معاني مُخيفة وغير متوقعة لكلمة صدى
آخر تحديث 00:17:15 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

منها طائر يخرج من رأس القتيل

معاني مُخيفة وغير متوقعة لكلمة "صدى"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - معاني مُخيفة وغير متوقعة لكلمة "صدى"

كلمة "صدى"
القاهره - صوت الامارات

كثيرة هي الكلمات العربية التي تستعمل الآن، بمعنى ما، وكانت في أصلها تحمل معنى آخر قد لا يتخيله البعض أو يتوقعه، إلا أن الشيوع وتطور اللغة وغلبة الاستعمال، ونظام الاشتقاق في العربية، والتطور الحضاري، ساهموا جميعاً، بصناعة محتوى دلالي لكلمة، فيما كانت في أصلها، من غير سياق. 

أقرأ أيضًا:  جامعات بريطانية تسمح للأجانب بالاستعانة بالقاموس في الامتحانات

كـ"المؤامرة" التي تستعمل الآن، بمعناها الشائع المعروف، إلا أنها في أصولها تعود للتشاور، فيقال المؤامرةُ، المشاورة، وكذلك الائتمارُ والتآمر. 

من يجرؤ الآن، مثلاً، على وضع كلمتي (التآمر والمؤامرة) في سياق إيجابي؟ اللغة تتغير، بالقدر الذي نتغيّر فيه.

ومثل كلمة (التجديف) التي تقال لحركة جناحي الطائر، والتجديف الذي للسفينة، ويقال جدَف الملاّح، وجدَف الرجل في مشيته، أسرعَ، ثم صار التجديف إنكاراً للنعمة وإخفاء لها. 

ومنه معنى التجديف المستعمل بمدلوله الديني. 

والرجل مجدوف اليدين، البخيل.

ولعل كلمة الصدى، هي إحدى الكلمات العربية القديمة التي انتقلت من حال إلى حال، إلى الدرجة التي كانت مرتبطة بالقتل والموتى والجثث، ثم صارت مجرد إشارة إلى أصواتنا أو أصوات الآخرين وأصوات الأشياء.

الصدى ذَكَر البُوم وجمعه: أصداء!

وتأتي كلمة (الصدى) لتشكل فارقاً جذرياً، في مسمياتها، والتي أحصى منها (تاج العروس) 12 وجهاً منفصلاً.

وفيما اتفقت أمهات العربية، كالتاج ولسان العرب والقاموس المحيط وكتاب العين ومقاييس اللغة وتهذيب اللغة، وسواها، على جميع معاني كلمة (الصدى) فقد يستغرب البعض من أن أغلب مسميات هذه الكلمة، لا يرتبط بالمعنى الذي نستعمله الآن، وهو رجع الصوت، وصدى الصوت الذي يسمع في الوادي أو الجبل أو المكان الواسع الفارغ.

وكلمة الصدى متضاربة المعنى إلى درجة تحيّر فيها ألسني العربية ابن فارس، في معجم مقاييس اللغة، فقال عنها: "صدي، الصاد والدال والحرف المعتل، فيه كلمٌ متباعد القياس، ولا يكاد يلتقي فيه كلمتان في أصل". مورداً في اقتصاب يندر عند هذا الرجل، أحد معاني الصدى، قائلاً: "الصدى ذكَرُ البُوم، والجمع أصداء!".

إذن، (أصداء) التي نجمعها الآن، على أنها جمع صدى الشيء أو ما تبع الشيء، كالقول (أصداء القرار الفلاني) و(لا تزال أصداء الموضوع الفلاني تتردد..) هي في الأصل جمعٌ لذكر طائر البوم الذي يتطيّر منه البعض.

ويغادر ابن فارس كلمة (الصدى) بسرعة من مقاييسه، فهو أصلاً اعتبرها مشكلة من حروف متباعدة القياس. إلا أن ما غادره ابن فارس مسرعاً، مكث فيه لغويون كبار، طويلاً، فنعرف السبب الذي أرغمه على الخروج بسرعة من مقاييس الكلمة، فقد تبيّن أن الصدى، هو الرجلُ اللطيف الجسم أو الجسد، أيضاً!

ما سرّ ارتباط الصدى بالجسد البشري؟ هل هي فلسفة عربية قديمة ضاعت من بين أيدينا ولم نعد نعرف مبادئها؟

الصدى: ما يتبقى من المرء في قبره!

