أولان باتور - صوت الامارات
على مدى العقود القليلة الماضية، كانت الأسر المنغولية تستثمر في بناتها عن طريق إرسالهن إلى المدارس والجامعة في العاصمة، إذ يعتقد بعض الآباء أن البنات سيعتنين بهم اعتناء أفضل في شيخوختهم، ويعتقد آخرون أن النساء بحاجة إلى تعلم مهارات أخرى لأن تربية الماشية هي عمل مُخصص للرجال، فيبقى الأولاد في المنزل لمراعاة الحيوانات، وقد أدى هذا الاتجاه إلى ما يُعرف باسم "الفجوة الجنسانية المعكوسة" لمنغوليا، النساء الآن أكثر تعليما من الرجال، هم أقل عرضة ليكونوا عاطلين عن العمل، كما يعيشون لفترة أطول، بقدر عشر سنوات في المتوسط.
ولكن نتيجة لتفوقهن على الرجال، تكافح النساء المنغوليات، معظمهمن يبقين في العاصمة بعد إنهاء الجامعة للحصول على عمل، للعثور على شركاء حياة مناسبين، وقد انخفض معدل الزواج في أولان باتور إلى 8.9 لكل 1000 شخص في عام 2016، من 22.9 في عام 2007، وفقا لمكتب الإحصاءات في البلاد، وتشكو النساء في المدينة من وجود نقص في الرجال المؤهلين، بطريقة ما هم على حق، تضم المدينة نصف سكان البلاد البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة، وعدد النساء بها أكثر بحوالي 60000 عن الرجال، في الجامعات وفي أماكن العمل، غالبًا ما تكون النساء أكثر بكثير من الرجال، ومن المرجح أن يتزوج هؤلاء الرجال بسرعة: حوالي 40٪ من الرجال في المناطق الحضرية فوق سن 15 عاما متزوجون، مقارنة بـ 32٪ فقط من النساء.
تواجه المرأة المنغولية ضغوطًا ثقافية مزدوجة لتأسيس مهنة والزواج قبل سن التاسعة والعشرين، وُيفضّل أن يكون ذلك في وقت أبكر، بالنسبة للنساء الأكبر، فإن الحساب يتغير، زولا "ليس اسمها الحقيقي"، 39 عاما، وهي اقتصادية سابقة، كانت تبحث عن شريك مستقر منذ سنوات عدة، منذ عودتها من الخارج بعدما حصلت على درجة الماجستير، تقول أنها قد حاولت الذهاب لفعاليات للمواعدة، وجعلت أصدقاءها يرتبون مواعيدًا لها، وقررت في الآونة الأخيرة أن تغير معاييرها العالية فيما سبق، فقالت "ما يهمني الآن أنه يجب أن يهتم ويقبلني، أنا لا أبحث عن المال، أو عن تعليم جيد للغاية، لا يجب أن يكون ناجحًا ... طالما أنه لطيف، ويستمع لي ويعتني بي، هذا كل شيء".
يقول الكثيرون إن القضية عبارة عن خلل في المواقف والتوقعات، تقول عليماء التانجيرل، كاتبة صحافية تكتب عن القضايا الاجتماعية، "يتم تعليم الفتيات الصغيرات أنهن يجب أن ينجحن، ثم تنجحن ولا يجدن شريك مساو لهن، إن الضغط الاجتماعي هو من أجل أن تتزوج الفتاة، لكن إيجاد شريك متكافئ أمر صعب للغاية."
بدأت رائدة الأعمال مندوهاي تسوغتبال، البالغة من العمر 32 عامًا، أعمالًا تجارية منذ أن كانت طالبة، أثناء حصولها على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، اشترت المطعم التايلاندي حيث كانت تعمل نادلة وحوّلته إلى بار سوشي يحقق ربحًا أكثر، يمكنها أن تشعر أن الرجال لا يقدرونها عندما تتحدى أفكار المشاريع التي يطرحونها، وتقول "أستطيع أن أشعر بذلك"، "هناك الكثير من صديقاتي وأصدقائي من الرجال الذين يقترحون أن أصمت، وأكون غبية وأسأل المزيد من الأسئلة".
وكشفت دراسة استقصائية أصدرها البنك الدولي في مارس/آذار أن الرجال المنغوليين في العشرينات من العمر وصفوا النساء بأنهن أكثر طموحًا من الرجال، وهي سمة وجدوا أنها غير جذابة، وتساءل البعض لماذا استثمرت المرأة كثيرا في تعليمها، بالنظر إلى أنها تزيد من خطر عدم القدرة على العثور على زوج.
وتقول بولجانيشيميغ غانتولغا (19 عاما)، وهي طالبة جامعية تدرس العلوم السياسية، أن الرجال في سنها يتحرشون دائما بالنساء اللواتي يرتدين تنورات قصيرة، وتقول إن هؤلاء الرجال، حتى زملائها، غالبًا ما يكونون متخلفين عندما يتعلق الأمر بحقوق الجنسين وحقوق المثليين، إنها تفكر ألا تتزوج على الإطلاق، وتضيف"عندما لا يحترم الرجال النساء، يتضح أي نوع من الأزواج سيكونون."
وتوضح الفجوة بين الجنسين في منغوليا والصعوبات التي يواجهها النساء والرجال في علاقاتهم ببعضهم البعض، القدر الضئيل من الاهتمام الذي يُوجه للوضع السيئ الذي يعيشه رجال البلد، وفقا لما ذكره بولدباتار تومور، رئيس رابطة الرجال في مقاطعة غوفيسومبر، ففقد الآلاف من الرجال وظائفهم عند خصخصة الشركات المملوكة للدولة في التسعينات، حيث انتقلت منغوليا من النظام الشيوعي ولم تستعد قوتها بعد، وتركز المنظمات غير الحكومية والحكومة على النساء أكثر من الرجال، الذين يواجهون معدلات مرتفعة من الإدمان على الكحول، وكذلك البطالة، ويقول "لقد بدأت النساء في النظر باحتقار للرجال المنغوليين لأن أوضاعهم سيئة للغاية، لا توجد امرأة تريد العيش مع رجل غير مثقف وغير مهذب، على الجانب الآخر، يشعر الرجال بأن النساء يبحثن عن الرجال الأكثر ثراءً وتعليمًا."
تواجه النساء العازبات في منغوليا وصمة عار، مما يجعل المواعدة أكثر صعوبة، إن عطلة السنة القمرية الجديدة، وهي وقت لم الشمل العائلي، صعبة للغاية، حيث تواجه النساء أسئلة حتمية بشأن حالتهم الزوجية، وتقول سولونغو بولد، وهي أم وحيدة لطفلين تعمل في شركة تعدين "تشعرين أنك مُلامة لأنك عزباء"، كما أن النساء تواجهن ثقافة مواعدة محافظة نسبيًا، وبدلًا من الالتقاء في الحانات أو النوادي، غالبًا ما يجد المنغوليون بعضهم البعض على فيسبوك أو إنستغرام، يدردشون على الرسائل الخاصة، بعيدًا عن أعين الناس، وقد بدأت النوادي والحانات في أولانباتار في عقد فعاليات للمواعدة السريعة، لكن الناس في بعض الأحيان يشعرون بالحرج من الحضور، يقول بات أولزي ألتانتسيغ، الذي يدير مجموعة فعاليات للمواعدة، أن النادي بدلًا من إقامة حفلات للعزاب، يقيم حفلات للأزواج، حيث يتم تعيين أزواج عشوائية من الرجال والنساء، ويقول إن عادة60٪ من الحضور هم من النساء.
أرسل تعليقك