تمكّنت المصوّرة الفوتوغرافية الفلسطينيّة هناء عوض، بإمكانات متواضعة تصور الواقع المعيشي بأدق تفاصيله، من إنطاق ما يحيط بها من مكونات مادية صامتة، فهي تحرك الجمادات، ولا تستثني شيئًا يمكن أن يساعدها في إحياء الصمت، وتحويله لحياة تعرف بفن تصوير الحياة الصامتة.
وأوضحت هناء، البالغة من العمر 29 عامًا، في حديث إلى "صوت الامارات"، أنَّ "الصورة وحدها لا تكفي، فصورتي عبارة عن إحساس يتشابك فيه الظل والنور والألوان، مشكلاً عالمًا جميلاً متناسقًا".
وأضافت "التصوير الفوتوغرافي الصامت مفقود في غزة، فأحببت التميّز"، لافتة إلى أنَّ "جميع أنواع التصوير الفني قليل جدًا في غزة لقلة المردود المادي، وقلة الوعي والثقافة في هذا النوع من الفن، إضافة إلى أنَّ نمط التصوير الإخباري هو المسيطر في غزة".
وأشارت هناء إلى أنه "على الرغم من الإمكانات المتواضعة، إلا أنها بدأت رحلة البحث عن الحياة الصامتة، لتصور بعدستها الواقع المعيشي بتفاصيله، وبحاجة الإنسان للحب والأمان، وهي أجمل من صورة الحرب، التي اعتاد العالم على مشاهدتها عن غزة".
وأبر هناء أنه "توجد طرق جميلة جدًا لاستخدام الكاميرا، عكس ما هو شائع عن استخدامها في وطننا، في التصوير الصحافي، وتصوير الحرب والشهداء، وأي شيء مؤلم لأبناء شعبنا ووطننا".
ونوهت هناء لحجم المعاناة الكبيرة التي واجهتها لفهم قواعد التصوير الفوتوغرافي الاحترافي، لاسيّما في مجال تصوير الحياة الصامتة "still life"، مشيرة إلى أنها "بعد طول عناء تمكنت من الحصول على كاميرا من نوع (canon)، على الرغم من أنها ليست من الإصدارات الحديثة"
وأردفت "ومع ذلك تأقلمت معها جدًا، وأثبت نفسي باستخدامها على الرغم من تدني جودتها، مقارنة مع متطلبات نظام تصوير الحياة الصامتة".
وكشفت هناء أنه "على الرغم من أنها المتخصصة الأولى في تصوير هذا المجال في غزة، إلا أنها لا تمتلك استوديو خاص لذلك، فهي تنتظر إسدال الليل حتى يتوفر لديها جو معتم يساعدها في التصوير، إضافة إلى أنها قامت بإنشاء أجواء خاصة بها، وللتصوير، باستخدام أثاث منزلها، كطاولة الطعام، وبعض الأقمشة وتخصيص غرفة مظلمة في منزلها".
وأكّدت هناء أنها "تعلمت قواعد وأسس هذا الفن من وسائل متعددة، منها الأنترنت والكتب واليوتيوب والفيسبوك والكتب الإلكترونية، إضافة للاستعانة بالمصورين والمصورات الذين تعرفت عليهم في البلدان العربية والأجنبية".
وعن تأثير التصوير على حياتها العائلية، حيث أن هناء متزوجة وأم لطفلين، قالت هناء "عائلتي هي أكثر الداعمين لي، لاسيّما زوجي، فهو أكثر من يدعمني بعد الله، فهو من أعد لي تقنيات الإضاءة والخلفيات، وكثير من الأمور"، مبرزة أنَّ "زوجها هو من قام بإنشاء صفحة لها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وأسماها عدسة من طراز خاص، نسبة إلى الكتاب المفضل لها (امرأة من طراز خاص)".
وبيّنت هناء أنَّ "صورة صفحة فيسبوك هي صورة الكتاب، حيث أنها صورته مربوط بحبل خيش قديم، ليعبر عن الصبر، مع قلم سميك خشبي، ليعبر عن القوة، على خلفية حمراء من الفرو الناعم ليعبر عن حبها للحياة، وأنها تبقى أنثى مهما كانت مهنية".
وتمنت هناء "الارتقاء بهذا النوع من التصوير الفني"، لافتة إلى أنَّ "ما يؤلمها هو غياب دعم الحكومة للفن عمومًا، لاسيما للمبتدئين فيه، وأكثر من ذلك عدم الإيمان من بعض الناس بنمط الحياة الصامتة".
وتتطلع هناء إلى من يرعى أعمالها، سواء كان من القطاع الخاص أو العام أو مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني
أرسل تعليقك