مراكش_ثورية ايشرم
كشفت الفنانة المغربية بشرى إيجورك في حديث خاص لـ "صوت الإمارات " أن مواهبي متعددة فأنا ممثلة وكاتبة ومخرجة مغربية، من مدينة الدار البيضاء خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط عام 1998 تلقت تكوينا في الإخراج بالمدرسة العليا للصوت و الصورة بباريس FEMIS ، وعملت كمديرة مسرح الحي البرتغالي بالجديدة ، وحاليا أنا مديرة المركب الثقافي الفردوس بالدار البيضاء، و شاركت كممثلة في مجموعة من الأعمال المسرحية و التلفزية و السينمائية من بينها فيلم " غزل الوقت ورحيل البحر، ماريا نصار، وجها لوجه "، إضافة إلى لعبها دورا أساسيا في المسلسل السوري "سيد العشاق " ، و مشاركتها في كتابة مجموعة من الأعمال المغربية منها سلسلة " لالة فاطمة" و " ياك احنا جيران " و " ماريا نصار" ، إضافة إلى مسلسل دموع الرجال الذي لعبت فيه الدور الناجح " نوال."
وصرحت الفنانة بشرى أن" الأعمال التي قمت بإخراجها حققت نجاحًا كبيرًا ، وحصلت على مجموعة من الجوائز الوطنية والدولية منها فيلم " البرتقالة المرة " الذي ما يزال يحقق نسبة إقبال كبيرة من طرف المشاهد المغربي حتى الآن ، إضافة إلى مجموعة من الأفلام الوثائقية إنتاج الجزيرة الوثائقية من بينها " الثوار الجدد" و " الحي المنسي" و " قرى بدون رجال" و " الوجه الأزرق" و "رزق من حجر "و أخرى إنتاج الجزيرة الإخبارية من بينها " فارس الركح" و "أقلام مزعجة"، كما عرفت في الوسط كذلك ككاتبة رأي من خلال عمود " فلاش باك" في جريدة المساء ثم في جريدة الأخبار، و كذلك باهتمامي بالعمل الجمعوي و بالطفولة و حقوق الإنسان و بكل المنسيين و المهمشين و كل ما يمكن أن يساهم في النهوض بقيم التسامح و المواطنة و الإبداع و رقي الوطن، كما كنت محبة للفن و الكتابة منذ الطفولة ، و تعلمت أبجديات الوقوف على الخشبة بمسرح مولاي رشيد حيث كنت أواظب على حضور محترف للفنون الدرامية يديره الفنان رشيد فكاك، و كنت أقرأ كثيرا و أكتب، وبعد حصولي على الباكالوريا قصدت المعهد العالي للفن المسرحي بالرباط و هكذا بدأت رحلة التحصيل و التجريب و الإبداع، أخرجت عروضا مسرحية و كتبتها و أنا لازلت طالبة ، اقتبست رواية الخبز الحافي للمسرح و بعد تخرجي مباشرة لعبت بفيلم " جذور أركان" ثم " مذكرات وردية" و كتبت رفقة زملاء كتاب سيتكوم " لالة فاطمة" و هكذا ولجت الفن من باب العلم و التكوين الأكاديمي صقلا للموهبة و رغبة في الاكتشاف و التعلم."
وأضافت إيجورك إلى أن " شعوري برغبة في التعبير عن أفكاري ومواقفي وأسئلة تؤرقني قادتني بعد البداية كممثلة وككاتبة إلى اختيار الاستفادة من تكوين متخصص في المدرسة العليا لمهن الصوت و الصورة بباريس la fémis وقمت بتصوير أولى أفلامي الوثائقية بفرنسا " كروان" و الذي جال العديد من المهرجانات الدولية و حصل على جوائز هامة وكان فاتحة خير علي في عالم الإخراج الذي في الواقع يمنحني حرية أكبر في التعبير وأختار مواضيعي وأسلوبي الجمالي بما يناسبني ويناسب ما أومن به من أفكار وما أحمله من أحلام، سواء في الأفلام الوثائقية أو الدرامية أجدني أميل إلى تصوير العالم بجمال حتى في أصعب لحظاته و أقداره، وهناك انتظارات نفسية وشخصية وأخرى مهنية وفنية وهي مرتبطة ببعضها،انتظرها لا سيما أن السينما تؤثر في الناس كما كرة القدم أو الإنترنيت، لذلك أنتظر منها أن تؤثر بشكل ايجابي، أن تثقف وتوعي وتكسب المتلقي مفاهيم الجمال، كذلك تمنحه القدرة على التحليل والنقاش وطرح الأسئلة، وفي نفس الآن يجب أن تخلق فرجة ومتعة وترفيه حسب نوعية الفيلم والجمهور المقصود والفئة العمرية ،أما بالنسبة لي فالإبداع بشكل عام سواء كممثلة أو كاتبة أو مخرجة يحقق لي متعة شخصية ونوعا من إثبات الذات والتعبير بثقة عما يخالجني من أحاسيس وأفكار اقتسمها مع الناس بكل كرم ورقي واحترام كبير لذكائهم و إنسانيتهم ."
وأشارت الفنانة إيجورك إلى أن " صورة المرأة المغربية في السينما الوطنية تظل نمطية في نظري ،لأننا غالبا ما نرى نفس " النموذج" من النساء ، إما خاضعات و خنوعات منكسرات، أو مشعوذات و مؤذيات، أو المرأة المختصرة في جسدها و العديد من الأفلام تقدم هذا النموذج الأخير بحثا عن الربح و الإثارة و خلق الجدل، فناذرا ما نشاهد "بطلة" محامية أو قاضية أو طبيبة ،فقيهة أو أستاذة أو رئيسة تعاونية أو جمعية ، مذيعة أو وزيرة أو رياضية، أين هي سينمانا الوطنية من كل هاته النماذج؟ المرأة المغربية بلغت مناصب عالية و تقود الطائرة و القطار و الطرامواي ونحن لا زلنا ننظر لها بدونية و ننتقص من دورها و كينونتها، ومن الدور الهام الذي ينتظر منها للنهوض بالمجتمع جنبا إلى جنب مع الرجل، وانا اعتبر الملتقيات الثقافية والمهرجانات السينمائية مهمة جدا خصوصا التي تراعي جودة التنظيم و تقدم أفلاما ذات جودة تصاحبها محترفات ودورات تكوينية وكذلك ندوات ونقاش للأفلام ، بالنسبة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش فهو موعد سنوي تحتفي فيه بلادنا بفنانين من كل المعمور، وبسينما دول مختلفة فعلى مدى أسبوع تقريبا نشاهد أسماء عالمية على البساط الأحمر وهذا تسويق راق لصورة المغرب المتسامح المنفتح، و لبلد مسلم ينبذ العنف ويحترم ثقافات الشعوب واختلافاتهم، و قد عشت تجربة رائعة أثناء إحدى دورات المهرجان حيث استفدت من ماستر مع المخرج العالمي مارتن سكورتسيزي والمخرج الإيراني عباس كيروستامي رفقة مخرجين مغاربة وأمريكيين وعقبه زرنا نيويورك وحضرنا مهرجان تريبيكا وشاركت في تقديم حفل اختتامه رفقة فنانين أمريكيين من بينهم روبير دينيرو، إلا أن هناك بعض المهرجانات الفارغة المضمون والمرتجلة لكنها سرعان ما تختفي فالبقاء دوما للجاد الأجود."
وأضافت بشرى إلى أن " إيماني بالحوار وبتبادل الأفكار والتجارب، طبعا يجعلني أتقبل النقد وأوليه اهتماما كبيرا ولا أتجاهله، لكن ما لا أستسيغه أحيانا النقد المجاني أو القذف أو النقد لمجرد النقد، أما الملاحظات الجادة والتي ستجعلني أعيد طرح الأسئلة أو الانتباه لأمور غفلتها أو استدراك شيء أغفلته أو لم أكن على علم به، بالعكس أسعد بها كثيرا وأرد على الملاحظات والاستفسارات من خلال صفحتي على الفايسبوك أو حينما يستوقفني أحد المهتمين بما أقدمه، وأتجاوب مع قرائي وكل الأوفياء الذين يتابعون أعمالي ويرغبون في أن أكون دوما في مستوى انتظاراتهم."
وأكدت بشرى إيجورك على أن " انطلاقتي مع الكتابة كانت منذ الطفولة ، كما كنت أكتب القصص القصيرة وبعض الخواطر، واهتممت أكثر بكتابة السيناريو أو اقتباس بعض الأعمال، وجل زملائي الفنانين كانوا على علم بصحبتي للقلم والكتاب، وأثناء لقاء بالصحفي رشيد نيني اقترح علي كتابة عمود بجريدة المساء حينها وشجعني على ذلك، وفعلا تجاوبت مع الفكرة ونشأ جسر جميل بيني و بين قرائي حمل اسم " فلاش باك" استمر طويلا بجريدة المساء وانتقل إلى جريدة الأخبار وسيحط قريبا إن شاء الله بمرفأ آخر، تجربة كتابة الرأي وفي منابر تتصدر نسب القراء، جعل كتاباتي تحلق عاليا وتصل الكثيرين في مناطق شتى من العالم، واكتشفت علاقة جميلة تجمع الكاتب بالقارئ و موعدا أسبوعيا منتظرا وتجاوبا لم أكن أنتظره، هذه التجربة أفادتني كثيرا وهي تعبير عن الذات وعن الأخر، عن رؤى ووجهات نظر شخصية، عن أسفار ولقاءات وحكايات عن أفراح و أحزان، عن هزائم و نجاحات،عن هذا الوطن الذي يسكنني، عن الحب وذاك الذي يبهر أنوثتي، عن كل شيء يحتفي بالحياة و لو دمعا."
وأشارت بشرى إلى أن المجالات التي اهتم بها واختصص فيها كلها ترتبط ببعضها البعض ولا يمكنني أن أفضل مجالا عن الآخر، كون رأسي يسع قبعات عدة، قبل كل شيء أنا أومن بالتخصص لذلك لا ألج أي مجال دون دراسة و تكوين و الاستفادة من ورشات ودورات تدريبية، فأنا لا أحب التطفل ولدينا للأسف ما يكفي منهم وفي كل المجالات، لذلك أعتبر أن انتقالي من مجال لآخر تطور طبيعي لمسيرتي وسواء مثلت أم كتبت أم أخرجت فالإبداع واحد والروح واحدة والفكر واحد، تختلف فقط وسائل التعبير من فن لآخر، حينما أمثل أعبر بصوتي وجسدي وحينما أكتب أبوح بما يختلج بصدري واقتسم مع الناس حرقة أسئلتي وأحيانا أحاسيسي وآرائي وحينما أخرج فأنا أعيد ترتيب العالم من زاويتي ورؤيتي و أوجه الضوء نحو الأماكن المظلمة فينا وحولنا، وفيلم البرتقالة المرة سيظل له طعم حلو في ذاكرتي و في قلوب كل من شاهده، أول فيلم طويل درامي أخرجه أبكى الكثيرين ولازال يبكيهم ،فهو مزيج من الفرح والعشق و الدمع و الأمل، مزيج منا ومن كل ما نحياه."
وأردفت الفنانة بشرى أن " طبعي هادئ و لا أنفعل إلا ناذرا، فأنا أميل للهدوء والتعقل والصبر، أستمد توازني من إيماني القوي وأفضل التعامل الرزين الرصين، طبعا يحدث أن أغضب أو أرفع صوتي قليلا أو أعبر عن امتعاضي من أمر ما، فأنا بشر مثل كل الناس، لكن والحمد لله أجد ملاذي في السكينة والحوار الراقي واللوم المصحوب بالبسمة، كما أن الإيمان القوي بالقدر خيره وشره، و بأن الله سبحانه وتعالى يرزقنا إن صبرنا، وتوكلنا عليه تعالى و اجتهدنا وحاولنا تجاوز محننا بعزيمة وشموخ وكبرياء، ومن هنا استمد قوتي ، كما استمدها أيضا من أسرتي وممن يحبونني ويتمنون لي الأفضل، الحزن و الفرح ليسا نقيضان، هما يكملان بعضهما البعض، فلا نفرح إلا لتدمع قلوبنا وعيوننا و لا نحزن إلا لتبتسم شفاهنا ووجوهنا، الحياة مزيج من اللين والقسوة، نصبر ونقاوم ونتمنى ونصلي و ندعو،فتكون الدنيا أجمل وأروع .
واختتمت بشرى إيجورك كلامها قائلة أنه " صعب علي أن أختصر نفسي في جملة، ولا في صفحات، لأن كل امرئ هو حصيلة ما عاش وما سيعيش، كلنا ذاك المزيج من التجارب والحكايات والأقدار والأحلام، كتبت يوما في " فلاش باك" ردا عن سؤال قرائي " من تكونين" فأجبت :
من أكون؟ كيف لي أن أختصر روحي في كلمات..
أحيانا نعتقد أن هويتنا هي بطاقة التعريف أو جواز السفر أو شهادة العمل، نحسب أيامنا بعمرنا وقيمتنا بممتلكاتنا وجهدنا برصيدنا البنكي.
كل وجودنا عبارة عن أرقام، نربط أصلنا في مسقط رأسنا وبوطن نستنزفه وندمره ونعلن حبنا له أناشيد وأغان ركيكة نحفظها وننساها ونركنها جانبًا إلى حين، يسألونني من أكون..
أنا ما لا يرى و ما لا يُقال..ما لا يُباع و ما لا يُشترى..ما لا يُساوم و ما لا يُستباح..لا أطأطئ رأسي إلا عاشقة، ولا أنحني إلا لتمر العواصف ولا أركع إلا للخالق، لا تسعدني آلام الناس و لا تغريني جلسات النميمة، لا تعجبني خصلات الشعر الناعمة الهادئة، ولا عبارات الحب المصطنعة ولا الهدايا التي يتناسى أصحابها ثمنها فوق غلافها..
أنا سيدة نفسي ، فهل يكفي هذا كجواب؟"
أرسل تعليقك