروة من المعرفة حول الكيفية التي نؤثر بها نحن البشر على بيئتنا، وحول كيفية التعامل مع القضايا التي يمكن لنا اليوم أن نصفها بالقضايا البيئية. ويمكن لهذا أن يشمل مواضيع متنوعة كالنفايات والتلوث والحفاظ على التنوع البيولوجي، أو حتى كيفية تعامل الإنسان مع الطبيعية أو الموارد المائية. سنجد العديد من الاجابات والإشارات، وكلما بحثنا أكثر سنجد إجابات أكثر، وسنجد كذلك أن هناك دروسا وأفكارا مختلفة حول هذا الموضوع تطورت عبر القرون، وإن لم تطلق عليها بعد في ذلك الوقت مصطلحات إيكولوجية.أين يمكن للمرء أن يجد مراجع تشرح التفاعل مع الطبيعة من وجهة نظر يهودية؟جيريمي بنشتاين: التعاليم والإرشادات اليهودية تتضمن ثروة من المعرفة حول كيفية التعامل مع الطبيعة
من الصعب التمييز لأن هناك إشارات في كل موضع تقريبا، حتى ضمن ما ورد في قصة الخلق في سفر التكوين الفصل الثاني، أن الله عندما خلق الإنسان جعله في جنة عدن وحضه على رعايتها وحمايتها. ويمكن هنا كتابة كتاب كامل حول ما يعنيه كل هذا. وعندما نقرأ الفصل الأول نجد ما يرد بشأن تملك الإنسان وسيطرته على الأرض، وهنا يبرز السؤال حول الواجب الذي يقع على عاتق الإنسان بشأن حماية الطبيعة في الوقت نفسه.
هناك مرجع لا يتم غالبا وضعه في الاعتبار كما يجب وهو التلمود، حيث توجد فيه أجزاء معينة تنظم التعامل بين الناس وأيضا تعاملهم مع الطبيعة. هناك إرشادات على سبيل المثال بخصوص موضوع التعامل مع النفايات الخطرة، التي قد تكون في عصر التلمود كانت عبارة عن زجاج مكسور أو مسامير، ربما يمكن أن تصيب الناس بالضرر عند إلقائها في الأماكن العامة. لكن هذا لا يمنع من تطبيق تلك الإرشادات في الوقت الحاضر، فقط بتغير نوع النفايات لتشمل تلك الناجمة عن الصناعات الحديثة مثل السموم والملوثات التي تفسد الماء والهواء. إذا كان التلمود سيكون جزءا من القانون اليوم -وهذه ليست مناشدة من جانبي لتطبيق من هذا القبيل- ربما لكان لدينا قوانين أكثر صرامة بشأن تلوث الهواء وبشأن كل الأضرار الأخرى التي تلحق بالبيئة عموما.
وهل هناك مثال محدد يمكن ذكره هنا كلبنة من اللبنات الأولى في مجال حماية البيئة؟
هناك قيمة مركزية للغاية في اليهودية وتقول: "لا تُدمر" و"لا تُهدر". ويتضمن سفر التثنية في الفصل العشرين حظرا واضحا لإلحاق الضرر بالأشجار المثمرة في أوقات الحرب. وعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك حاجة للأخشاب في شن حرب ضد مدينة أخرى، يجب التأكد من عدم قطع أشجار الفاكهة لذلك الغرض. هناك بالطبع العديد من المناقشات والتفسيرات حول خلفية هذه السطور، لكننا نجد تفسيرين محتملين من وجهة النظر الإيكولوجية. أولهما هو أن حياتنا على المدى الطويل تعتمد على الثمار التي تحملها أشجار الفاكهة، ولذلك يجب علينا التفكير بأسلوب "مستدام". أما التفسير الآخر فهو أن الأشجار بريئة، بمعنى أنها ليست جزءا من الصراع. إذا كان شخص ما يخوض حربا ضد آخر، فلا ينبغي أن تتضرر الطبيعة من ذلك. هذا موقف صديقة للبيئة، لكن قلما نراه يحظى بالاحترام في الصراعات والحروب الحديثة
أرسل تعليقك