درويس ليسنج تؤكد أن إخناتون ملهمها والبعد عن الدم منهجها في عيد ميلادها
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

باعتبارها رمزًا للكاتبات الخالدات بفضل انحيازهم للقضايا الإنسانية العادلة

درويس ليسنج تؤكد أن "إخناتون" ملهمها والبعد عن الدم منهجها في عيد ميلادها

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - درويس ليسنج تؤكد أن "إخناتون" ملهمها والبعد عن الدم منهجها في عيد ميلادها

الكاتبة البريطانية دوريس ليسنج
لندن ـ ماريا طبراني

تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتبة البريطانية دوريس ليسنج (1919-2013)، التي حازت جائزة نوبل في الأدب عام 2007، ولا تزال رمزا للكاتبات الخالدات بفضل انحيازهم الدائم للقضايا الإنسانية العادلة.

ودوريس كانت عكس بيتر هاندكة الذي فاز بالجائزة هذا العام، فقد أبدت منذ بدايتها مع الكتابة حتى وفاتها حماسا لكل الأصوات المقهورة واختارت الالتفاف إلى ألم الآخرين.

وفي كتاب ترجم لها مؤخرا إلى اللغة العربية تحت عنوان "سجون نختار أن نحيا فيها"، تؤكد ليسنج الانطباع المأخوذ عنها حول مسيرتها الإبداعية، والتي يصعب فيها الفصل بين الكتابة والخبرة النضالية.

الكتاب صدر عن المركز القومي للترجمة بالتعاون مع دار العين، وترجمته سهير صبري ترجمة بالغة العذوبة لأن ما يستعرضه القارئ عبر فصول الكتاب أقرب إلى تأملات واستخلاصات من تجارب عاشتها الكاتبة التي تملك سيرة حياة فريدة، كونها تربت في بلدان متعددة، تركت أثرا في نصوصها التي فاضت بالتسامح والإيمان بمعنى التعددية الثقافية.

ودوريس إنجليزية ولدت في مدينة كرمانشاه غربي إيران، حيث عمل والدها هناك موظفا في البنك الفارسي الملكي قبل أن ينتقل إلى زيمبابوي، وهناك اضطرت ليسنج إلى استكمال تعليمها بنفسها.

 وفي سن مبكرة قررت الاستقلال عن الأسرة والعمل ممرضة ثم عاملة تليفونات، وسرعان ما تزوجت للمرة الأولى، وكان ذلك من فرانك وسدوم، الذي أنجبت منه طفلين، قبل أن تنتهي تلك الزيجة عام 1943.

وانضمت ليسينج بعد طلاقها إلى نادي كتب اليسار، وهناك تعرفت على جوتفريد ليسينج، زوجها الذي حملت اسمه قبل أن تنفصل عنه في 1949.

ذهبت بعد طلاقها إلى لندن لاستكمال مشوارها مع الكتابة والسعي وراء أفكارها السياسية، وحينها كانت بريطانيا تعيش حمى التغييرات العنيفة التي أعقبت تصدع الإمبراطورية بعد الحرب العالمية الثانية وغياب ونستون تشرشل عن الواجهة السياسية.

ظلت ليسنج مدينة لتلك السنوات التي صهرت خبرتها الإنسانية، عبر انخراطها في كل أشكال العمل لتأكيد يساريتها في ظل الحرب الثقافية الباردة.   

 وفي مذكراتها "تحت جلدي" (1994) الكثير من الإشارات الدالة على الأثمان التي دفعتها لتثبت نجاحها، بما في ذلك اعترافها بالتخلي عن أولادها من الزوج الأول لعدم استطاعتها تربيتهم.

ويتضمن كتابها "سجون نختار أن نحيا فيها" خبرة من نوع مختلف في مناهضة الأفكار الشمولية ونبذ التعصب ومواجهة أنظمة القمع.

والكتاب كان في الأصل مجموعة من المحاضرات قدمتها للإذاعة الكندية عام 1985، تبدي فيها إعجابا مدهشا بنموذج الحاكم المصري "إخناتون"، الذي عرف قبل العام الـ5 من حكمه بـ"أمنحوتب الرابع".

وكان من فراعنة الأسرة الـ18 وحكم مصر لمدة 17 عاماً وتوفي ربمَّا في 1336 ق.م، واشتهر بتخليه عن تعدد الآلهة المصرية التقليدية وإدخال عبادة جديدة تركزت على آتون.

وترى ليسنج أن "إخناتون" نموذج ملهم لكل الساعين إلى التغيير، فقد أطاح بمجموعة أفكار وفرض- ولو لفترة وجيزة- أفكارا جديدة.

واعتبرت دوريس أنه مصدر الإلهام لأنه فرد واحد شجاع تحدى الآلهة المهوولة للكهنة والدولة ووضع دين الحب والنور في مواجهة ديانة الموت.

تقول ليسنج: "المؤكد أنه تساءل ما الذي يمكن لفرد واحد أن يفعله في مواجهة النظام الرهيب لكهنته وآلهته المخيفين، وقال ما جدوى المحاولة أصلا؟ ومع ذلك مضى في طريقه إلى الخلود".

وتشير فصول الكتاب كيف اختارت الكاتبة دائما أن تواجه المؤسسات بغض النظر عن طبيعتها لتكشف زيفها أو ارتباطها بأشكال مختلفة من الهيمنة التي ينبغي مواجهتها.

وتشير إلى أنها كتبت ذات مرة كتابين باسم مستعار، وقامت بتسليمهما لناشرين باعتبار أنهما إنتاج كاتبة مغمورة.

وتقول: "قمت بذلك بدافع الفضول والرغبة في إلقاء الضوء على جوانب معينة من آلة النشر، والآليات التي تحكم كتابة التحليلات النقدية".

أقـــــــرأ أيضـــــــــا:

علماء الآثار في المتحف الوطني في دمشق يرمّمون تمثال "حسناء تدمر"

وكانت المفاجأة المتوقعة رفض الناشرين لكتابيها، وفاجأها أن نقاد أعمالها لم يتعرفوا على أسلوب الكاتبة "لأننا جميعاً نعتمد على أسماء العلامات التجارية والتغليف أكثر مما نظن عن أنفسنا"، وفي النهاية وبعدما كشفت عن الخدعة، ظهر الكتابان باسم "مذكرات جين سومرز" بقلم دوريس ليسنج 

وتبرز في الكتاب خبرة الخوف من الحرب، ومواجهة هيستيريا الدم التي تفيض بها الشاشات، متساءلة: "إلى أي مدى يسيطر علينا ماضينا الهمجي؟".

وتقول: "إننا في زمن من المخيف فيه أن نكون أحياء، فأينما نولي وجوهنا نرى الوحشية والغباء. متى لفظت كلمة (الدم) فهذا إيذان بأن العقل يستعد للرحيل". 

وتستعيد ملاحظات شغلتها بعد قراءة كتاب "ارثاسترا"، وهو كتاب هندي مكتوب قبل ألف عام، حول قواعد الحكم الرشيد كتبه كوتيليا معلم الإمبراطور وقتها والوصي على العرش، وتقول: "ما زلنا بعيدين عن الدولة بعد كل هذه السنوات" وتعبر عن أسفها لأننا "بعد مضي كل تلك السنوات لم نتعلمها أبدا، ولم نستفد أبدا مما راكمناه عن أنفسنا، فمعرفتنا بذواتنا لا تعني شيئا لأنها لا تعطي الخبرة التي توقف السعي إلى الدم أو الاستسلام للانفعال".  

وتحذر الكاتبة من التعصب، سواء لفكرة دينية أو سياسية، وتحذر كذلك من سلبيات الاستقطاب وتبدي اعتزازا بانتمائها إلى مهنة الكتابة، لأن "المبدعين عليهم مسؤولية إنسانية أكثر من غيرهم".

تقول عن الكتاب: "هم بحكم طبيعتهم يسهل عليهم التجرد من العواطف الجماعية ومن الأحوال الاجتماعية، لأن كل اليوتوبيات التي أنتجت في الأدب والخيال العلمي كان هدفها انتقاد المجتمعات القائمة بالفعل لأنه من الصعب أن تكتب يوتوبيا في الفراغ".   

وتضيف: "يثير الكتاب الريبة في المجتمعات الشمولية لأنهم يساعدوننا على رؤية أنفسنا"، ورغم إيمانها بعدالة الأفكار اليسارية التي تبنتها فإن هذا الإيمان لم يمنعها من استعراض تجربتها في اعتناق الشيوعية كأيديولوجيا اتسمت بالانغلاق وتتأمل تعصبها في سنوات شبابها وترى أنه "تعصب مفهوم، فعند سنوات معينة من العمر يكون لدى الجميع هذا السعي للانخراط في جماعة". 

وفي أحد فصول الكتاب تتحدث عن تقنيات غسيل الدماغ تحت عنوان: "الانصراف لمشاهدة مسلسل" وتلفت النظر إلى أنواع من الدعاية المفتعلة التي كان هدفها دائما التأثير في المشاهد.

وتقول: "تعرضنا دائما بدرجة أو بأخرى لغسيل الدماغ من قادة المجتمعات التي نحيا فيها، فهذه اللعبة هي جزء من الأوهام الكبرى المريحة التي يلجأ إليها كل مجتمع تقليدي للحفاظ على ثقته بذاته أما اليوم".   

وتستكمل: وصلنا للمرحلة التي لم يعد فيها القائد السياسي يلجأ وحده لعملية من هذا النوع لأنه الآن يستدعي خبراءه في الإعلام لأداء الدور بمهارة أكبر".

وتدعو ليسنج إلى تعليم الأطفال التاريخ والأدب فهما الفرعان العظيمان من المعرفة الإنسانية كما تؤكد نفورها من الشعارات وسعيها الدائم للعيش في مجتمع متفتح يسمح بتداول الأفكار.

قد يهمك أيضًا:

الآثار تستعيد تمثال الأبنة المدللة للملك "إخناتون" بعد سرقته من متحف ملوي

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درويس ليسنج تؤكد أن إخناتون ملهمها والبعد عن الدم منهجها في عيد ميلادها درويس ليسنج تؤكد أن إخناتون ملهمها والبعد عن الدم منهجها في عيد ميلادها



GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates