واصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الهجوم على الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني بسبب تقييماتها المتدنية للاقتصاد والبنوك التركية، وتحذيراتها من تأثير الانهيار في سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، ووصفها بأنها "مسيسة" وليست لها مصداقية, جاء ذلك خلال انتظار إصدار بيانات التضخم التركية الرسمية عن شهر أغسطس /آب، والتي يتوقع على نطاق واسع أن تقفز مستوياتها فوق 17 في المائة على أساس سنوي، .
واعتبر أردوغان أن هناك تلاعبًا في أسعار صرف العملات الأجنبية، وأن الغاية منه هي إثارة الشكوك بشأن الاقتصاد التركي، الذي وصفه بـ"القوي المتين"، وقال إن مؤسسات التصنيف الائتماني العالمي "مسيّسة ولا تتحلى بالصدق"
ورأى الرئيس التركي، في كلمة خلال منتدى الأعمال التركي القيرغيزي في بيشكيك ,الأحد، أن الحروب التجارية والسياسات الحمائية تفرض وضع استراتيجيات جديدة، لافتًا إلى ضرورة وضع حد -بشكل تدريجي- لهيمنة الدولار من خلال التعامل بالعملات المحلية.
وقال أردوغان إن ارتباط التجارة العالمية بخاصة , بالدولار يتحول إلى مشكلة كبيرة يومًا بعد يوم، مشيرًا أن البلدان والشركات والتجار يضطرون إلى مواجهة المصاعب التي يفرضها الارتباط بالدولار وضغوط أسعار الصرف، بالإضافة إلى المصاعب الناجمة عن طبيعة التجارة نفسها.
وأضاف أن النظام القائم على ادعاء "تسهيل التجارة" آخذ في التحول إلى عائق كبير أمام التجارة الحرة العالمية، وأن البلدان الصاعدة تعاني من هذه المشكلة، مضيفًا أن أكبر مثال على ذلك هو ما سماه بـ"الهجمات الاقتصادية" التي تعرضت لها تركيا في الأسابيع الأخيرة.
واعتبر الرئيس التركي أن كل الخطوات التي تقدم عليها مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية "مسيسة"، وأضاف: "هذه المؤسسات لا تتحلى بالأمانة والصدق... بل هي محتالة فلا تصدقوها
ولفت أردوغان إلى أن بلاده تبحث مع روسيا التعامل بالروبل والليرة التركية في التبادل التجاري بينهما، كما ستبدأ التعامل مع إيران والصين أيضًا بالعملات المحلية، قائلا إن تركيا عازمة على تحقيق استقلالها الكامل في الاقتصاد، بخاصة في مجال الصناعات الدفاعية.
وأكد أن اقتصاد تركيا سيتجاوز المرحلة الراهنة وسيخرج منها أقوى مما كان عليه في السابق.
وأضاف أن اكتفاء تركيا الذاتي في الصناعات الدفاعية كان بنسبة 20 في المائة عندما تسلّم حزبه العدالة والتنمية السلطة قبل 16 عامًا، وأصبح اليوم بنسبة 65 في المائة.
وكانت هذه هي المرة الثانية، خلال يومين، التي يهاجم فيها أردوغان مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية لنشرها تقارير بشأن الاقتصاد التركي المتراجع، وحث مواطنيه على عدم الاكتراث لتقييمات تلك الوكالات.
ويعتبر خبراء أن أردوغان تسبب في تقويض الثقة في العملة التركية، من خلال تصريحاته المتكررة "المربكة للأسواق" بشأن السيطرة على السياسات الاقتصادية في البلاد وضغوطه على البنك المركزي من أجل تخفيض أسعار الفائدة.
وهبط مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي 9 في المائة في أغسطس/آب الماضي على أساس شهري، ليسجل 83.9 نقطة، بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية.
وفقدت الليرة التركية نحو 42 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الجاري على خلفية المخاوف من إحكام إردوغان قبضته على الاقتصاد إضافة إلى التوتر الشديد في العلاقات بين أنقرة وواشنطن والتي زادت مع تطورات قضية القس الأميركي أندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بتهم تتعلق بدعم التطرف، ما دفع واشنطن لفرض عقوبات على تركيا بسبب رفض إطلاق سراحه كما تبادل البلدان زيادة الرسوم الجمركية على البضائع.
وخفضت وكالتا "موديز" و"ستاندرد آند بورز"، في أغسطس/آب الماضي، التصنيف الائتماني لتركيا، نتيجة للتقلبات الحادة التي شهدها سعر صرف الليرة التركية على مدار الأسبوعين الماضيين، وارتفاع معدل التضخم، الذي فاق 16 في المائة، واستمرار الاتجاه التصاعدي للعجز في المعاملات الجارية.
و أعلنت وكالة التنصيف الائتماني الدولية "موديز" أنها ستخفض تصنيفها الائتماني لـ20 بنكًا في تركيا، بسبب تراجع قيمة الليرة التركية، وتراجع القدرة التمويلية للبنوك.
وفي تعاملات الأسبوع الماضي، هبطت الليرة التركية بنسبة 9.1 في المائة إلى 6.55 ليرة لكل دولار، من 6 ليرات في بداية تعاملات الأسبوع يوم الاثنين الماضي.
واشتد إقبال المتعاملين في البنوك التركية على تحويل أموالهم بالليرة التركية إلى العملات الأجنبية، تجنبًا لهبوط أكبر في سعر صرف الليرة.
و انتقد أردوغان التعامل بالدولار الأميركي كعملة رئيسية في المعاملات التجارية، داعيًا إلى فك ارتباط التجارة العالمية به.
وحذّرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، منذ أيام، من أن تركيا تخوض معركة اقتصادية خاسرة؛ لأنها تلقي باللائمة على واشنطن في مشكلاتها المالية، لكنها في الحقيقة تقاتل العدو الخطأ؛ لأن جذور انهيار الليرة التركية تكمن في سياسات الرئيس أردوغان.
أرسل تعليقك