تصاعد نسبة زواج الفتيات القاصرات في جنوب السودان
آخر تحديث 16:54:37 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الحرب الأهلية تجبر العائلات على بيع بناتهم مقابل الطعام

تصاعد نسبة زواج الفتيات القاصرات في جنوب السودان

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - تصاعد نسبة زواج الفتيات القاصرات في جنوب السودان

زواج الفتيات القاصرات
الخرطوم ـ جمال إمام

كانت فيرونكا تبلغ من العمر 3 سنوات، حين قرر والدها تزويجها لضمان الحصول على مهرها، وهو عبارة عن عدد قليل من المواشي، وذلك لإطعام أسرتهما التي تتضور جوعا، حيث كانوا يعيشون في قرية مهجورة في دولة جنوب السودان.

وذكرت صحيفة الـ"إندبندنت" البريطانية، أنه لم يكن لدى الوالدين الكثير ليفعلاه مع العريس، والذي كان في الأربعينات من عمره، والذي عاد اليهم مرة أخرى بعد أكثر من 10 سنوات، ليحصل على العروس فيرونكا بعد أن أصبح عمرها 14 عاما.

وتتذكر فيرونكا أنها وقفت مختبأة خلف والدتها محاولة بشدة عدم مغادرتها المنزل، ولكن العريس هدد بالعودة للزواج بها بالقوة. ومثلما يحدث مع الفتايات دون السن القانوني للزواج في جنوب السودان، تزوجت الفتاة، وبعد أشهر قليلة أنجبت طفلا، بعد ساعات من الولادة الصعبة التي شهدتها في المستشفى.

وقالت وهي تحمل طفلها في قماشة على ظهرها:" لم يكن هناك راحة، الطفل معاق، وأنا ضعيفة وجائعة. لا يوجد يوم تناولت فيه الطعام بطريقة جيدة في حياتي بأكملها، وأجد من الصعب إرضاع طفلي طبيعيا، رضيعي لا يتمتع بصحة جيدة."

وتمارس عادة الزواج القسري في جنوب السودان منذ فترة طويلة. ورغم أن سن الزواج القانوني يبدأ من الـ18 عاما، تعاني البلاد من أعلى معدلات زواج للقاصرات في العالم. ووفقا لأرقام الأمم المتحدة التي جمعت قبل الحرب الأهلية التي أندلعت في عام 2013، فإن أكثر من نصف السكان من الإناث تزوجن قبل سن الـ18.

تصاعد نسبة زواج الفتيات القاصرات في جنوب السودان

وتصدرت المشكلة العناوين الرئيسية في نوفمبر/ تشرين الثاني، حين عرضت فتاة من جنوب السودان، 17 عاما، للمزاد العلني للزواج على "الفيسبوك"، مما أثار مخاوف العائلات من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لطلب مهر أكبر لبناتهم.

وكان العرض الأكبر من رجل أعمال ثري، قيل إنه أعطى والد الفتاة أكثر من 500 بقرة، و3 سيارات فارهة، و7500 جنيه إسترليني مهرا للفتاة.

وفي الوقت الذي يعد فيه مثل هذا المزاد نادرا، فقد سلط الضوء على المشكلة، حيث تعتقد جماعات حقوقية أن معدل زواج القاصرات يتزايد وسط معاناة السيدات والأطفال من ويلات الحرب الأهلية المستمرة منذ 5 سنوات، والتي خلفت إحدى أسواء الأزمات الإنسانية في العالم.

ويوجد أكثر من 7 ملايين شخص، أو ثلثي السكان، في حاجة إلى المساعدات الإنسانية، و5 ملايين يعانون من الجوع، وهذا رغم اتفاق السلام الموقع في سبتمبر/ أيلول، بين الفصائل المتمردة والرئيس المعترف به، سيلفا كير.

أقرأ أيضًا : الأسر في جنوب السودان تزوج بناتها القاصرات من أجل الماشية

وفي هذا الأسبوع، حذرت مجموعة "أوكسفام" من أن زيادة الجوع والفقر يجبر العائلات مثل عائلة فيرونكا، على الإلتزام بوعد تبديل بناتهم بالإمدادات والأغذية.

وفي مناطق مثل نيال، في الشمال، قالت أوكسفام، إن البياتات الجديدة التي جمعتها بينت أن 71% من البنات القاصرات المتزوجات، يشكلن ثاني أعلى معدل في العالم بعد دولة النيجر.

وقالت أليسيا بوشنان، مستشارة السياسة في أوكسفام في جنوب السودان:" نحصل على تقارير متفرقة بأن زواج القاصرات يتزايد بسبب الأزمة، والعامل الأبرز لذلك هو الفقر. ولأنه لدينا نظام المهر في البلاد، حيث يدفع الرجال ثمن العروس لأسرتها ليتزوجها، يتحدث الناس بشكل متزايد عن ذلك، كآلية لعلاج الفقر."

وكان ذلك سبب ما فعلته عائلة فيرونكا حين كانت تبلغ من العمر 3 سنوات، حيث قالت الفتاة المراهقة:" كانت عائلتي في حاجة للطعام. في اليوم الذي جاء فيه زوجي، كنت مرعوبة، لم تريد أمي أن أذهب، ولكن والدي أصر، فقد تم بالفعل الحصول على الماشية، مما أثار العنف."

ويساهم العنف وعدم الاستقرار في هذه الظاهرة، حيث إن النزوح الداخلي لأكثر من 2 مليون شخص شهد تزويج العائلات لبناتها الصغيرات، لمساعدة العائلات في المشاركة مع المجتمعات المضيفة.

وفي الوقت نفسه، أدت عسكرة السكان وانتشار الأسلحة الصغيرة على نطاق واسع خلال السنوات القليلة الماضية، الأسر إلى استخدام الزواج القسري المبكر لحماية بناتهم من العنف الجنسي والاغتصاب والحمل قبل الزواج.

وفي الماضي، كانت هناك سلطات مجتمعية للحكم والتدخل في مثل هذه الحالات، ولكن تلك أيضا انهارت وسط رماد الحرب، وبالعودة إلى ولاية "بوما"، حيث تعيش فيرونيكا، يقول المسؤولون المحليون إنهم يكافحون لمتابعة أسوأ الحالات.

وفي العام الماضي، تبنت حكومة جنوب السودان خطة عمل وطنية استراتيجية لإنهاء زواج الأطفال بحلول عام 2030، لكن ليديا بيتر أغولوري، الوزيرة المحلية لنوع الجنس في بيبور، عاصمة بوما، تعتقد أن هذا الأمر طموح.

وقالت إنه من شبه المستحيل القضاء على هذه الممارسة عندما تواجه البلاد مثل هذه المعتقدات الثقافية المتأصلة بعمق وموارد محدودة.   وقدرت أنه في بعض القرى نسبة الفتيات القاصرات اللواتي يجبرن على الزواج يمكن أن تكون أعلى من 95%، وهذا يتسبب في مشكلات صحية للأمهات الصغيرات، وحتى الصراعات القبلية على السيدات.

ويعد معدل وفيات الأمهات في جنوب السودان واحداً من أعلى المعدلات في العالم، حيث قالت السيدة أغولوري:" والآن هذا نوع من بيع بناتهم للحصول على الغذاء، لأن الجميع يائس للغاية."

وتضيف أن هناك العديد من حالات الإصابة بالناسور، عندما تتسبب العدوى في تشكل ممر داخلي بين الأعضاء، لأن البنات صغيرات السن وغير مستعدات للولادة، وعندما يحدث الناسور أثناء الولادة، فإنه يسبب سلس البول مدى الحياة، ويمكن أن يكون قاتل إذا لم يعالج بشكل صحيح.

وقالت السيدة أغولوري إن هذه الممارسة تعرض الفتيات أيضا لخطر العنف الجنسي والجسدي والعاطفي، كما أن الغالبية العظمى من العرائس الشابات يتعرضن للعنف الجنسي من أزواجهن. وأضافت: "إن المشكلة الكبرى التي نواجهها هنا هي في الأساس العنف القائم على نوع الجنس. ومن الصعب جدا مكافحته لأنه يعتبر معيارا ثقافيا."

وتقول الأمم المتحدة ومراقبو وقف إطلاق النار إنه تم استخدام الاغتصاب كسلاح حرب في جنوب السودان، وأن النساء والفتيات تعرضن للاختطاف بشكل روتيني وأرغمن على الاستعباد الجنسي.

وحثت منظمة أوكسفام هذا الأسبوع سلطات جنوب السودان على اتخاذ إجراءات عاجلة من خلال الاستثمار بشكل كبير في إنهاء زواج القاصرات، وأخبرت الحكومة بالتصدي للمشكلة النظامية الأوسع نطاقا، وهي أن النساء ببساطة لا يمثلن تمثيلا كافيا في المجتمع، ووعدت الحكومة في اتفاق سلام بضمان أن تملأ النساء 35% من المناصب التنفيذية في البلاد، لكن ذلك لم يحدث بعد.

قد يهمك أيضًا :

أوّل فتاة تحصل على رخصة طيّار تجاري في جنوب السودان

بيع طفلة من جنوب السودان في مزاد على "فيسبوك"

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تصاعد نسبة زواج الفتيات القاصرات في جنوب السودان تصاعد نسبة زواج الفتيات القاصرات في جنوب السودان



GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates