تواصل دولة الإمارات ما بدأته على يد مؤسسها وبانيها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من تطور وتقدم وعمل جاد، من أجل رفاهية المجتمع ورفعة الدولة.
لم يكن الأمر صعباً مع تولي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان المسؤولية، ليسير على النهج نفسه الذي زرعه المؤسس الباني الشيخ زايد لدى أبنائه، ولم يكن هذا بغريب على الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي بدأ مبكراً في تحمل المسؤولية، إذ تولى منصب ولي عهد إمارة أبوظبي وهو في الـ23 من عمره، وشغل أيضاً منصب رئيس الوزراء، ووزير المالية ووزير الدفاع، وهي ثلاث حقائب
وزارية مركزية للإدارة الناشئة في الإمارة. وكان سموه قبل ذلك ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، وبفضل هذه المسؤوليات المبكرة؛ أصبح الشيخ خليفة في فترة التغير الجذري الكبير الذي تلا ارتقاء والده سدة الحكم في شهر أغسطس 1966 معتاداً الدور الذي كان منوطاً به، حسب ما يذكر الكاتب غريم ويلسون في كتابه "خليفة رحلة إلى المستقبل"، الصادر عن الأرشيف الوطني.
وتشرَّب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان القيم الأساسية للقيادة الناجحة من الشيخ زايد، رحمه الله، وجعل من خدمة هذا البلد وشعبه مهمة حياته؛ حسب ما يذكر ويلسون في الكتاب، فقد شهد الشيخ الشاب منذ نعومة أظفاره ما كان والده يدعو إليه دائماً ويطبقه: "إذا كان لله عز وجل قد مَنَّ علينا بالثروة، فإن أول ما نلتزم به ابتغاءً لمرضاة لله وشكره هو أن نوجّه هذه الثروة لإصلاح البلاد،
ولتحقيق الرفاهة لشعبها". وعلى هذا النهج نفسه سار الشيخ خليفة وهو يتولى مهماته الرسمية بجدّ وكفاءة، متابعاً نصائح والده، وحاذياً حذوه بدقة، ويدعمه بقوة كبار أفراد أسرة آل نهيان.
ويستعرض غريم ويلسون، في كتابه، محطات من مسيرة رئيس الدولة في مجال السياسة وصناعة القرار، التي انطلقت مبكراً، وتوجت بتولي سموه رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة. ويتوقف الكاتب أمام عام 1966، واصفاً إياه بأنه كان عام التجديد والنهضة في تاريخ إمارة أبوظبي. فقد أذن تولِّي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في السادس من أغسطس، ببزوغ فجر عهد جديد، مشيراً إلى أن عقدي الستينات والسبعينات اللذين أعقبا ذلك تميزا بحدوث تحولات هائلة في الإمارة بقيادة الراحل الشيخ زايد.
وشهدت تلك الفترة تطوراً سريعاً في مسيرة الشيخ خليفة السياسية، التي مهدت له الطريق ليكون الرئيس المستقبلي للدولة. وكانت مدينة العين، التي تمثل قلب واحة كبيرة وخصبة، نقطة انطلاق
لمسيرة الشيخ خليفة السياسية، مثلما كانت للشيخ زايد قبل 20 عاماً، عندما اختار نجله الأكبر الذي لم يتجاوز الـ18 من عمره آنذاك، ليشغل منصبه ممثلاً للحاكم في المنطقة الشرقية، وعينه أيضاً رئيساً لمحاكم العدل في مدينة العين، وذلك بموجب المرسوم الأميري رقم (3) الذي صدر في 11/ 9/ 1966، وأُسِّست به مختلف الإدارات الحكومية في إمارة أبوظبي.
معلم مهم
في عام 1968؛ أصدر الشيخ زايد، طيب الله ثراه، المرسوم رقم (14) بإنشاء أول مجلس تخطيط في إمارة أبوظبي برئاسته، وعيّن الشيخ خليفة أول نائب لرئيس هذا المجلس. وكان إنشاء مجلس التخطيط هذا، والذي كان يمثل سلطة تشريعية وتنفيذية في الوقت نفسه، مَعلماً مهماً في التطور السياسي لإمارة أبوظبي. وانصبّ تركيز الشيخ خليفة الأساسي، بصفته نائب رئيس المجلس، على
رفع مستوى معيشة مواطني إمارة أبوظبي، بتزويدهم بالبنية التحتية والمرافق الأساسية للتدريب في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة. أيضاً؛ عمد الشيخ زايد منذ البداية المبكرة إلى تأسيس قوة دفاع أبوظبي، وأسس بعدها دائرة الدفاع للاهتمام بشؤون هذه القوة، انطلاقاً من إيمانه بأهمية تأسيس جيش قادر على الدفاع عن الإمارة، وتوفير الأمن والاستقرار اللازمين لتحقيق النمو الاقتصادي
والاجتماعي في أبوظبي والمنطقة. وفي فبراير عام 1969، أصدر الشيخ زايد مرسومين أميريين مهمين بتعيين الشيخ خليفة ولياً للعهد، ورئيساً لدائرة الدفاع مع منحه رتبة فريق في قوة دفاع أبوظبي، وبصفته ولي العهد، أُسندت إليه منذ ذلك الحين مهمة الحاكم بالإنابة عند غياب والده، وأثبت قدرته على الحكم. وبدأ الفريق الشيخ خليفة منذ تعيينه رئيساً لقوة الدفاع بأداء دور رئيس في
تحويل هذه الأخيرة من قوة صغيرة قوامها أفراد من الحراس إلى قوة متعددة المهام تتألف من قوات مشاة ووحدات جوية وبحرية مجهزة بأحدث العتاد، وقد كرّس ولي العهد، بناء على تعليمات والده، طاقاته لتدريب الأفراد في الجيش، وإنشاء كادر وطني عسكري قادر على أداء مهام حماية أرض آبائه وأجداده
أرسل تعليقك