يتمتع اليساري جيريمي كوربن بفرص كبيرة لاعادة انتخابه السبت رئيسا لحزب العمال البريطاني، نتيجة استمرار عدد كبير من الناشطين في تأييده وخلافا لإرادة القيادة، ما من شأنه ان يترك أزمة الحزب المستمرة منذ سنة مشرعة على كل الاحتمالات.
وسيعرف حزب العمال الذي انتقل الى المعارضة منذ 2010 ويعقد مؤتمرا في ليفربول، من سيتولى قيادته في اوج الازمة التي تهزه: هل هو كوربن المناضل الراديكالي (67 عاما) او اوين سميث (46 عاما) النائب عن ويلز الذي لا يتمتع بشهرة كبيرة.
ويتمتع جيريمي كوربن بفرص كبيرة على ما يبدو لاعادة انتخابه، لأن صوت كل من اعضاء الحزب ال 550 الفا الذين يتاح لهم حتى الاربعاء من الادلاء بأصواتهم، لا يقل اهمية عن صوت اي نائب. وبالتالي، يتمتع بطل التصدي لسياسة التقشف، بدعم النقابات التي أسست الحزب في 1900.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال تيم بايل استاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في لندن "شهدنا كثيرا من الامور التافهة في 2016"، ملمحا بذلك الى خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
واضاف "لكن خسارة جيريمي كوربن سيكون مفاجأة كبيرة ايضا"، فيما يعطي الاستطلاع الوحيد المتوافر للرأي داعية السلام 68% من الاصوات.
ويقول المحللون ان هذه العودة الى نقطة البداية، ستؤدي بالتأكيد الى تمديد الازمة التي يتخبط فيها حزب العمال منذ هزيمته امام المحافظين في الانتخابات التشريعية في 2015، وحتى الى تهديد وجود الحزب نفسه.
وقال تيم بايل "لا يمكن ان نستبعد حصول انشقاق".
ويبدو عمليا ان من المتعذر ايجاد حل للمشكلة. ففي حين يحصل جيريمي كوربن على تأييد الناشطين، يعرب معظم النواب واكثرية من كوادر الحزب عن كراهيتهم له. وتؤكد ذلك استطلاعات الرأي، فهم يعتبرون ان سياسته اليسارية المتطرفة لا تساعد في عودة حزب العمال الى تولي زمام الحكم.
والحفرة الكبيرة منذ البداية، باتت هوة عندما صوت البريطانيون مؤيدين خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في 23 حزيران/يونيو. ووافق النواب الذين اغضبتهم سلبية كوربن على مذكرة لحجب الثقة بأكثرية ساحقة بلغت 172 صوتا من اصل 230.
واستقال ايضا عشرون عضوا في حكومة الظل وهي حكومة مفترضة للمعارضة، تعبيرا عن استيائهم ايضا.
وقال ستيفن فيلدينغ، المتخصص في شؤون حزب العمال في جامعة نوتينغهام، ان "انقلابا بهذا الحجم كان يفترض ان يحمل معظم القادة على الاستقالة"، باستثناء جيريمي كوربن الذي يقول انه لا يريد "خيانة ثقة الناشطين".
ويلقى القيادي تقديرا كبيرا من قبل مؤيديه الذين انضم 300 الف منهم الى حزب العمال منذ صيف 2015، لانشاء "اكبر حزب في اوروبا".
وما يثير قلق الحزب، هو ان شخصه ومشروعه لتفجير "ثور ديموقراطية"، لا يشكلان على ما يبدو مصدر وحي كبير للجمهور.
وقال الزعيم السابق نيل كينوك (74 عاما) في تحقيق بثته هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، "اذا لم يتغير الوضع سريعا وبصورة جذرية، فلن ارى بالتأكيد حكومة عمالية في حياتي".
واعتبر تيم بايل انه "اذا ما اعيد انتخاب كوربن، فلن يعود حزب العمال الى الحكم قبل 2030 على الاقل".
وخلص اوين سميث الذي يقول انه اكثر يسارية من كوربن "لكنه يتمتع بالكفاءة ايضا"، ان "جيريمي ليس مهتما بالعودة الى السلطة".
ويوجه الى كوربن تهمة تشجيع ناشطين من اليسار المتطرف على التسلل الى الحزب. وقال ان ماركسيين قدامى وعناصر من انصار حماية البيئة قد التقوا في حركة "مومنتوم" التي تلتهم مثل "الطفيليات" حزب العمال من الداخل من اجل تحويله "شيئا جديدا".
ويبدي عدد كبير من النواب العماليين استياءهم من هذه الامكانية وانصرفوا الى التفكير في انشاء حزب جديد من وسط اليسار.
ويعتقد المحللون ان اكثرية النواب ستقوم في البداية بكل ما في وسعها لتجنب هذا الاحتمال، في المرحلة الاولى على الاقل، لكنهم لا يستبعدونه.
وذكر ستيفن فيلدينغ "بوجود سابقة على هذا الصعيد، عندما انشىء في 1981 حزب اشتراكي-ديموقراطي، ولم ينته هذا الامر على ما يرام".
وتبدو مسألة لملمة ما تبقى صعبة. لأن الصيف كان عنيفا، من خلال ما تضمنه من شتائم واتهامات بقصد الترهيب. حتى ان جيريمي كوربن هدد باحالة حزبه الى القضاء اذا ما حرم من حقه الطبيعي بالترشح.
وخلص ستيفن فيلدينغ الى القول "اننا نتجه نحو المعادل السياسي لمعركة "صوم" التي لم تنته ولم تسفر عن منتصر حقيقي، باستثناء المحافظين الذين يسيرون نحو الانتخابات التشريعية في 2020 وهم يضحكون ملء اشداقهم".
أرسل تعليقك