ُمثل مخيم "كاليه"، الذي لا يوجد به مأوى للرجال أو مياه جارية، إنذارًا شديدًا بالخطر بشأن معاملة فرنسا للمهاجرين المتجهين إلى المملكة المتحدة.
وروى خريج كلية "سياسة" مع زمالة من "ونستون تشرشل"، المصري كريم، الذي أمضى يومُا كاملُا في محاولة لإصلاح خيمة في الأحراش الشائكة، التي تعصف بها الرياح في موقع تفريغ القمامة القديم في "كاليه"، باستخدام قطع من الأغطية البلاستيكية الواهية وعدد قليل من الحجارة ولوح خشبي، ما رآه في المكان.
ووصف كريم المكان بأنَّه "لا يصلح للحيوانات" مضيفًا: أنه أسوأ مكان رأيته في حياتي، مشيرًا إلى أنَّه بعد أن أغرق المطر خيمته ليلًا ونهض ومشى أربعة أميال في وسط "كاليه"، ورشق بـ"البطاطا" من سيارة تباطأت وهتفوا تجاهه بعبارات عنصرية
وأضاف كريم: أنفقت 3 آلاف دولار (2000 جنيه إسترليني) لمغادرة مصر، وخاطرت بحياتي على متن قارب إلى إيطاليا ممضيا أياما في البحر، متابعًا: خلال شهر واحد في "كاليه" حاولت الهرب 20 مرة في شاحنات إلى إنجلترا، وكانت دائمًا تُحبط من قبل الشرطة.
واستطرد: أنا لا أريد أموال دافعي الضرائب الإنجليزية، أنا أحترم إنجلترا وطريقة تعامل تشرشل في الحرب الرهيبة. أريد فقط حياة كريمة، ولكن ما يقتل حقا صراعي في هذا المكان فقط لبناء خيمة.
وتُعد تلك البقعة المقفرة، بجانب الطريق السريع ومصنع للكيماويات على الحافة الخارجية من "كاليه"، أول مدينة صفيح رسمية للمهاجرين في فرنسا. وهذا الأسبوع؛ بدأ ألف من المهاجرين بناء مدينة الصفيح في الهواء الطلق المعروفة باسم "الغابة الجديدة".
ويُمثل ذلك نقطة تحول رئيسية في النهج الفرنسي للمشكلة المستعصية، وهي أنَّ 1500 من المهاجرين عالقين في بلدة ساحلية ينتظرون أن يهربوا على الشاحنات إلى المملكة المتحدة.
وفي وسط هذا القفار لا توجد مراحيض، أو ماء أو كهرباء، وإنما هي "منطقة السكوت" التي تقع خارج وسط المدينة. وحذرت الجمعيات الخيرية من الظروف غير صحية، والوضع الإنساني الذي سيزداد سوءًا.
وقامت الدولة الفرنسية، وللمرة الأولى منذ سنوات، بلفتة من خلال فتح مركز رسمي على حافة "كاليه"، من خلال ثلاث خيام عسكرية، وسيتم تسليم وجبة ساخنة كل يوم. وعندما يصبح مركز "جول فيري" مؤهلا بشكل كامل الأسبوع المقبل، ستمكنون من الحصول على الاستحمام والمراحيض، ونقاط الكهرباء لإعادة شحن الهواتف، وتقديم المشورة بشأن قضايا الهجرة واللجوء، وسيكون حوالي 50 من النساء والأطفال قادرين على النوم في الليل هناك، ولكن، بشكل حاسم، لا يوجد سكن للرجال.
وبدلا من ذلك، أجبر أكثر من 1000 من الرجال على النوم في القفار في مكان قريب. في أبعد نقطة، مخيم مترامي الأطراف على بعد 1.2 كيلومتر من أقرب الصنبور. الجرب والإسهال والأمراض الجلدية وبق المعدة موجود بالفعل بينهم.
واعتبرت الجمعيات الخيرية أنَّ المركز اليومي خطوة مهمة، ولكن ليس بما فيه الكفاية، وحذروا من أنَّ نوم المهاجرين المجربين على القفار يجعلهم يتعرضون لعناصر خطيرة من التوتر، والاشتباكات واليأس واستهداف المهربين.
ومن جانيه؛ أضاف الفيزيائي الحاصل على الدراسات العليا الأفغانية، شاهين: لم أكن أعتقد أن أماكن مثل هذا يمكن أن توجد، مضيفًا: أنا أعيش مثل أفلام الرعب في الليل، حيث تتسبب الرياح والأغطية البلاستيكية في ضوضاء مرعبة. ولا بد لي من المشي لمدة 15 دقيقة لجلب المياه.
وأضاف انه سيستمر في محاولة الاختباء تحت الشاحنات للوصول إلى انجلترا ولكنه يأمل في تجنب دفع ضريبة الهروب والتي تبلغ 730 جنيه إسترليني.
ونوه إلى أنَّ البعض انتهى بهم الحال في بلجيكا بعد أن تعلقوا في الشاحنات الذاهبة إلى الاتجاه الخاطئ. وفي العام الماضي، قتل 15 مهاجرا على الأقل، في كثير من الحوادث المرورية وهم يحاولون ركوب الشاحنات. البعض يقبع في المخيم ولديهم كسور في العظام والفواصل جراء السقوط من الشاحنات.
واعتبر عضو جمعية "لا أوبريجي" للمهاجرين، كريستيان سالومي، أنَّ"كاليه" واحدًا من أسوأ مخيمات اللاجئين في العالم، "فحتى في مخيمات الأفريقية لديهم المياه والمراحيض".
ومن جانبه؛ أشار علي، ممن وصلوا من أفغانستان الشهر الماضي، وهو يجلس على لوح خشبي، إلى أنَّ الحيوانات في بلده لا تعيش هكذا، "على الأقل لديهم سقف"، متابعًا: لا يهمني لو توفيت في محاولة للوصول إلى إنجلترا، أنظر حولي، لا يوجد لدي ما أخسره.
أرسل تعليقك