أعلن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، الثلاثاء، أن فرنسا والولايات المتحدة حددتا مهلة 15 يومًا للتوصل إلى تسوية بشأن الرسوم على المجموعات الرقمية العملاقة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وكان لومير يتحدث في لقاء مع صحافيين في مقر وزارة المال الفرنسية، مع المفوض الأوروبي للتجارة فيل هوغان، الذي أكد أن الاتحاد الأوروبي «سيقف إلى جانب فرنسا». وقال الوزير الفرنسي، «حددنا مهلة 15 يومًا تمامًا حتى لقائنا المقبل على هامش منتدى دافوس الاقتصادي»، الذي سيُعقد من 21 إلى 24 يناير (كانون الثاني) الجاري في المنتجع السويسري.
وتهدد إدارة الرئيس دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية على منتجات فرنسية رداً على فرض الرسوم الفرنسية على شركات التكنولوجيا. وفي هذا الشأن، قال لومير إنه «يأمل في هذه المرحلة من المفاوضات ألا تُفرض على فرنسا عقوبات أميركية» من أجل تحقيق تقدم داخل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية للتوصل إلى اتفاق عالمي حول رسوم قطاع التكنولوجيا يحل محل القرار الفرنسي.
وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي، «إذا فُرضت عقوبات أميركية... فسنرفع القضية إلى منظمة التجارة العالمية وسنكون مستعدين للرد»، وأضاف محذرًا، «نعد مشروع فرض عقوبات أميركية رداً على فرض الرسوم الفرنسية على الشركات الرقمية غير ودي وغير لائق وغير شرعي». ونفى أن تكون الضرائب الفرنسية تمييزية كما تقول السلطات الأميركية، كانت واشنطن قد أحيت قبل عام المفاوضات حول رسوم الشركات الرقمية داخل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بعدما عطلتها لسنوات. لكنها وضعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي شروطاً رفضتها باريس، ما أثار شكوكاً بشأن إمكان التوصل إلى اتفاق عالمي بحلول نهاية 2020.
وبعدما أقرت باريس ضريبة على العائدات التي يحققها عمالقة الإنترنت في فرنسا، وفي طليعتها مجموعة «غافا» التي تضم شركات: «غوغل، وآبل، وفيسبوك، وأمازون» الأميركية، قد تصب الولايات المتحدة غضبها على منتجات مثل الشمبانيا وجبنة الروكفور وحقائب اليد ومساحيق التجميل والأواني الخزفية من صنع «ليموج» وغيرها.
من جهته، أكد المفوض الأوروبي للتجارة، دعم الاتحاد الأوروبي لفرنسا، قبل زيارته الأسبوع المقبل لواشنطن لإجراء محادثات مع الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر. وقال: «نحن منفتحون على كل الإمكانيات»، مؤكداً أن «المفوضية الأوروبية ستقف إلى جانب فرنسا وكل الدول الأعضاء التي ترغب في ممارسة حقها السيادي بفرض رسوم عادلة على الشركات الرقمية».
وتترقب المنتجات الفرنسية فرض رسوم جمركية مشددة رداً على ضريبة فرضتها باريس على مجموعات الإنترنت العملاقة، حيث هددت إدارة ترمب مؤخراً بفرض رسوم مشددة تصل إلى 100% على منتجات فرنسية تساوي قيمتها 2.4 مليار دولار. وحدد روبرت لايتهايزر ممثل التجارة الأميركي، مهلة لتلقي تعليقات واقتراحات خطية من أفراد وعاملين في هذا القطاع، وعقد أمس، اجتماعاً علنياً للنظر في طلبات الإعفاء.
ولفتت «جمعية المأكولات الخاصة»، وهي منظمة مهنية تعنى بالقطاع الغذائي وتعد أكثر من 3900 عضو في الولايات المتحدة، في تعليقها الموجه إلى ممثل التجارة، إلى أن «الشركات الصغرى والمتوسطة ستعاقب على امتداد سلسلة التموين رداً على رسوم جمركية على عمالقة الخدمات الرقمية».
وتقدر المنظمة أن نحو 14 ألف بائع منتجات غذائية متخصصة سيتضررون جراء هذه الرسوم الجمركية، فضلاً عن أكثر من 20 ألف بائع آخر للمواد الغذائية عموماً. ولن يدخل الإجراء حيز التنفيذ قبل منتصف يناير، عند انتهاء فترة المشاورات، أما شركات الإنترنت الكبرى فامتنعت عن التنديد بهذه الرسوم الجمركية المشددة، ورأت جمعية «كمبيوتر آند كومونيكيشنس إندستري»، التي تضم «فيسبوك» و«أمازون» و«ألفابيت»، الشركة الأم لـ«غوغل»، وغيرها أن «تحرك فرنسا يستوجب رداً موازياً ومتناسباً من قِبل الولايات المتحدة». وتابعت أنه «إن كان من الضروري إدخال تعديلات على الضرائب الدولية على الاقتصاد الرقمي، فينبغي القيام بذلك في إطار آلية متعددة الأطراف في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي».
وسعيًا منها لوضع حد لممارسات ضريبية موضع جدل تقوم بها شركات الإنترنت المتعددة الأطراف المتهمة بتخفيض قيمة مداخيلها في فرنسا، أقرت الحكومة الفرنسية في نهاية 2018 ضريبة عُرفت باسم «غافا» تفرض على هذه الشركات ضرائب تساوي 3% من الإيرادات التي تحققها في فرنسا. كما تعتزم كندا فرض ضرائب على عمالقة الإنترنت، لكنها ستنتظر قرار منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي ستصدر تقريراً حول هذه المسألة خلال الصيف.
وأعلن برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي، منتصف ديسمبر الماضي، أن «التهديد بعقوبات أميركية غير مقبول. أولويتنا هي إيجاد حل دولي في إطار منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي حول الضرائب على القطاع الرقمي. ونحن مستعدون إن اقتضت الحاجة إلى الرد على المستوى الأوروبي».
وإذا نفذت الولايات المتحدة وعيدها، فستكون هذه ثاني سلسلة من العقوبات الجمركية المفروضة على فرنسا، بعد رسوم مشددة باشرت إدارة ترمب تنفيذها منتصف أكتوبر (تشرين الأول) في سياق المعركة القانونية الطويلة حول مسألة المساعدات الممنوحة لشركة «إيرباص»، وبلغت 10% على الطائرات الأوروبية و25% على منتجات غذائية من الاتحاد الأوروبي.
قــــــد يهمــــــــــك أيضًـــــا:
بوتين يؤكد تضرر الاقتصاد العالمي جراء العقوبات الأحادية
بوتين يؤكد أن استخدام أميركا للدولار كأداة سياسية يؤتي بنتائج عكسية
أرسل تعليقك