لكن بعدما كان الصدى ذكَر البُوم، ثم الرجل لطيف الجسد، علينا أن نكون مستعدين، للشيء الذي أطلقت العرب عليه، قديماً، اسم الصدى، وهو "جَسدُ الآدمي" إنما "بعد موته"، أو "ما يبقى من الميت في قبره"! يقول الزبيدي مرتضى الحسيني في تاجه، والمتوفى سنة 1205 للهجرة.

وعلى الرغم من أن الصدى، هو اسم للدماغ ذاته، وعلى الرغم من أنه اسم طائرٍ يهيم في الظلام، إلا أن الصدى بحروفها التي خرج منها ابن فارس، مسرعاً، هو "طائرٌ يخرج من رأس المقتول إذا بليَ!"، يقول التاج واللسان والقاموس المحيط وكتاب العين، وهو اسم قديم منذ ما قبل الإسلام.

..وهو طائرٌ يخرج من جثة الميت!

لم تنته مسميات كلمة الصدى التي بدت مخيفة المدلول كما ظهر، فالصدى هو العطش الشديد أيضاً، بل هو "سمكة سوداء طويلة، ضخمة، واحدتها صداة" يقول التاج. 

ويؤكد الأزهري في تهذيبه: "كانوا يسمّون ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت إذا بلي، الصدى". 

ويضيف: الجدجد الصدى".

ويؤكد أقدم معاجم العربية، كتاب العين، أن الصدى هو الهامُ الذكَرُ ويجمع "أصداء".

ونقل اللسان، أن العرب كانت تعتقد بأن عظام الموتى تتحول إلى نوع من الطيور، وكانوا يطلقون عليه اسم (الصدى!).

والمسميات الـ12 التي وردت في (التاج) لكلمة الصدى وقام الزبيدي نفسه بإحصائها والقول إن لها 12 وجها هي على التوالي: 1- الرجل لطيف الجسم، 2- جسد الآدمي بعد موته، 3- حشو الرأس، 4- الدماغ، 5- طائر الليل، 6- طائر يخرج من رأس المقتول، 7- فعل المتصدي، 8- العالِمُ بمصلحة المال يسمى الصدى، 9- الصدى العطش الشديد، 10- ما يردّه الجبلُ على المصوّت، 11- ذكَر البُوم، 12- سمكة سوداء ضخمة.

تتفرد كلمة الصدى بمسمياتها القديمة وتغيّرها الذي نقلها من مكان إلى آخر، بالكامل. 

مثلها ككلمة (الوهم) التي كانت تطلق على الجمل الضخم، فيما نستعملها الآن بمعنى الوهمي أي غير الحقيقي. 

وكذلك كلمة الشَّبَح التي كانت تطلق على الشخص، وأصبحت الآن تطلق على الشيء غير المرئي!

إلا أن أهل الفن والطرب لو عرفوا أن (الدّندنة) كانت اسماً لصوت الذباب والزنابير، لا بدّ سيحجمون عن الدندنة، ويدخلون في الغناء، مباشرة، وبأقوى طبقات أصواتهم. 

وكذلك المحسوس، قديماً، هو المقتول، مِن حسَّه، إذا قتله، فيما نستعملها الآن بمعنى المدركات، ونقول المحسوسات، كما لو أننا نقول المقتولات!

مفردات اللغة العربية، كتاب تاريخ مشفَّر، وضعت فيه العرب ما اختبرته في الحياة، فصارت كلماتها دلالة على فلسفتها، وصورة من تطورها وغناها، وما تغيُّر مسميات اللفظ الواحد عند العرب، إلا دلالة تطويع العربي للغته واستجابتها له. 

فلم تكن اللغة والحالة هذه، أداة تواصل، وحسب، بل نظام تفكير وأسلوب حياة.

قد يهمك أيضًا:

الأجهزة اللوحية في المدارس سقوط حرّ لمهارات الكتابة

دراسة تُؤكّد أنّ الكلمات المُتقاطعة لا تمنع تدهور القدرات الإدراكية

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاني مُخيفة وغير متوقعة لكلمة صدى معاني مُخيفة وغير متوقعة لكلمة صدى



GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates