رشا عدلي تستدعي تاريخها عبر روايتها على مشارف الليل
آخر تحديث 00:22:13 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

حفيدة آخر سلاطين العثمانيين في مرايا السرد

رشا عدلي تستدعي تاريخها عبر روايتها "على مشارف الليل"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - رشا عدلي تستدعي تاريخها عبر روايتها "على مشارف الليل"

رواية «على مشارف الليل» للكاتبة المصرية رشا عدلي
القاهرة _صوت الامارات

تهيمن دراما التاريخ على أحداث رواية «على مشارف الليل» للكاتبة المصرية رشا عدلي، الصادرة عن «الدار العربية للعلوم ناشرون». فالحدث التاريخي يقود وراءه قاطرة من التغيرات تنطبع على أرواح أبطالها، فأينما هبطوا في أي مكان يحملون الحكايات ليُدونها آخرون، في تراكم إنساني ومصائري تؤسسه الرواية متكئة على قصة تتفتح مآلاتها بين بطلة شابة وأميرة سابقة بدرجة ملكية أرستقراطية.

اقرأ أيضا:

إليكَ الرواية الكاملة لانهيار بيت نجاة الصغيرة ولجوئها إلى الشارع

ترتكز الرواية في بنائها السردي على تقنية الاستدعاء؛ استدعاء الذكريات العائلية، والتاريخية والشعورية، من خلال البطلة «ريم» التي تشتغل بمجال الترجمة، وتتهيأ لها فرصة استثنائية بسبب ميولها الأدبية ومعرفتها الجيدة باللغة التركية، بأن يتم ترشيحها لكتابة مذكرات صاحبة السمو الإمبراطوري فاطمة نسل شاه، حفيدة السلطان العثماني عبد المجيد الثاني، آخر خلفاء الدولة العثمانية. ويعتمد جزء من عملها على ترجمة مذكراتها من اللغة التركية إلى العربية، علاوة على تدوين وتحرير باقي مذكراتها الشفهية على طريقة السرد الذاتي، وهي مهمة لا تخلو من اجترار عميق مؤلم وصفته الأميرة بقولها ذات مرة: «هذه الأوراق كأنها شظايا من فنجان شاي مكسور تروي قصة حياة لم أعد أذكرها».

ويتنقل السرد بين الإحباطات الشخصية التي تمر بها البطلة الشابة التي تُعاني من آثار الفقد الأسري والعاطفي، فتجد في السيرة الذاتية للأميرة فاطمة حياة موازية. هي في حضرة أميرة حقيقية تعيش داخل قصر عريق في قلب حي راق بالقاهرة، مُرصع بصور باشوات وهوانم، تُشير إليها الأميرة فاطمة لفتح صندوق منقوش بالمُنمنمات الرقيقة يحتوي على دفاتر عمر منيف تبدأ أحداثه منذ عام 1924. كانت مُهمة «ريم» إعادة تحرير الذكريات التي كُتبت على عجل دون أناقة في التعبير، ليكون الأسلوب الأدبي هو بوابتها لعبور الحكاية. في هذا الفضاء، وجدت نفسها تنجذب بشدة تجاه هذه الأحداث التي كانت تدور أمامها في شريط سينمائي بالأبيض والأسود، ثم توقفت عند نص معين، وبدأت الترجمة بنسق أدبي، كما أمرتها السيدة التي تبدو في مظهرها الأرستقراطي الأنيق أميرة حقاً، رغم ملامحها المُغلفة بقناع من البساطة وبحزن عميق.

تنسج خيوط الوقائع التاريخية المستلهمة من سيرة الأميرة فاطمة نسل شاه، والأخرى المُتخيلة في الرواية، العالم السردي الممتد عبر قرن من الزمن، عالم يتفتح مع كل ورقة أو حكاية جديدة ترويها الأميرة التركية وهي تتذكر سنوات نشأتها الأولى كأميرة في إسطنبول، مروراً بطرد عائلتها بعد الثورة التركية، وتحول الحكم الملكي إلى جمهوري: «كنا 150 شخصاً من آل عثمان، طردنا من الوطن، وخرجنا بوفاض خالٍ من كل شيء إلا الذكرى». وتنتقل الذاكرة إلى مدينة نيس الفرنسية، حيث كانت الأميرة على موعد قدري للزواج من الأمير المصري محمد عبد المنعم، ابن الخديوي عباس حلمي الثاني، وهي الزيجة التي تضعها في قلب دائرة سياسية أخرى في مصر، بعد أن يتم اختيار زوجها الأمير عبد المنعم وصياً على العرش، خلفاً للملك فاروق، بعد ثورة الضباط الأحرار 1952. ولكن مع تصاعد الأحداث، يتم وضعها هي وزوجها تحت الإقامة الجبرية، واتهامهما بالضلوع والمشاركة في قلب نظام الحكم. وبعد تبرئتهما من هذا الاتهام، تغادر الأميرة إلى باريس، وبعدها تسمح السلطات التركية لنساء العائلات العثمانية بالعودة لتركيا عام 1957، فتعود لبلدها بعد أربعين عاماً من النفي، ولكنها تعود لمصر من جديد بمصاحبة جثمان زوجها ليدفن في مصر، وسط استقبال واحتفاء رسمي، بحضور مندوب من الرئاسة، لا سيما أن وفاته أعقبت قرار الرئيس الراحل أنور السادات عام 1970 فتح صفحة جديدة مع أبناء العائلة المالكة.

تجعل الكاتبة من وقت خفوت الضوء، أو كما يعبر اسم الرواية «على مشارف الليل»، ركيزة لتجسيد حالة الخوف الذي يعتري بطلتي الرواية، فكما تقلبات الظرف التاريخي الذي عصف بحياة الأميرة فاطمة، تمر البطلة الشابة هي الأخرى بتقلبات مجتمعية وعاطفية جسيمة منذ طفولتها، مروراً بسنوات نضجها. وكما تقول في حالة من المناجاة الداخلية: «على مشارف الليل، كُنت أصاب بخوف شديد، أقضي الوقت راقدة على الفراش. وفي معظم الأحيان، كنت أبكي بشدة. كانت طفولتي ومراهقتي سنوات مريعة، عندما أتذكرها أسأل نفسي: كيف مررت بها؟». ويبدو أنها مع انتهاء مُهمتها بكتابة مذكرات الأميرة العجوز، شعرت بأن ثمة ضوءاً قد نفذ في حُلكة ليلها، أضاء السرد على مدار مهمتها التدوينية لسيرة الأميرة، وجوانب من التاريخ الشخصي البارد الذي تعيشه بطلة الرواية، وسط تفانٍ في مهمات الترجمة، والعطلة الأسبوعية المُسخرة لمهام التسوق، وبيتها الخالي إلا من الدُمى التي تستقبلها في غرفتها، والتي صنعت منها الكاتبة عالماً رمزياً يوازي العالم الأسري الذي تفتقده بطلتها الشابة، ما جعل في زيارات الأميرة العثمانية كثيراً من المواساة لها، ليس فقط لاندماجها مع قصتها الاستثنائية الشجية، وإنما لدخولها في أثناء تلك المهمة سياقات صاخبة من الحياة تصعد بها في نهاية الرواية على متن طائرة متوجهة إلى باريس، لتبدأ فصلاً جديداً من حياتها، في مهمة لا علاقة لها بالترجمة. وفي الوقت الذي كانت الأميرة فاطمة تلمس فيه الكتاب الذي يحمل اسمها ومذكراتها، كانت ريم قد تركت من ورائها إرثها الشخصي الفاتر، لتبدأ فصلاً جديداً للحياة ببريق ساطع له رنينه الخاص.

قد يهمك أيضا:

ماريز كوندي تعيد اكتشاف نفسها في "أنا تيتوبا: ساحرة سالم السوداء"

المصريون يفتحون كتاب التاريخ مجددًا أمام العالم

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رشا عدلي تستدعي تاريخها عبر روايتها على مشارف الليل رشا عدلي تستدعي تاريخها عبر روايتها على مشارف الليل



GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates