واشنطن - يوسف مكي
أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيرى رسميًا إقدام "داعش" على ذبح المسيحيين والإيزيديين والمسلمين الشيعة في سورية والعراق من خلال الإبادة الجماعية.وأوضح كيري أن التنظيم المتطرف ارتكب جرائم ضد الإنسانية وسعى إلى التطهير العرقي لجماعات بعينها بما في ذلك المسلمين السُنة والأكراد وغيرم من الأقليات في آب/ أغسطس 2014، عندما قتل 5 آلاف رجل من الإيزيديين وخطف الكثير من النساء واحتجز نحو 50 ألفًا من أتباع هذا الدين في جبل سنجار بالقرب من حدود سورية، واستغرق الأمر 19 شهرًا من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للوصول إلى التقرير الذي أعلن رسميًا، حيث تم تقييم التداعيات القانونية لإطلاق اسم مذبحة على أعمال الإبادة الجماعية، والاجتماع مع جماعات المناصرة التي أرادت إدراج المسيحيين والمسلمين الشيعة ضمن الضحايا.
ولا يلزم هذا القرار الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات إضافية ضد داعش أو إصدار حكم مسبق بالملاحقة ضد أعضائها، لكن كيري قال "سنفعل كل ما في وسعنا حتى نرى الجناة يتعرضون للمسائلة، وأنا لست قاضيًّا أو مدعيًّا عامًا أو ضمن هيئة المحلفين، وفي النهاية سيتم تقديم الحقيقة كاملة من خلال تحقيق مستقل وتقرير رسمي قانوني، الولايات المتحدة تقدم دعمًا قويًا للجهود الرامية إلى جمع وتوثيق وحفظ الأدلة على جرائم داعش".
ومرَّر البيت الأبيض هذا الأسبوع قرارًا غير ملزم يدين الأعمال الوحشية واصفًا إياها بأنها إبادة جماعية، وحظي القرار بـ393 صوتا، بينما ذكرت وزارة الخارجية أن كيري ربما لا يلتزم بالموعد النهائي المحدد في 1 مارس/آذار الماضي، حيث أكمل استعراضه وقرر أن القتل المستهدف لم يشكل إبادة جماعية، وأضاف: فكر التنظيم المتطرف يستند على التخلص من أولئك الذين لا يوافقون على إيديولوجيتهم المتطرفة، ولا أشك أنه إذا استطاع داعش تأسيس خلافته المزعومة فإنه سيسعى إلى تدمير الأقليات العرقية والدينية المتبقية في المنطقة.
وانتقد المشرعون عدم التزام وزارة الخارجية بالموعد المحدد للكشف عن هذه الأعمال الوحشية، وأضاف النائب الجمهوري جيف فورتنبيري في بريد أرسله إلى أسوشيتد برس "إنه أمر محزن، لقد كان هناك وقت وفير للتحليل، والأدلة على إبادة داعش للإيزيديين والمسيحيين واضحة بالفعل، ولا يمكنني فهم تردد وزارة الخارجية"، ولفت رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إد رويس، إلى أن "هناك جماعات عدة من بينها متحف الهولوكوست تتيح أدلة دامغة، حيث يتم إبادة جماعات بأكملها وليس هناك سبب على الإطلاق للتأخير.
وأوضح مسؤولون أن كيري اختتم استعراضه بعد ساعات فقط من إعلان وزارة الخارجية أنه لن ينتهِ من التحقيق في الموعد المحدد وأن الانتقادات لم تؤثر في قراره، ويصادف هذا التقرير المرة الثانية التي تعلن فيها الإدارة الأميركية عن ارتكاب إبادة جماعية أثناء الصراع الدائر، وكان الإعلان الأول العام 2004 عندما تحدث وزير الخارجية آنذاك كولن باول، عن الفظائع التي ارتكبت في إقليم دافور بغرف السودان والتي شكلت إبادة جماعية.
وأعلن باول عن التقرير وسط ضغوط جماعات حقوق الإنسان إلا أن محاميي وزارة الخارجية نصحوه بأن الولايات المتحدة غير ملزمة بالتحرك لوقف ذلك على عكس المشورة القانونية المقدمة للإدارات السابقة، وفي هذه الحالة قرر المحامون أن اتفاقية العام 1948 للأمم المتحدة ضد الإبادة الجماعية لا تتطلب من الدول منع حدوث الإبادة الجماعية خارج أراضيها، بينما دعا باول مجلس الأمن الدولي لتشكيل لجنة للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة إذا وافقت على قرار الإبادة الجماعية.
وأضاف المسؤولون أن قرار كيري جاء بعد استنتاج مماثل من قبل محاميي الوزارة، وعلى الرغم من مشاركة الولايات المتحدة في الضربات العسكرية ضد داعش والمساعدة في منع بعض حالات الإبادة العرقية وخاصة للإيزيديين إلا أن بعض المناصرين يشيرون إلى أن قرار الإبادة الجماعية يتطلب إجراءات إضافية من الولايات المتحدة، ووضع كيري في الاعتبار عند اتخاذ القرار ما إذا كان استهداف المسلحين للمسيحيين والأقليات الأخرى يستوفي تعريف الإبادة الجماعية وفقًا للأمم المتحدة، والتي تعرف الإبادة الجماعية باعتبارها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو دينية"، ولا يحمل قرار كيري الأثر القانوني للإدانة بتهمة الإبادة الجماعية، وأوضح المسؤولون أن مثل هذه القرارات ستترك للمحاكم الدولية.
وأصدرت جماعات عدة تقارير الأسبوع الماضي توثق ما قالو إنه دليل واضح على استيفاء المعيار القانوني، وأعربت جماعة فرسان كولومبس والدفاع عن المسيحيين التي صفقت لقرار مجلس النواب عن أملها بأن يكون التأجيل ضمان لإقرار كيري للقرار، وبيّن رئيس جماعة فرسان كولومبس، كارل أندرسون، أن هناك مصطلح قانوني واحد لهذا وهو إبادة جماعية، وحدد تقرير الجماعة بالاسم أكثر من 1100 مسيحيًا تم قتلهم بواسطة داعش، وذكر التقرير حالات تفصيلية لاختطاف واغتصاب وبيع الكثير من الناس في سوق النخاسة فضلاً عن إخراج الكثيرين من ديارهم وتدمير الكنائس.
أرسل تعليقك