فاطمة العرارجي تُحاور بفرشاتها ثلاثية الإنسان والمكان والزمن
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

في معرض تشكيلي يجسّد مسيرتها الفنية لـ7عقود

فاطمة العرارجي تُحاور بفرشاتها ثلاثية الإنسان والمكان والزمن

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - فاطمة العرارجي تُحاور بفرشاتها ثلاثية الإنسان والمكان والزمن

الفنانة التشكيلية المصرية فاطمة العرارجي
القاهرة ـ سعيد فرماوي

تنسج الفنانة التشكيلية المصرية فاطمة العرارجي، فضاءات مصرية خالصة، تمزج بين دقّة التصوير وبراعة الاختزال، ضاربة فرشاتها بعمق في إيقاع الحياة ودروبها، فما إن تقع عيناك على إحدى لوحات الفنانة، ستتلمّس روح وسمات الجيل الثالث من رواد الحركة التشكيلية المصرية.

وخلال تجوّلك في معرضها الاستيعادي المُقام حالياً في «غاليري المسار» بالزمالك سترى مساراً لتطوّر الفن المصري الحديث، متجسّداً في أعمالها عبر 70 عاماً من الفن. لوحات العرارجي بموضوعاتها التكوينية، وحسّها اللوني الشاعري، وألوانها التي تُغني التجربة البصرية، تخلقُ سطوحاً إيهامية تتركها ضربات الفرشاة على الكنفاس في توليفة أسلوبية منمّقة من المشاعر والفكر وجماليات التراث المصري.

ولدت الفنانة العرارجي في القاهرة عام 1931. وكان والدها محمد العرارجي، أحد رموز ثورة 1919. تخرّجت في كلية الفنون الجميلة عام 1955، وأصبحت عام 1981 رئيسة لقسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية. شقت طريقها في الفن متوجهة للتصوير الزيتي مجسدة ما يدور حولها من سجالات سياسية وفكرية ثرية أثارها جيل الستينات، فاختارت التعبير بالفن مقدمة فهماً عميقاً لجماليات الفن المصري القديم، القبطي والشعبي، وابتُعثت إلى روما لتكتسب مزيداً من التواشج مع حركة الفن العالمية.

وتشكلت لدى العرارجي رؤية إبداعية وحياتية لمظاهر الحياة اليومية من حولها وحول تكوينها الفني، تقول : «كانت علاقتي بالفن في مرحلة الطفولة هواية حرصت الأسرة على تنميتها، وتحوّلت فيما بعد إلى شغف وعشق أثقلته بالدراسة، ثمّ تحول إلى مسار أكاديمي، لكنّ قوة التعبير بالفن ظلّت تراوغني، فحاولت التوفيق بين الدراسة والاستمرار بالرّسم بكل إصرار».

وعن ثلاثية الإنسان والمكان والزمن، التي اختارتها اسماً لمعرضها الحالي، تقول العرارجي: «لطالما شغلني الإنسان وعلاقته بمحيطه، سواء في القرية أو في المدينة أو في الصحراء، مع تقدم الإنسان في العمر تتراكم خبراته الحياتية بالترحال والتأمل ليتضح أمامه المغزى من الحياة». تعتبر العرارجي أنّ المعرض يمثّل «سنوات طويلة من البحث والتأمل في التراكمات الحضارية التي تأثّرت بها مصر وأهلها منذ آلاف السنين». في مجموعة «الإنسان والكون» ذات الألوان الهادئة المستمدة من ألوان الطبيعة، تحتلّ المرأة نصيباً كبيراً في أعمالها، نجدها عنصراً تشكيلياً ورمزاً للوجود الإنساني على وجه الأرض. وتؤكد أنّ «المرأة هي الحياة وهي المركز الذي تدور حوله كل تفاصيل الحياة، ولكنّي تعاملت معها بنظرة تحليلية ومزيد من الاختزال وصولاً لتلخيص الكتلة».

نساء فاطمة العرارجي شاخصات عبر فضاء اللوحة كأنّهن في مواجهة مع الحياة بنظرات حادة تخاطب المتلقي، وتروي واقعاً عن دورها كفاعله أساسية في المجتمع. أمّا شخوصها فتختزل وجوه الصّيادين والفلاحين وأهل الصّعيد وأهل بحري، فهي ترسم معاني الكفاح والهوية والانتماء والارتباط بالأرض المصرية، وتسلّط الضوء عن قرب، على قيمة الإنسان المصري وأصالته بلون البشرة الذي لفحتها أشعة الشمس. كما تكتسب شخصوها خصوصية أيضاً، بنسب مغايرة وخطوط هندسية ترمز لصلابة الإنسان المصري.

لا تميل الفنانة لخامة معينة أو ألوان محددة، بل تترك اللوحة تختار طبيعة ألوانها (زيتية أو مائية أو فريسك)، لكنّها تختار التكنيك وفقاً لرؤيتها التي بنتها حول ظاهرة ما «لا بد للفنان أن يعبّر عن منظوره للأمور وللحياة من حوله كمن يراقب مشهداً من بعيد ويدمج معه ثقافته الفنية».

يطغى اللون الأزرق على غالبية لوحات الفنانة، ويبدو تأثرها بالطبيعة البحرية ما بين الإسكندرية وبورسعيد والقاهرة. ما بين النيل والبحر، تعبر بنا العرارجي إلى المسطحات المائية المصرية والحياة حولها مجسّدة حياة الصيادين في بحيرة المنزلة، وتذهب أبعد من مجتمع الصّيادين لتجسّد حياة أسرة الصّياد في لوحتها «عائلة الصياد»، بينما نجدها في مجموعة «جدران الزمن»، متأثرة بحياة أهل الواحات والمنازل الحجرية المنحوتة في الجبال، من ثمّ تأخذنا لصعيد مصر مع أهل قرية القرنة بمنظورها الخاص، لكنّها لا ترسم الطبيعة.

وليد عبد الخالق، صاحب «غاليري المسار»، يقول، إنّ «العرارجي فنانة متميزة، حفرت لنفسها مكانة خاصة في فضاء التشكيل المصري، وهي تنتمي لجيل الستينات الذي تميز بتقنين الهوية المصرية في الفن والتفاعل مع الأحداث الاجتماعية والسياسية التي عايشتها مصر في تلك الفترة». ويضيف: «ستجدين التوجهات نفسها لدى عبد الهادي الجزار وباقي جيلهما، وهو التيار الذي أثرى الحركة التشكيلية المصرية برؤية غنية معاصرة». وفي لوحة «الساعة 12»، تعكس العرارجي تأثّرها بفترة المد الاشتراكي الذي غمر مصر في أعقاب ثورة 1952، في تجسيدها للعمال، وتأثرها بدورهم في عجلة الإنتاج، كذلك نجد في لوحة المقاومة الشّعبية لوحة تكتظّ بشخوص في حالة تأهب وحركة استعداد للمواجهة، بينما نجدها تبتعد عن التشخيص في لوحات تمزج ما بين التجريدية والسريالية، معبرة عن الإنسان وعلاقته بالكون، كأنّه ريشة في مهب الحياة بقدرة عميقة على الاختزال والتلاعب بالضوء، وتسخير الألوان للتّعبير عن المشاعر الإنسانية المختلطة.

بينما في مجموعة «لوحات الشهيد» تعكس تأثرها بالحروب التي مرّت بها مصر، مقدمة مشاعر الأمومة والحب بشكل مغاير في إسقاط على تضحيات الرجال والنساء في سبيل الوطن والأرض.

يعدُ هذا المعرض الفردي الأول للفنانة منذ 30 عاماً، ويتضمّن إلهام نحو 51 من الأعمال المرحلية للفنانة، تجسد تجربتها الفنية خلال 70 عاماً، وتتناول موضوعات متنوعة منها: الحياة المصرية، والعدوان، والأقصر والنوبة، وحرب 67، والشهيد، والطبقة العاملة، والأمومة، والإنسان والكون، وجدران الزمن وغيرها.

قد يهمك أيضًا :

وزيرة الثقافة توافق على سفر فرقة أوبرا لباريس

مؤتمر صحفى للإعلان عن تفاصيل أجندة الثقافة الأفريقية

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاطمة العرارجي تُحاور بفرشاتها ثلاثية الإنسان والمكان والزمن فاطمة العرارجي تُحاور بفرشاتها ثلاثية الإنسان والمكان والزمن



GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates