أنقاض مدينة نمرود تكشف عن وحشية تنظيم داعش
آخر تحديث 16:12:31 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

يقود حربًا شرسة لتدمير الثقافة والفن في العراق

أنقاض مدينة نمرود تكشف عن وحشية تنظيم "داعش"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - أنقاض مدينة نمرود تكشف عن وحشية تنظيم "داعش"

أحد المتطرفين أثناء تحطيم الأثار
واشنطن - يوسف مكي

سيطرت القوات العراقية على مدينة نمرود، أحد مواقع القصور الآشورية العظيمة، بعد معركة شرسة مع متطرفي "داعش". ويتبع تحرير أنقاض نمرود، استعادة نظام الرئيس الأسد لما تبقى من مدينة تدمر في وقت سابق من هذا العام. وتتراجع تدريجيًا الحرب الشرسة التي شنتها "داعش" على الآثار القديمة، وتم استعادة بعض المواقع الأثرية من منطقة الشرق الأوسط، ويمكن لعلماء الآثار حاليًا الذهاب، واكتشاف ما تبقى من قصر الملك آشور ناصريال الثاني 883-859 قبل الميلاد، أحد إبداعات الآشوريين القديمة المذهلة، وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو تحطم مدينة نمرود وتجريفها عام 2015، وشوهد المتطرفون في الصور يحطمون المنحوتات والتماثيل.
ولم يكن هناك حربًا ممنهجة على الثقافة، مثل التي خاضتها "داعش"، ونحن لم ندرك بعد هذه الدرجة من الوحشية البربرية. وتشير كلمة "البرابرة" إلى هؤلاء الذين اجتاحوا الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس قبل الميلاد، أنهم "الوندال" الذين أنهوا حكم الرومان، وهم شخصيات مخربة للممتلكات، ولا يزال اسمهم مرتبط بالتدمير الوحشي، بينما لم يكن القوط الغربيين وغيرهم من اللصوص، من مدمري الحضارة على الإطلاق، وبحلول القرن التاسع تصاعدت إمبراطورية شارلمان، والذي حاول استعادة تراث روما والحفاظ عليه، ومنذ تلك الفترة يعدّ التاريخ الثقافي بالكامل لأوروبا، وحتى العصر الحديث حكايات كلاسيكية متكررة.
وكانت الغزوات العربية التي جلبت الإسلام إلى شمال أفريقيا وأسبانيا في القرنين السابع والثامن، أكثر حساسية للتراث الكلاسيكي، وبعيدًا عن حرق الكتب، حرص الفاتحون على الحفاظ على الآثار وترجمة أعمال أرسطو وغيره من الكتاب اليونانيين إلى اللغة العربية، ويوضح المسجد الكبير في قرطبة كيف فسر الإسلام التقاليد الكلاسيكية، وتعدّ صورة الغزاة الهمجية الذين دمروا الحضارة بمثابة خرافة، وعادة حرص هؤلاء الغزاة على الاستفادة من تلك الثقافة وليس تدميرها، وعندما غزا جانكيز خان الصين في أوائل القرن 13، لم يدمر ثقافتها بل على العكس تبنى المنغوليون البرارة الحضارة الصينية، وساعدوا على نشر إنجازاتها.
ونجد أن معظم الغزاه حرصوا على تصوير أنفسهم كأصدقاء للثقافة وليس أعداء لها، واصطحب نابليون العلماء والمؤرخين معه إلى مصر وصوّر غزوه لمصر كمهمة ثقافية جيدة، حتى أن أدولف هتلر زعم أنه صديقًا للفن، وظل منغمسًا في المخططات المعمارية الضخمة الطموحة للمباني، بما في ذلك المتاحف في أيامه الأخيرة في القبو.
ويعتبر تنظيم "داعش" من أكثر التنظيمات المتطرفة كراهية للفن، وعلى النقيض نجد أن معظم المعتدين في التاريخ تظاهروا على الأقل بأنهم يحبون الثقافة حتى وإن كانت أفعالهم تدمرها، ويعدّ التنظيم الوحيد الذي سبق "داعش" في تدمير الفن حركة طالبان، والتي نسفت تمثالي بوذا في باميان عام 2001، وهو ما يمثل بداية عصر جديد للتعصب ضد الفن، وفي الحقيقة هناك تاريخ طويل من المتعصبين الدينيين الذي هاجموا الفن والجمال، وفي فترة الإصلاح في أوروبا هاجم الغوغاء الذين اعتقدوا بحب الفن الكاثوليكي حبًا أعمى التماثيل، وحطموا النوافذ الزجاجية الملونة، وإذا أردت حقا أن ترى تدمير الفن فيما قبل داعش يمكنك الذهاب إلى أي كنيسة بريطانية قديمة، حيث كانت كنائسنا الهادية حاليًا ضحية للمتعصبين الهائجين في إحدى الأيام.
وعلى النقيض عندما غزا الأتراك العثمانيون القسطنطينية عام 1453، فإنهم لم يهاجموا المبنى المسيحي بها، لكنهم حولوه إلى مسجد بغضافات بسيطة، وهو مسجد أيا صوفيا التي لا يزال موجدًا حتى اليوم، وهو تحفة مسيحية محافظة في قلب مدينة إسلامية، ويمثل نصب تذكاري لقدرة الإنسان على احترام الفن حتى عندما يرمز إلى نظام عقائدي مختلف.
واعترف أحمد فقيه المهدي في المحكمة الجنائية الدولية على تدميره للكنوز في تمبكتو، واعتذر عن هجومه الأعمى الجاهل على الثقافة، وهو ما يعدّ نقطة تحول، دعونا نتمنى أنه بعد هزيمة "داعش"، لن يأتي أحد ويجعل الفن عدوًا له، دعونا نعترف  بوجود حلقة كارثية من العنف الديني ضد الفن من قبل، وأن الحرب دمرت العديد من الأشياء الجميلة، ولكن لم يكن هناك تحديدًا معتدي سعى إلى تدمير الفن علنًا، ونفذّ سياسته في مواقع مثل نمرود وتدمر، وبذلك يمكن القول أن العهد الحقيقي للمخربين، ليس في  القرن الخامس ولكن في القرن 21.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنقاض مدينة نمرود تكشف عن وحشية تنظيم داعش أنقاض مدينة نمرود تكشف عن وحشية تنظيم داعش



GMT 17:08 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى مع مقاعد كبيرة وسرعة فائقة

GMT 00:39 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحقق في 3 أشهر فائضاً أولياً بـ 100 مليون جنيه

GMT 10:56 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب فهمي يؤكّد أن "سيرة الحب" تتحدث عن حياة بليغ حمدي

GMT 12:07 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حاتم يقترب مِن إنهاء مَشاهده في فيلم "قصة حب"

GMT 19:02 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

للمرة الأولى فُرص عمل على "الشباب والرياضة" الجمعة المقبلة

GMT 00:15 2016 الأحد ,10 إبريل / نيسان

“النغم الشارد”

GMT 15:52 2013 الإثنين ,12 آب / أغسطس

صدور "فضيلة رائعة في مجموعة قصصية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates