أبوظبي ـ صوت الإمارات
برعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة عشرة من مهرجان الظفرة البحري، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للتراث ونادي أبوظبي للرياضات البحرية، في الفترة من السادس عشر وحتى الخامس والعشرين من شهر فبراير الجاري، على شاطئ المغيرة في منطقة الظفرة.
يعمل المهرجان على التعريف بتراث وثقافة البحر في دولة الإمارات، من خلال السباقات البحرية، مثل سباقات القوارب الشراعية بأنواعها، والتجديف التراثي، والتفريس، والرياضات المرتبطة بالبحر، مثل السباحة وصيد السمك، وغيرهما من الأنشطة، حيث تبرز هذه الفعاليات الخصوصية الإماراتية في تطويع البيئة التقليدية من أجل العيش فيها بتناغم، ما يمثل وعياً مبكراً بأهمية الاستدامة، إذ تشكل هذه الأنشطة في جانب من جوانبها صوراً لأنماط معيشية سابقة شهدتها أرض الإمارات في حقب تاريخية قديمة.
إلى جانب هذا الدور المشهود الذي يسلط الضوء على ثقافة القطاع البحري الإماراتي، يحرص المهرجان على إبراز البعد الحضاري لدولة الإمارات وعراقة مجتمعها، من خلال الفنون والحرف الأصيلة التي تعبّر عن التنوع البيئي في الدولة، وتفصح عن تميز وتفرد الإنسان الإماراتي منذ القدم.
كما يولي المهرجان أهمية للأبعاد الاجتماعية في أنشطته، وذلك من خلال إرساء بيئة ملائمة للتبادل الثقافي، والتعريف بالعادات والتقاليد الإماراتية وأصالتها بين الزوار والسياح الأجانب الذين تفاعلوا إيجابياً مع فعاليات المهرجان منذ انطلاقته، مثل عروض الفنون الشعبية، والمطبخ، وغيرها.
تلبي القرية التراثية للمهرجان والسوق الشعبي المصاحب له عدداً من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والترفيهية، حيث تحوي القرية ركناً للفنون اليدوية، يقدم منتجات تعتمد على إعادة تدوير خامات البيئة المحلية، في تحقيق عملي لمفهوم الاستدامة في جوانبه التراثية والبيئية، مثل استخدام صدف المحار، وكرب النخيل لصنع أدوات فنية ومنزلية مختلفة، كما يُوجد ركن للحرف التراثية التقليدية، مثل تزيين الشيلة بخيوط الفضة، وحرفة التلي، وصناعة الكحل العربي، وسف الخوص، وصناعة الحناء. ويخدم السوق الشعبي بمحاله التي تبلغ خمسة وثلاثين محلاً، الجوانب الاقتصادية لمجتمع المنطقة والأسر المنتجة فيها، بعرض سلع تتنوع بين التراثية والحديثة، مثل أنواع العطور والبخور، وألعاب الأطفال، والمصوغات الذهبية والفضية، والملابس، والمشغولات اليدوية، والحلويات والأطعمة والتمور، والزينة وغيرها من المنتجات التي تحمل طابعاً إماراتياً خاصاً.
تعرّف القرية التراثية للمهرجان عبر العديد من الأركان والمعارض، بجوانب تراثية مختلفة، لاسيما التراث البحري، ليتعرف الزائر من خلال ورش وعروض حية على الأدوات المستخدمة في الطواشة، والجلافة، وصناعة الديين والشباك، وأدوات الغوص، وفلق المحار، ونماذج المحامل التراثية، والصيد وطرقه، وأنواع الأسماك والمخلوقات البحرية، وغيرها من تفاصيل الحياة البحرية الغنية والمتنوعة.
يبرز مهرجان الظفرة البحري، ضمن الأنشطة التي يقدمها للزوار، اهتمامه الكبير بالجوانب الترفيهية والتعليمية للصغار، حيث يحظى الأطفال بمساحات واسعة ضمن فعاليات المهرجان، إذ تم تخصيص مرسم لهم لممارسة نشاط الرسم والتلوين والمهارات اليدوية التي تحمل طابع الترفيه والمتعة الذهنية، كما خصص مسرح المهرجان.
وأغلب برامجه ومسابقاته وجوائزه اليومية لفئة الأطفال والزوار من مختلف الفئات العمرية.
ببرامجه المتسقة مع أهداف الحفاظ على الهوية الوطنية، والداعمة لاستراتيجيات صون التراث الإماراتي، يمثل مهرجان الظفرة البحري إحدى النوافذ المشرعة على الثقافة البحرية الإماراتية التي يطل من خلالها الزوار والسياح على ماضي الإمارات، ويستشرفون مستقبلها ويلمسون حاضرها، وهي تسير باطراد في طريق النماء والازدهار، فخورة بماضيها، ومتطلعة لمكانتها المستحقة بين الدول، كما يعبر عن خصوصية منطقة الظفرة، وعن الوجه الحضاري لإمارة أبوظبي، وعن تفرد إنسان الإمارات.يتوسط القرية التراثية في المهرجان، ركن القهوة لإبراز كرم الضيافة الإماراتية الأصيلة وطقوسها المحتفية بالضيف عبر القهوة العربية التي تحظى بمكانة كبيرة لدى الإماراتيين، بينما يعرف ركن الطبخ ومسابقاته الزوار بالثقافة الغذائية المحلية في الإمارات، ويعد سانحة لتذوق أطعمة خاصة ومتميزة.
ويستعرض ركن «أبدع من صدف» حرفاً إبداعية لصناعة أطواق وميداليات وصناديق وإنتاج لوحات فنية من صدف المحار كإعادة تدوير لبيئة مستدامة، ويستعرض ركن «أبدع من كراب» حرفاً إبداعية لإعادة تدوير كرب النخل وتحويله إلى لوحات فنية متنوعة.
كما يضم الجناح العديد من الحرف التقليدية، ومنها «صناعة البادلة» والتي تصنعها المرأة الإماراتية لتزيين أثوابها بخيوط الفضة مع خيوط القطن باستخدام «الكجوجة» لإنتاج منسوجات مختلفة، وصناعة «شيلة النغدة» التي تزين غطاء الرأس التقليدي بخيوط الفضة وبرسومات ونقوش مختلفة لاستخدامها في المناسبات السعيدة.ويتابع الزوار عن كثب «صناعة التلي» المستخدم في تزيين أثواب المرأة من خلال نسج خيوط الفضة مع خيوط البرسيم الحريرية باستخدام الكجوجة، و«سف الخوص» الذي يعد أحد الحرف لنسج أو تجديل سعف النخيل لصناعة أدوات مثل (المخرافة، السرود، المجبة) وغيرها الكثير والتي تستخدم في مجالات متعددة في البيت والحياة اليومية.
وتجذب الصناعات التقليدية بطرقها الإبداعية زوار المهرجان، إذ تشدهم صناعة «الكحل العربي» من حجر الإثمد بعد طحنه بعناية ونخله مع إضافة نوى التمر وسكر النبات أمام أعينهم التي سوف يكحلونها من منتج صنع أمامهم، وكذلك صناعة «الحناء» وكيف يتم طحن أوراق شجر الحناء المجففة ثم نخلها وعجنها للاستخدام على الشَّعَر والرسم بها على الأيادي والأقدام.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك