واشنطن - يوسف مكي
اعترفت وزارة الخارجية الأميركية للمرة الأولى الخميس، أنها أجلت دفع 400 مليون دولار لإيران لعدة ساعات في يناير/ كانون الثاني للاحتفاظ بالحد الأقصى للنفوذ وضمان إطلاق سراح ثلاثة سجناء أميركيين في نفس اليوم. وأكدت إدارة باراك أوباما لشهور أن الدفع جزء من تسوية بشأن نزاع قديم وليست فدية من أجل الإفراج عن الأميركيين. إلا أن الإدارة أوضحت أن هذه هي الدفعة الأولى من 1.7 مليار دولار التي نوت الولايات المتحدة دفعها لإيران تعويضا لها عن المعدات العسكرية التي اشترتها قبل الثورة الإيرانية والتي لم تسلمها الولايات المتحدة. وذكر جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية أن"الولايات المتحدة استغلت نفوذها حتى نهاية الأسبوع في منتصف يناير/ كانون الثاني للإفراج عن الرهائن لضمان وصولهم بكفاءة وأمان".
وعارض "الجمهوريون" الاتفاق النووي الذي عقدة الرئيس أوباما مع إيران التي وصفت المبلغ المدفوع بأنه فدية وعلامة جديدة على تعامل إدارته الضغيف مع طهران، فيما أفاد مسؤولون في الإدارة الأميركية أن المعاملتين تم التفاوض عليهم بشكل منفصل تماما على مدى سنوات، إلا أن مجيئهم في عطلة نهاية الأسبوع يعكس رغبة وزير الخارجية جون كيري ونظيره محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني بتنحية النزاعات جانبا واستكمال الاتفاق النووي ومحاولة إزالة المعوقات من العلاقة بين خصمين منذ فترة طويلة. وفجرت اعترافات كيربي الخميس سيلا من الانتقادات من الجمهوريين، وأوضح إد رويس من كاليفورنيا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب " لقد كانت فدية، نعلم الآن أنها كانت فدية، كما أنها وضعت حياة المزيد من الأميركيين في خطر، لقد شجعنا إيران بذلك لاتخاذ مزيد من الرهائن، وتعريض حياة المزيد من الأميركيين للخطر باتخاذهم رهائن".
ولم يكن الدفع أن إطلاق سراح الرهائن سرا حيث أعلن أوباما التسوية المالية والإفراج عن ثلاثة أميركيين في 17 يناير/ كانون الثاني مع وصول الاتفاق النووي الإيراني إلى يوم التنفيذ، وظلت الإدارة صامتة بشأن التوقيت خوفا من رد الفعل السلبي إذا ما ظهرت بأنها دفعت للإفراج عن الأميركيين الثلاثة، وهم مراسل صحيفة "واشنطن بوست" وأحد المحاربين القدامي وقس، وذكر أوباما في 4 أغسطس/ آب " نحن لا ندفع فدية، ولم نفعل ذلك ولن نفعله في المستقبل". وقال كيري الشيء نفسه بأن " الولايات المتحدة لا تدفع فدية ولا تتفاوض على فدية"، إلا أن الصحف الإيرانية وصفت الدفع بالفدية زاعمة أنها هزمت إدارة أوباما، وهذه هي حجة الجمهوريين بما في ذلك دونالد ترامب مرشح الحزب للرئاسة.
وأفاد ترامب في اجتماع حاشد في نورث كارولاينا الخميس بأن اعتراف وزارة الخارجية برر اتهاماته السابقة بأن أوباما كذب بشأن قصده من دفع 400 مليون دولار، وفي الواقع يبدو أن المال لم يكن لدفع الفدية فعاجلا أم آجلا كانت الولايات المتحدة ستضطر للدفع لإيران بسبب المعدات العسكرية التي لم تسلمها أميركا، واعترف السيد كيربي أنه في حين تم التفاوض على الصفقات بشكل منفصل إلا أنه تم ربط توقيت المعاملات النهائية، مضيفا " كما قلنا من قبل أجلنا الدفع حتى تلك اللحظة لوضع اللمسات الأخيرة على هذه القضايا المعلقة في وقت واحد تقريبا"، ولم تقل وزارة الخارجية والبيت الأبيض شيئا حول المبلغ المدفوع، وأضاف كيربي " أؤكد على أننا لم نقل شيئًا خاصًا بذلك في الماضي".
ويعد ذلك مناورة سياسية، وعادة ما تناقش الحكومات اثنين أو أكثر من القضايا لإتمام الصفقات وتصر على كونهما منفصلين، وعلى سبيل المثال وافق الرئيس جون كيندي على نقل صواريخ نووية من تركيا كجزء من اتفاقية 1962 مع الاتحاد السوفيتي لإنهاء أزمة الصواريخ الكوبية، لكنه أنكر ترابط هذه الأحداث في حين أنها كانت ذات صلة بالفعل، وأفاد كيربي أن التوقيت كان مفيدًا للولايات المتحدة، مضيفا " لقد كان قرارا جيدا أحرز في نهاية اثنين من ممارسات التفاوض المنفصلة، إنها أموالهم وكانوا سيحصلون عليها على أي حال"، ووقع ترامب في مأزق هذا الشهر عندما وصف رؤية أشرطة الحكومة الإيرانية السرية لعملية دفع 400 مليون دولار، وأوضحت حملته لاحقا أنه أخطأ وشاهد صورا لطائرة مختلفة في جنيف، ونشأ الخلاف المالي الأصلي بسبب سلع عسكرية باعتها الولايات المتحدة إلى شاه إيران لكنها لم تسلمها بعد الثورة الإسلامية واحتجاز رهائن داخل السفارة الأميركية في طهران عام 1979، وطالب الملا الذي أطاح بالشاه بإعادة الأموال التي دفعتها إيران إلا أن الولايات المتحدة رفضت، واتفقت إيران وأميركا منذ 35 عاما على أن اللجنة التي أقيمت في لاهاي ستتولى الأمر، وفي السنوات الأخيرة تبين أن الولايات المتحدة ستخسر القضية وأصبح السؤال كيف سيتم احتساب الفائدة؟.
وشملت 1.7 مليار دولا دفعتها الولايات المتحدة الفائدة المتراكمة للمبلغ الأصلي 400 مليون دولار المستحقة لإيران، وأشار كيربي إلى أن الولايات المتحدة ستدفع فقط 1.3 مليار دولار في الفائدة بدلا من المزيد من المليارات التي سعت إيران لها وكان ذلك أحد أسباب جودة صفقة يناير/ كانون الثاني للولايات المتحدة، وتابع كيربي " كنا قادرين على إبرام اتفاق متعدد الدبلوماسية خلال 24 ساعة بما في ذلك تنفيذ الاتفاق النووي واطلاق السجناء وتسوية مطالبة محكمة لاهاي المعلقة، والتي أنقذت أموال دافعي الضرائب". وبين مصدر آخر أن الولايات المتحدة كانت ستضطر إلى دفع المزيد إذا خسرت قضية لاهاي.
أرسل تعليقك