دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت السورية أميرة بحصاص من محافظة السويداء، انضمامها إلى الجيش الحر "المعارض"، لتكون أول امرأة من الجبل تعلن انضمامها إلى قوات المعارضة، لتكمل طريق زوجها الراحل خلدون زين الدين، أول المنشقين من الجبل
عن الجيش السوري، مما سيشكل نقلة معنوية كبيرة على مستوى دفع شباب السويداء إلى الانخراط في صفوف الثورة، نظرًا للقيمة الرمزية والشحنة المعنوية الهائلة التي سيتركها في نفوسهم تحدي سيدة من نسيجهم للحكومة وحملها للسلاح، وبخاصة أن هذا تكرر في موروث الجبل بالمقاومة ضد الأتراك والفرنسيين.وظهرت بحصاص في فيديو إعلان انضمامها إلى الجيش الحر، ومن خلفها علم الثورة، وقالت "بسم الله الرحمن الرحيم أنا الملازم أول أميرة ذيب بحصاص، من قرية سالي في محافظة السويداء المسرّحة من الجيش الحكومي، لسبب عدم قبوله لفتاة ملتزمة في صفوف هذا الجيش، وعليه ولسبب ما شهدته من ظلم وعدوان على شعبنا العظيم، كان قراري بالانضمام إلى الجيش السوري الحر، لحماية شعبنا الأعزل، وأخاطبكم اليوم بعد مقتل زوجي ورفيق السلاح، الملازم أول خلدون زين الدين، لأعلن أننا على دربه ماضون حتى تحقيق النصر، ونحمل بضميرنا وسواعدنا وصية خلدون الذي كان على يقين من نصر هذه الثورة العظيمة، والذي قتل وهو يقود العديد من الثوار في معارك الكرامة وتحرير محافظتنا، وكما كان يقول خلدون فإن السويداء على درب الثورة مهما حاولت دمشق إبعادها".ويعتبر زوج السيدة بحصاص، من أوئل المنشقين عن الحكومة السورية، لينضم إلى الجيش السوري الحر، في تشرين الأول/أكتوبر 2011، ويشكل كتيبة باسم "سلطان باشا الأطرش"، بلغ عدد المنضوين فيها 120 شابًا، بين عسكريين ومدنيين من محافظة السويداء، وشن زين الدين مع كتيبته عمليات كثيرة ضد مواقع للجيش الحكومي، كان أبرزها تفجير مخزن أسلحة في مطار الثعلة العسكري التي أصيب خلالها، وعاد بعد شفائه إلى ساحة المعارك في منطقة اللجاة، حتى يوم مقتله ونحو 16 من رفاقه، في 13 كانون الثاني/يناير 2013، في معركة بظهر الجبل مع الجيش الحكومي"، فيما وجّه انشقاق خلدون صفعةً قوية للسلطة السورية، حيث جاء في بداية تسليح الجيش الحر، فهو ابن الأقلية المتحامية في ظل نظامٍ وجد في الأقليات ورقة رابحة لا يزال يفاوض عليها منذ بداية الثورة وحتى الاّن، الذي صرح عن ذلك في لقاءاته الإعلامية وفي المجالس الدولية.
وكان للضابط الدرزي المنشق من تولى حمايته في إحدى مدن درعا، التي تعرضت يومئذٍ لقصف شديد وهجمات شرسة من دمشق، بعد أن رفضت تسليمه، كما قامت قوات الأمن في محافظة السويداء بالضغط على شيخ عقل الطائفة الدرزية المرحوم أحمد الهجري الذي رفض إصدار بيانٍ للإعلام السوري يتبرأ فيه من الملازم خلدون زين الدين ومن انتمائه للطائفة الدرزية، وبعد أشهر عدة توفي الشيخ الهجري في حادثٍ أليم مجهول الأسباب على طريق سليم ـ السويداء، حسبما ذكر أحد أفراد عائلته، وفي هذه الأثناء أعلن الملازم أول خلدون زين الدين عن تشكيل كتيبة "سلطان باشا الأطرش" في جبل حوران، وأصدر بيانًا يدعو فيه أبناء طائفته للالتحاق في صفوف الثورة، ليبدأ أولى عملياته العسكرية ضد القوات الحكومية بالمشاركة مع أبناء محافظة درعا، وما لبثت كتيبته تزداد أعدادًا من أبناء محافظة السويداء، حتى نفّذَ عملية عسكرية في مطار الثعلة العسكري التابع للمحافظة، حيث أوقع في صفوف الجيش الحكومي خسائر بشرية ومادية، كما أُصيب خلدون إصابة بالغة في اليدين وشظايا في الجسد.
وبعد معالجة دامت أكثر من شهرين، قام خلدون بالتنسيق مع أفرا كتيبته لمعركة "ضهر الجبل"، والتي وقعت شرق سد الروم، ويعود اختيار هذا المكان، حسب رواية ناشطين، إلى تمركز المدفعية في ضهر الجبل التي أرهقت أهالي درعا بقصفها وأذاقتهم الويلات، وعندما علم الجيش الحكومي بتمركز أفراد "الحر" في هذه المنطقة، أرسل تعزيزات قوية، حيث دارت معركة ضارية أودت بحياة المئات فيها من الطرفين، في حين أُصيب الملازم خلدون زين الدين إصابة خطير أدت إلى مقتله، والذ ترك حزنًا كبيرًا وإحباطًا في نفوس مقاتلي الجيش الحر، كون خلدون يمسك بزمام المبادرة، ويتمتع بشجاعة بالغة وإقدام منقطع النظير، وفق ما يقول ناشطون.
وعلى الرغم من مكانة الملازم المنشق بين الأوساط المعارضة في محافظة السويداء، إلى أنهم عجزوا عن تشييعه، ولم يستطع أهل القتيل فتح مجلس للعزاء لسبب التضييق الأمني، في حين أقام أقاربه في مدينة علي في لبنان حفل تأبين، ألقى فيه شيخ عقل الطائفة الدرزية في جبل لبنان نعيم حسن، خطابًا أشاد فيه بما قدمه القتيل للثورة السورية من إنجازات، كما حضر الحفل مجموعة من النواب منهم أكرم شهيب ومراوان حمادة.
وتحاول الحكومة السورية، على تحييد الأقليات عن الثورة، بكل أشكالها السلمية والعسكرية، إلا أن حراك السويداء أحبط هذه المحاولات، فالمنشقين عن صفوف الجيش الحكومي من أبناء الأقلية الدرزية، يزدادون يومًا بعد يوم، وفق ما يؤكد ناشطون، منوهين إلى أهمية مشاركة المحافظة في الثورة سلميًا وعسكريًا.
أرسل تعليقك