تبنى مجلس الأمن الاتفاق النووي بين السداسية وإيران ممهدا لرفع العقوبات المفروضة على إيران، بدورها اعتبرت موسكو أنه يجب استخدام خبرة المفاوضات مع طهران في حل الأزمات الأخرى.
وفي جلسة أعقبت عملية التصويت، أكد المندوب الروسي الدائم لدى مجلس الأمن الدولي فيتالي تشوركين الاثنين 20 يوليو/تموز ضرورة استخدام الخبرة المكتسبة من المفاوضات مع إيران في حل الأزمات الأخرى.
وقال تشوركين "نأمل أن تساعد الاتفاقية مع إيران دول الشرق الأوسط والخليج الأخرى في الامتناع عن خطوات زعزعة الاستقرار ويشمل ذلك المجال النووي"، وأن تقي المنطقة من سباق تسلح جديد.
وأكد المندوب الروسي الدائم لدى مجلس الأمن بروز ظروف أكثر ملائمة لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، والبحث المشترك لدول المنطقة عن نهج لحل مشكلات الأمن الإقليمي، وتكاتف جهود دول المنطقة لمواجهة التهديدات الإرهابية.
وكلف مجلس الأمن طبقا للقرار الذي أعدت مسودته الدول الأعضاء في السداسية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية بمهمة "القيام بعمليات التحقق والمراقبة الضرورية للالتزامات النووية التي اتخذتها إيران"، مثل تقليص طهران لمخزونها من اليورانيوم ومن أجهزة الطرد المركزي، وإدخال التعديلات اللازمة على مفاعل أراك للماء الثقيل ومنشأة فوردو، ويطالب إيران بالتعاون التام مع الوكالة في هذا الصدد.
وسيتم إلغاء قرارات مجلس الأمن "رقم 1696 لعام 2006، و1737 لعام 2006، و1747 لعام 2007 و1803 لعام 2008، و1835 لعام 2008، و1929 لعام 2010، و2224 لعام 2015"، وذلك بعد أن يتلقى مجلس الأمن تقريرا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يؤكد التثبت من أن البرنامج النووي الإيراني بات سلميا بشكل تام.
وسيصبح القرار الجديد بذلك بديلا عن القرارات الدولية السابقة ذات العلاقة بالعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران منذ عام 2006 .
وتحظر هذه القرارات السبعة التي صدرت عن مجلس الأمن بيع إيران معدات أو خدمات لها علاقة بالأنشطة النووية الإيرانية وتنص على تجميد أموال لشخصيات وشركات إيرانية، وتفرض حظرا على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية.
وسيبقى الحظر على بيع السلاح لإيران، طبقا للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن، قائما لمدة 5 سنوات، فيما يظل حظر تكنولوجيا الصواريخ البالستية ساريا لمدة 8 سنوات.
وإذا خالفت إيران أيا من التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق فيينا النووي، فسيكون في مقدور مجلس الأمن إعادة فرض كامل العقوبات طيلة مدة سريان الاتفاقية وهي 10 سنوات مع إمكانية تمديدها 5 سنوات أخرى.
يذكر أن اتفاق فيينا النووي الموقع في الـ14 من يوليو/تموز 2015 ينص على رفع تدريجي مشروط لجميع العقوبات المفروضة على إيران بما في ذلك الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي صدق هو الآخر على اتفاقية فيينا النووية مع إيران الاثنين 20 يوليو/تموز.
ويدخل الاتفاق النووي بين السداسية وإيران حيز التنفيذ بعد 90 يوما من تصديق مجلس الأمن عليه، كما سيعكف الكونغرس على دراسة الاتفاقية النووية التي أحالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إليه الأحد الـ19 يوليو/تموز لمدة 60 يوما.
وأشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في هذا الصدد إلى أن الكونغرس استلم الاتفاقية الشاملة والوثائق الملحقة بها، إضافة إلى ملحق سري صادر عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية بشأن تقييم عملية التحقق من البرنامج النووي الإيراني.
وفي المقابل يعرض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ورئيس منظمة الطاقة الذرية الوطنية علي أكبر صالحي أمام البرلمان الإيراني الثلاثاء 21 يوليو/تموز تقريرا لهما بشأن الاتفاق النووي مع السداسية الدولية تمهيدا للبت فيه.
وكانت السداسية الدولية وإيران توصلتا في الـ14 يوليو/تموز إلى اتفاقية شاملة لتسوية الملف النووي الإيراني بعد أكثر من 10 سنوات من المفاوضات الماراثونية.
ويسمح الاتفاق لمفتشي المنظمة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش ومراقبة بعض المواقع العسكرية، ويجيز لإيران مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم بكميات محددة، وينص على إعادة العقوبات المفروضة سابقا على طهران في غضون 65 يوما، إذا حدث أي انتهاك لبنود الاتفاق.
الأمم المتحدة تتعهد بتقديم دعم شامل لتنفيذ القرار
رحب الأمين العام للأمم المتحدة بتبني مجلس الأمن القرار بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وفي رسالة نصية قال بان كي مون سنقدم كل دعم سيتطلبه تنفيذ المشروع. وبحسبه فإن القرار سيسمح بضمان تنفيذ "خطة العمل المشترك الشاملة" بشان برنامج طهران النووي، والتي توصلت إليها إيران ودول مجموعة "5+1" في فيينا في ختام مفاوضات طالت عدة سنوات.
وأشار بان كي مون إلى أن القرار 2231 "يقضي، في نهاية المطاف أن ترفع عن إيران جميع العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. كما أنه يضمن أن تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة تمسك إيران بالاتزاماتها في إطار خطة العمل المشترك".
أوباما: القرار إشارة واضحة إلى ثقة المجتمع الدولي بثمار الاتفاق مع إيران
من جانبه دعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرار مجلس الأمن، معلنا أن تبنيه أصبح "إشارة واضحة إلى أن الدول التي لم تشارك في المفاوضات مع إيران تعتبر هذا الاتفاق فرصة رئيسية لمنع حصول طهران على السلاح النووي".
موغيريني تعلن نيتها زيارة طهران
فيما جددت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني ترحيب بروكسل بالاتفاق بين السداسية وإيران. وفي اجتماع لمجلس الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية في بروكسل وصفت موغيريني هذا الاتفاق بـ"القوي والمفيد"، موضحة أن منع إيران من امتلاك السلاح النووي "جيد لأمن الدول المجاورة (لها) في المنطقة". كما أعربت عن اعتقادها بأن الاتفاق "يبرز قوة المنهج المتعدد الأطراف والدبلوماسية"، مضيفة أنه سيسهم في كشف إمكانيات أخرى في العلاقات بين إيران وجيرانها.
وتعهدت موغيريني بمتابعة تنفيذ الاتفاق، معربة عن نيتها زيارة طهران "في أقرب وقت".
مندوب إسرائيل: المجتمع الدولي لم يمنع توسع "إمبراطورية الإرهاب الإيرانية"
أما مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور فانتقد بشدة أعضاء مجلس الأمن الدولي لتبنيهم القرار الداعم للاتفاق النووي مع إيران.
وفي تصريح صحفي أدلى به بعد جلسة مجلس الأمن قال بروسور إن الأمم المتحدة لم تفعل شيئا "لمنع توسع إمبراطورية الإرهاب الإيرانية، بل وصوتت قبل دقائق لصالح تقويتها وتمويل توسعها، إيران تملك الآن 150 مليار دولار لتمويل المجموعات الإرهابية".
وتنفرد إسرائيل بموقف رافض للاتفاقية الشاملة بين إيران والسداسية في جميع مراحلها وبشدة، إذ وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا بأنها "خطأ تاريخي" سيفسح المجال أمام إيران لإنتاج أسلحة نووية.
في المقابل، تحاول واشنطن طمأنة إسرائيل وتهدئة مخاوفها بشأن الاتفاقية النووية مع إيران، وظهر ذلك جليا في قول وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر قبيل توجهه إلى تل أبيب إن "أحد الأسباب وراء كون هذه الصفقة جيدة هو أنها لم تمنع الخيار العسكري".
أرسل تعليقك