نيويورك ـ سناء المر
بدأ كطفل من مقاطعة كوينز بنيويورك، عبر النهر الشرقي ليصبح متلاعبا كبيرًا في مجال العقارات، وأنشأ بنايات طويلة حفر بها اسمه بحروف من ذهب في هذا المجال، سافر ليعيش في منهاتن الصاخبة حياة صنعتها أحلامه، الثروة والنوادي الليلية والجنساء المثيرات الجميلات، ويرجع دونالد ترامب الفضل لوالده لتعليمه التجارة، ولكن هناك ناصح أخر له تأثير على ترامب وهو ريقيرند نورمان فينست بيل، مؤلف كتاب التحفيز الأكثر مبيعا عام 1952 "قوة التفكير الإيجابي"، وكان والدا ترامب يأخذونه ليسمع محاضرات التفكير الإيجابي في كنيسة بيويورك في بداية الخمسينيات، في الوقت الذي كان لبيل عمودًا صحافيًا وبرنامجًا تلفزيونيًا يصل الى الملايين.
وأثرت ندوات بيل في دونالد وأبيه، خاصة كلماته "أعرف أنني يمكني بمشيئة الله أن أبيع المكانس الكهربائية"، وفقًا لكتاب ميكل كرانشي ومارك فيشر "ترامب مكشوفًا": رحلة من الطموح والتحقق والثروة والقوة لأميركي"، وتبنى ترامب كلمات بيل وثقافة الاعتماد على النفس التي تعد عماد الثقافة الأميركية وعلم نفسه ليكسب من خلال تفكيره فقط أفضل المكاسب، وقال: "يمكن للعقل أن يتجاوز أي عقبة، أنا لا أفكر أبدًا تفكيرًا سلبيًا"، ووفقا للكتاب، فإن ترامب قال: "لقد كنت أنجب تلاميذه على الإطلاق. وبدعم بيل ركض ترامب في الحياة، وكان المبدأ الأول لبيل "يمكنك بيع أي شيء بمشيئة الله"، التي حفزت ترامب لكي يكون "المطور المغرور الذي يطلي كل شئ بطلاء من الذهب"، الشخص الذي جعل من مدينة أتلانتك مدينة عظيمة مرة أخرى (قبل أن تنهار)، الشخص الهزلي الذي وصف نفسه بأنه "ماكينة تقدير الشئ"، الشخص الهامشي الذي احتل الواجهة.
وفي البرنامج التلفزيوني "ذا أبرينتيسا" الذي قلب كل الحقائق ، وسمح له بأن يبدو "رجلًا لائقًا"، أصبح البرنامج إعلانًا مفتوحًا لإمبراطورية ترامب ولحياته، لقد صنع ترامب من نفسه شخصية عامة جديدة، تبدو إنسانية بما لا يتوافق مع حالتي منازله المطلية بالطلاء الذهبي ومن شخصيته التي يدفع بها دائمًا إلى الأمام، ومن خلال البرنامج، حاز على حب واحترام وسط أميركا، وهذا ما جعل من البرنامج جسرًا لحملته الانتخابية الرئاسية، وفي موسم البرنامج الأول عام 2004، بدأ ترامب الحديث في السياسة، وتذكر المهاجر البريطاني مارك بورنيت الذي كان يبيع تيشيرتات على شاطئ فينيسيا بمقابل 18 دولار، منها أنتج برنامج "سيرفيفر" ثم برنامج "أبرينتسيا"، كلمات ترامب "ربما سأترشخ يومًا لانتخابات الرئاسة"، لقد أصبح "المبشر بإنجيل أمريكا للنجاح"، وقال مؤلفا الكتاب: "لقد صدر البرنامج صورة للمضيف على أنه منافس فائق الكفاءة والثقة، يوزع السلطات ويحصل على نتائج فورية".
