حتفل العالم غدا الأربعاء باليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر 2016 تحت شعار"معا لنشرك الناس في حماية الأرض واستصلاحها"، حيث يحث الاحتفال هذا العام على أهمية التعاون الشامل لاستعادة وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بأكملها.
وسوف تعقد فعاليات اليوم الدولي 2016، في العاصمة الصينية حيث تستضيفها إدارة الدولة للغابات الصين. ففي عام 2013، شرعت الصين في خلق إستراتيجية جديدة للتنمية "الحزام والطريق" وتهدف الإستراتيجية إلى تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية الآسيوية في المقام الأول، ومنذ ذلك الحين، عززت بناء بنية تحتية تعتمد على الاقتصاد الأخضر وتقليل الانبعاث الكربوني بالتعاون مع دول الجوار المتصلة بواسطة طريق تجارة الحرير التاريخي.
وتعد قضية الأرض من أهم القضايا العامة في مرحلة أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدت عام 2015 الطعام الذي نأكله، والملابس التي نرتديها والمنازل التي نسكنها - كل ذلك ينبع من موارد الأرض، ولتحقيق هدف " لئلا يتخلف أحد عن الركب" المتفق عليه في أهداف التنمية المستدامة الجديدة، وجب علينا تحقيق هدف تحييد تدهور الأراضي، وأن يكون في مقدمة أولوياتنا لتلبية متطلباتنا وتطوير الاستدامة.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها 115/ 49 في ديسمبر 1994، يوم 17 يونيو يوما عالميا لمكافحة التصحر والجفاف يحتفل به اعتبارا من عام 1995. والغرض من الاحتفال هو زيادة الوعي العام بمسألتي التصحر والجفاف، وبتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من جفاف أو تصحر شديدين، وبخاصة في أفريقيا.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة له إلى أن التصحر وتدهور الأراضي والجفاف وتغير المناخ ظواهر مترابطة، وقال "نتيجة لتدهور الأراضي وتغير المناخ، ما برحت حالات الجفاف تزداد شدة وتواترا، إلى جانب الفيضانات ودرجات الحرارة القصوى".
ويتعرض أكثر من 50 % من الأراضي الزراعية لتدهور متوسط أو شديد، مع فقدان 12 مليون هكتار من الأراضي يمكن استغلالها للإنتاج كل عام. وأضاف مون، أن معايش ورفاه مئات الملايين من الناس في خطر. إذ يعاني ما يقرب من 800 مليون شخص من نقص التغذية المزمن كنتيجة مباشرة لتدهور الأراضي، وتدني خصوبة التربة، واستخدام المياه غير المستدام، والجفاف، وفقدان التنوع البيولوجي.
وأشار إلى أنه على مدى السنوات الـ 25 المقبلة، يمكن أن يؤدي تدهور الأراضي إلى تقليص الإنتاجية الغذائية على الصعيد العالمي بما قدره 12 %، ما سيفضي إلى زيادة بنسبة 30 % في أسعار الأغذية في العالم" وبدون إيجاد حل طويل الأجل، فإن التصحر وتدهور الأراضي لن يؤثرا في الإمدادات الغذائية فحسب بل سيؤديان إلى تزايد الهجرة وسيهددان استقرار العديد من البلدان والمناطق. ولذلك، جعل قادة العالم من تحييد أثر تدهور الأراضي إحدى غايات أهداف التنمية المستدامة. وهذا يعني إصلاح ما لا يقل عن 12 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة سنويا.
وذكر مون، أن أحد النهج المهمة يتمثل في اعتماد الزراعة المستدامة الذكية مناخيا. وهذا لن يساعد المجتمعات المحلية على بناء القدرة على الصمود أمام تغير المناخ فحسب بل سيدعم أيضا جهود التخفيف بأخذ الكربون من الجو وإعادته إلى التربة. كما سيؤدي الانتقال إلى الزراعة المستدامة إلى التخفيف من حدة الفقر وإيجاد فرص العمل، لا سيما في أوساط السكان الأفقر في العالم.
