بيروت - صوت الإمارات
يتقدم "السحلب" بقية المأكولات في فصل الشتاء، ويشكل مقصدا واسعا لراغبيه الكثر . ويتسع صناعه، والمعتمدون عليه، لأنه بات مصدر رزق معقول، نظرا لما يشكله من مأكل أو مشرب محبب على القلوب، إن لمذاقه الطيب، أم لمنفعته في برد الشتاء .
"السحلب" حالة وسطية، فلا هو شراب، ولا هو مأكول، بل حالة بين الحالتين، والسبب المادة التي أكسبته اسمها وهي مادة "السحلب" التي تحول مزيجه من الحليب والسكر، وأحيانا النشأ، من سائل رخو مائي إلى لزج كثيف، وإلى مادة لطيفة لدى تناولها، مع طيب المذاق .
تنتشر باطراد محال تصنيع السحلب، والعربات الجوالة التي توفره للزبائن، ويجتهد كل من صناعه في تقديمه بطريقة معدلة بإضافة مواد عليه، أو تغيير المعايير التي اعتمدها صناعه التراثيون . وإذا كانت الحبوب معروفة لأنها تتكون من أصناف في متناول الناس منها الحمص والقمح مع إضافة اليانسون، ومحسنات أخرى، لكن ل"السحلب" سرٌ كامن في المادة التي تعطيه ميزته، كما اسمه . فالسحلب نبتة موجودة في عدد من بلدان العالم، خصوصا آسيا الوسطى، وابرز مصادره كنبتة إلى السوق اللبناني هي تركيا، أما كمادة مصنَعة فبعض الدول الأوروبية، مثل هولندا وبلجيكا .
تنتشر نبتة "السحلب" بين تركيا وسوريا، لكن التمدد العمراني يقضي على بيئته، فيتراجع انتاجه، وتقل مصادره، بحسب ما أفاد أحد أكثر المتعاملين به أحمد هدلا المعروف بتصنيع البوظة العربية في طرابلس اللبنانية . وبسبب تراجع كمياته من جهة، وصعوبة طحنه وتحويله إلى مادة قابلة للتعامل بها من جهة ثانية، تزداد تكاليفه، ويرتفع ثمنه، ولذلك يتجه أغلبية المتعاملين به إلى اعتماد الصنف المصنع منه .
وإذا كانت كمية كيلوغرام واحد من الصنف المصنع منه تتراوح بين 40 - 50 ألف ليرة لبنانية (30 - 53 دولارا)، فإن الطبيعي منه يتراوح سعره بين 510 و200 دولار، استناداً إلى حجمه، بحسب أحمد هدلا الذي عرض بعضاً من المادة الطبيعية لديه، وهي مادة تشبه كرات متفاوتة الحجم، منها الصغير الذي يناهز حبة القمح، والكبير الذي يقارب حبة الفول، استدارته متشوهة التكور، تنبت على جذور النبتة، وتعيش عليها سنتمترات قليلة تحت سطح الأرض .
يرتفع ثمن الصنف الطبيعي منه، وتصبح تكاليفه عالية لدرجة لن يبقى فيها السحلب بمتناول العامة، لذلك يركز باعته على الصنف المصنع منه، حيث يستورد مطحوناً مع إضافة بعض الطحين والنشأ عليه لكي يصبح بالإمكان العمل به، وبذلك، تنخفض تسعيرة الكأس منه ثلاثة أضعاف، أي من ثلاثة آلاف إلى ألف ليرة لبنانية .
وكثيرة هي المحال التي تصنع السحلب، وتبيعه، مع أن الصيت ينحصر في قليل منها، ويباع أيضا على عربات جوالة، إحداها تعود لبلال الطرابلسي، وهو معلم حلويات، ويصنع السحلب والحبوب والهيطلية، تعلم السحلب من خلال اهتمام عائلته بتصنيع القشدة .
أرسل تعليقك