وتوصل بورنيت لقناعة إذا ترشح ترامب ربما لا يكون هذا بسبب البرنامج، ولكن بدون البرنامج لم يكن ترامب ليترشح، وقال المؤلفان: "الناس يريدون سماع رجل صريح يعبر عن نفسه بوضوح مثلما يظهر عليه في هذا البرنامج، وليس كما في البرامج السياسية يخفش صوته ليقوم بتصحيح شيء وقع فيه"، ويشبع البرنامج حاجة ترامب الفائقة للحصول على شرعية جماهيرية، لذا فهو يستدعي كل يوم مدير البرامج بقناة "أن بي سي" ويسأله عن حجم مشاهدات حلقاته، وكان هذا النجاح المبكر للبرنامج الذي استغله ترامب، دافعه لخض الانتخابات، كما قال منتج البرنامج، وأكد مدير العلاقات العامة في القناة جيم دون إن "هذا البرنامج كان ساحرًا، لذا حاول ترامب ان يستغل مكاسبه".
وزعم المؤلفان أن في سنواته الاولى في مانهتن بينما كان يبني ناطحات، أصبح ترامب مدمنًا الظهور الإعلامي الذي سعى إليه، وقال الكاتب في مجلة "نيويورك ماجزين": "ربما أصبح هذا مثل المخدر في دمائه"، مضيفًا: "كنت أسير معه في مبنى من مبانيه، ولكن ترامب انتظر ونظر على غرفة من الغرف حتى امتلأت، لقد اعتبر أن هذه اللحظة لحظة تحقق له، فهو يعيش من أجل هذه اللحظات"، وأوضح: "ترامب يركز على الحصول على اسمه على المنتجات والمباني وعلى القصص بجانب مديريه التنفيذين، وحتى الصحفيين، مندهشا بقوله هل يوجد ما هو أهم للرجل من شخصيته العامة".
وكشف محرر صحيفة "نيويوركر": "في أي مكان يتلفت ترامب يرى تاسم دونالد ترامب"، وتساءل: "ما هو مقدار التقدم والشعبية الذي في صالح تجارته وما هو المقدار لملئ الحاجة التي بداخله لذلك"، حتى لو أصبح رئيسًا، سيصبح كل يوم في دائرة الضوء، الشئ الذي سعى من أجله طوال حياته، متباهيًا بثروته عاملا من أجل الحفاظ على اسمه في الصفحات الأولى في مجال الأعمال، وقال المؤلفان: "ربما كما يقول منتقديه، سيكون شعور يشبع غروره"، لقد تمكن من أن يصنع ضجيج حوله وكان مزيجًا من شخص زكي يجيد العرض ورجل مشاكس، ونصير الشارع شديد الحساسية، والرجل القادر على توليد التملق والسخرية، وعلى الرغم من اعتباره غير مثقف وأحمق من النخبة، إلا أنه قال غنه اتخذ كل قرارات حياته دون استشارة أحد، وقال: "أنا أفهم الحياة وكيف تدور، أنا أسطورة تماثل أسطورة لون رانجر"، وعندما كان عمره 12 عامًا، رحل مع صديقه المليونير بيتر برانت الذي أصبح منتجًا معروفًا، القطار إلى مانهتن للحصول على مغامرة، دون معرفة أهليهما، أنهما حتى لم يستأذنا.
وأعلن المؤلفان: "مانهتن كانت بعيدة بالنسبة لهما، وخطرة للغاية، وكانت معقل للبطال العظماء الموجودين في كتب الكوميكس، وللمليونيرات والمشاهير وللعصابات"، وكان ميدان تايمز له جاذبية لدى الصبيين، فالأرصفة تمتلئ بالعاهرات والمحلات التجارية العارضة لكل جديد، وعندما عاد إلى مدينة كوينز وجد أبيه فريد إزدهارا في سوق بناء المنازل التي يسميها مواطنو نيويورك "المنازل الخشبية لترامب"، وعندما ولد طفلهما الخامس، رحلا والدا ترامب من منزلهما ذو الخمس حجرات إلى منزل به 23 حجرة، ووضع فريد سيارته الكادلك لموزين برخصة سيارة تحمل حروف اسمه الأولى في الخارج، تباهيا بثروته، وفيما بعد سار دونالد على نهجه بسيارته شيفورليد كادي فضية، برخصة تحمل الحروف الأولى من اسمه أيضا، وكان يذهب دونالد للمدرسة بسيارة إيطالية، بينما كان زملائه يذهبون بدراجات، ولم يكن فريد جارًا ودودًا، فقد طلب من جاره أن يضع مقوي إشارة أعلى سطح جاره، لاعتقاده أن هذا يحسن من الإرسال، وافق جاره على أمل أن يحسن من إشارة تلفازه هو الأخر، ولكن فريد أخبره أنه لا يمكنه استخدام مقوي اللإرسال، فرد عليه جاره برفضه تركيب المقوي عنده، وكان لترامب نفس أسلوب التصرف إزاء جيرانه، فعندما قذف جاره الكرة نحوه، غضب ترامب قائلا: "سأستدعي الشرطة"، وعندما وضعت جارة ترامب ابنها الرضيع في الحديقة، عادت لتجد ترامب يقذفه بالحجارة.
والأخت الكبرى لترامب أكاديمية معروفة في القانون وتعمل قاضية، وكان لدونالد أخ صغير يدعى روبرت، وقال ترامب أنه أخذ منازله وضمها له "لأنه كان سعيد بما كان يصنعه"، وكانت سمعة ترامب حتى الصف 12 أنه "طالب بارع، وصعب المراس"، وقال زميله في الفصل بيتر أونش: "كنا نلعب بالكرة، ولعبة ضرب الكراسي بمقاعد الفصل، ونضرببهم ببعضهم البعض"، وكان يطلق زملاء ترامب عليه اسم "دوني ترامب"، اختصارا لاسم عقوبة ترامب لكثرة شغبه.
واعترف ترامب إنه كان يركز في الأساس على إلحاق الضرر، لأسباب مثل رغبته في قلب الأشياء واختبار الناس، قائلًا: "لم يكن هذا من قبل الشر ولكنه كان عدوانية"، وأصاب دونالد مدرس الموسيقى المتوفي العام الماضي في عينه، وقال مدرس الموسيقى تشارلز ولكر: "لقد كانت ضربة موجعة، هناك نوعية من الأطفال تحتاج إلى ملاحظتها دائما، هو منهم"، وعندما كان مع صديقه برانت على الرصيف في مانهتن، تخيلا أنفسهما أعضاء عصابة، وبدأ في جمع السكاكين، وعندما عادا كان يلعبان بالسكاكين لعبة "الارض"، حيث يطلقوها على الأرض، ويقفزون إلى حيث وقعت، ولكن اكتشف أباه هذه اللعبة، واستدعى والد برانت، وكان حانقًا من سلوك ابنه.
وقرر فريد أن يرسل ابنه إلى المدرسة العسكرية بعد ذلم، وهي تبعد 75 ميلًا شمالي كوينز، وتبدل طعام ترامب إلى لحم خنزير ومكرونة وجبنه. وكانت أول مرة يهتم فيها دونالد بالدراسة، وبدأ أنه يتبع لأول مرة ما نواه بأن "يكون يوما ما مشهورا"، ولكن ظل مع هذا مستواه شعبيا في سماعه لموسيقى ألفيس بريسلي وجوني ماتيس في غرفة سكنه الجامعي، وظلت عدوانيته المدرسية معه حتى عندما أصبح مدير أمن في شركة، وأمر عسكري صغير الرتبة بأن يقف ملتصقًا بالحائط عقوبة له، كما أنه عندما وجد سريرًا غير مرتب، غضب وألقى الأوراق إلى الخارج، واشتبك معه زميله تيد ليفينا، وضربه بعصا لنثره أوراقه، وقال ليفينا: "إن ترامب حاول الانتقام بدفعه من نافذة بالطابق الثاني"، ولقد كان ترامب قويًا، وأنقذ ليفينا عسكريان.
ونوّه مدرب كرة القدم ثيدور دوبس: "كان يريد أن يصبح رقم واحد في كل شيء"، وعندما كان
أرسل تعليقك