وجاء في الرسالة أنه بحلول عام 2050، يمكن أن يؤدي إلى إيجاد نحو 200 مليون فرصة عمل على نطاق نظام الإنتاج الغذائي بكامله. وشعارنا لليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف هذا العام هو: "فلنحم الكوكب -ولنصلح الأرض - ولنشرك الناس". وحث مون بمناسبة هذا اليوم، على تعاون جميع الجهات الفاعلة بما يساعد على تحييد أثر تدهور الأراضي في إطار جهد أوسع نطاقا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء مستقبل يحظى فيه الجميع بالكرامة والفرص.
وتعتبر النظم الايكولوجية الهشة نظما ايكولوجية هامة تتميز بملامح وموارد فريدة. وتشمل النظم الايكولوجية الهشة الصحاري، والأراضي شبه القاحلة، والجبال، والأراضي الرطبة، والجزر الصغيرة، وبعض المناطق الساحلة. وغالبية هذه النظم الايكولوجية ذات نطاق إقليمي إذ أنها تتجاوز الحدود الوطنية.
والتصحر هو تردي الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والمناطق الجافة وشبه الرطبة نتيجة عوامل شتى من بينها تغير المناخ والأنشطة البشرية.
وتشير تقارير صندوق الأمم المتحدة للبيئة إلى أن التصحر يؤثر على سدس سكان العالم، وتغطي الأراضي الجافة 41.3 % من اليابسة أي 70 % من جميع الأراضي الجافة التي تبلغ 3.6 من بلايين الهكتارات. وهذه نسبة كبيرة من اليابسة التي لا يمكن إهمالها لأنها صالحة للسكن، كما أنها جزء من الأراضي التي عليها بعض الجبال. ويراد بالأراضي الجافة المناطق القاحلة وشبه الرطبة وشبه القاحلة والجافة. وبصفة عامة، تستثنى الصحارى عندما يتعلق الأمر بالمناطق الجافة في سياق التنمية المستدامة.
وتوضح التقارير أن التصحر، فضلا عن أنه يؤدي لانتشار الفقر على نطاق واسع، فإنه يؤدي إلى تردي 3.3 بليون هكتار من مجموع أراضي الرعي، مما يشكل 73 % من أراضي التي تنخفض امكاناتها لاستيعاب البشر والحيوان؛ وانخفاض خصوبة التربة وبنية التربة في نحو 47 % من مناطق الأراضي الجافة التي تشكل أراضي مزروعة بعليه حدية. كما يؤدي إلى تردي الأراضي المزروعة المروية التي تبلغ نسبتها 30 % من مناطق الأراضي الجافة ذات الكثافة السكانية العالية والإمكانات الزراعية.
وتشير التقارير إلى أن 2.6 مليار شخص يعتمدون اعتمادا مباشرا على الزراعة، وتوجد 44 % من الأنظمة الزراعية في العالم في المناطق الجافة. وتمثل الأنواع النباتية المتوطنة في الأراضي الجافة 30 % من المحصول حاليا. ما زالت أسلافها وأقاربها البرية تنمو هناك.
وجرت العادة على استخدم الأراضي الجافة في رعي الماشية، إلا أنها تتحول بصورة متزايدة إلى أراض زراعية، وتوفر المراعي سبل العيش لـ 50 % من الثروة الحيوانية، وموئلا للحياة البرية، وتربية الماشية هي الإنتاج السائد في المناطق الأكثر جفافا، في حين تسيطر الأراضي الزراعية على المناطق الجافة شبه الرطبة.
ويخسر العالم سنويا من 20 ألف إلى 50 ألف كيلومتر مربع بسبب تدهور الأراضي، وعلى طول أفريقيا، تحتل الأراضي الجافة المعرضة أو المتضررة من خطر التصحر نسبة 43 % من الإقليم، وأنه من المتوقع أن تفقد أفريقيا ثلثي الأراضي الزراعية بحلول عام 2025. ويتسبب تدهور الأراضي حاليا في خسارة 3 % من الإنتاج الزراعية المحلي سنويًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويمكن استخدام ما يزيد على النصف من الأراضي الزراعية المزروعة في أفريقيا بحلول عام 2050 وقد يتمكن الإقليم من إطعام 25 % من سكانه بحلول عام 2050.
ويهدد التصحر سبل عيش أكثر من مليار شخص يقيمون في 100 بلد، وهؤلاء وهم الأكثر فقرا وتهميشا يعيشون في المناطق الأكثر ضعفا والأكثر تضررا من التصحر، وقد أظهر تقييم الألفية أن رفاهية السكان بصفة عامة، في المناطق القاحلة هي أقل من رفاهية سكان النظم الإيكولوجية الأخرى.
فعلى سبيل المثال وبالمقارنة مع غيرها من النظم الإيكولوجية، فإن معدلات وفيات الرضع تكون أعلى في الأراضي الجافة، والناتج الوطني الإجمالي للفرد الواحد أقل. وهذا يعني أن مستوى رفاهية سكان المناطق القاحلة منخفض نسبيا، ويصل مجموع سكان المناطق القاحلة إلى 2.1 مليار نسمة، مما يعني أنها وطن لـ 1 من كل 3 أشخاص في العالم.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن معدل نمو السكان في المناطق القاحلة 18.5 % كان أسرع من أي منطقة بيئية أخرى. وتزداد الكثافة السكانية كلما قل الجفاف، حيث تتراوح الكثافة السكانية من 10 نسمة لكل كيلومتر مربع في الصحراء إلى 71 شخصا في المناطق شبه الرطبة (المراعي).
وعندما يؤثر تدهور الأراضي على المناطق القاحلة، يسمى هذا تصحرا" ومعروف عموما أن التصحر يحدث في المناطق التي تمثل المنتصف بين المناطق ذات الكثافة العالية والمنخفضة.
وأبرزت دراسة للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية لعام 2009 حدوث ترميم للغابات على نطاق واسع في مناطق مكتظة بالسكان ببوركينا فاسو والنيجر بفضل أنشطة ترميم ذات تكلفة منخفضة قام بها المزارعون.
وذكرت تقارير البيئة الدولية، أن الجفاف يتعلق بتوافر المياه أو ندرتها. ويؤثر على رفاهية الأشخاص وعلى الوظيفتين الأساسيتين للأرض، وهما إنتاج المواد الغذائية الأولىة وإعادة تدوير المغذيات. وتعني ندرة المياه، والفرق بين عرضها والطلب عليها،والطلب عليها أكبر في المناطق القاحلة ويزداد مع زيادة الجفاف.
ويحتاج كل فرد لرفاهيته الأساسية إلى 2000 متر مكعب على الأقل من المياه سنويا. ولا يحصل سكان الأراضي الجافة سوى على 1300 متر مكعب، ومن المتوقع أن تنخفض وفرة المياه. وحاليا تؤثر ندرة المياه على ما بين مليار إلى ملياري شخص، يعيش معظمهم في المناطق القاحلة.
ووفقا لسيناريو تغير المناخ، سيعيش في عام 2030، ما يقارب من نصف سكان العالم في مناطق فيها ندرة المياه كبيرة. وفي بعض المناطق القاحلة وشبه القاحلة، سيتسبب ذلك في نزوح من 24 إلى 700 مليون شخص.
وتضطلع المناطق الجافة بدور حيوي في تنظيم المناخ على المستويين المحلي والعالمي. فاستخدام الأراضي يغير من انبعاثات غاز الدفيئة إلى الغلاف الجوي، إلا أن تحسن التربة هو في جوهره عملية عكسية، تمتص التربة الكربون الزائد في الغلاف الجوي، وتخزن المناطق القاحلة نحو 46 % من الكربون العالمي وتحتوي تربتها على 53 % من كربون التراب الأرضي ونباتها على 14 % من الكربون الحيوي في العالم.
وتسهم ممارسات معالجة التربة مثل تمهيدها وبعثرتها وتخليط زراعتها وإعادة استزراعها، في رفع مخزونية الكربون في التربة، مما يساهم إسهاما مباشرا في تنحية كربون التربة. وهذه التقنيات هي جزء من أدوات التكنولوجيا المعروفة بمصطلح "الإدارة المستدامة للأراضي".
ولا تزال طبيعة الأنواع الموجودة في المناطق القاحلة مجهولة، بسبب عدم وجود أي تقييم حتى الآن، فـ 8 % من الأراضي الجافة محمية، بالمقارنة مع متوسط 10 % في نظم إيكولوجية أخرى. ويظهر تقييم الألفية تواجد 8 من 25 من المناطق الساخنة في العالم في المناطق القاحلة، وتلك مناطق تستوطنها 0.5 % من الأنواع النباتية، إلا أن نسبة الفقدان البيولوجي تتجاوز نسبة 70 %.
وتشير التقارير إلى أنه لا توجد عملية سببية خطية تؤدي إلى تدهور الأراضي في المناطق الجافة، ولكن عواملها التي تتفاعل بطرق معقدة معروفة، فهي تتغير بمرور الوقت وتختلف حسب الموقع، والدوافع المباشرة هي دوافع مناخية، خصوصا انخفاض رطوبة التربة، وأنماط هطول الأمطار والتبخر. أما الدوافع غير المباشرة فهي في معظمها بفعل الأنشطة البشرية، وتشمل الفقر، والتكنولوجيا المستخدمة، واتجاهات السوق العالمية والمحلية والديناميات الاجتماعية والسياسية. الفقر هو سبب لتدهور الأراضي ونتيجة له.
وتساعد تطبيقات ممارسات الإدارة المستدامة للأرض في مكافحة التصحر واستعادة وإعادة تأهيل الأراضي، المياه والتربة والغطاء النباتي.
وتشير الإدارة المستدامة للأراضي إلى استخدام متعدد الوظائف للأرض على عكس مع الاستخدام الأحادي للأراضي. وقد تبين أن تطبيق الإدارة المستدامة للأراضي يزيد من غلة المحاصيل بنسبة تتراوح بين 30 و170%. ويمكن أن تنتج الأراضي المفقودة 20 مليون طن من الحبوب سنويا.
ويمثل التصحر والتدهور خسارة مالية تصل إلى 42 مليار دولار من دولارات الولايات المتحدة سنويا. ولذا ينبغي أن تكون الأولوية الأولى في مكافحة التصحر هي تنفيذ تدابير وقائية بالنسبة للأراضي التي لم تصب بالتردي بعد، أو التي لم تتدهور إلا بقدر طفيف. بيد أنه لا ينبغي إهمال المناطق المتردية ترديا شديدا. وتعد مشاركة المجتمعات المحلية، والمناطق الريفية، والحكومات الوطنية والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الدولية والإقليمية، أمرا أساسيا في مكافحة التصحر والجفاف.
وتدرج المجالات البرنامجية التالية في جدول أعمال القرن 21 عن طريق: تدعيم قاعدة المعرفة وتطوير نظم المعلومات والرصد الخاصة بالمناطق المعرضة للتصحر والجفاف، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه النظم الايكولوجية؛ مكافحة تردي الأراضي عن طريق جملة أمور منها الأنشطة المكثفة لحفظ التربة والتحريج وإعادة التحريج؛ وضع وتعزيز برامج متكاملة للقضاء على الفقر وتعزيز النظم البديلة لكسب العيش في المناطق المعرضة للتصحر؛ وضع برامج شاملة لمكافحة التصحر وإدماجها في خطط التنمية الوطنية والتخطيط الوطني في مجال البيئة؛ وضع مخططات شاملة للتأهب للجفاف والإغاثة في حالات الجفاف، بما في ذلك ترتيبات الجهد الذاتي من أجل المناطق المعرضة للجفاف وتصميم برامج للتصدي لمشاكل اللاجئين البيئيين؛ تشجيع وتعزيز المشاركة الشعبية والتثقيف البيئي مع التركيز على مكافحة التصحر وإدارة آثار الجفاف.
أرسل تعليقك