بدأ اخلاء مخيم كاليه العشوائي الكبير في شمال فرنسا صباح الاثنين وسط اجراءات امنية بهدف طي صفحة هذا الموقع الذي يسمى "الادغال" ويشكل رمزا لازمة الهجرة التي تطال اوروبا.
وغادرت حافلة اولى تقل خمسين سودانيا كاليه متوجهة الى مركز استقبال في بورغوني (وسط الشرق)، بعد 45 دقيقة من بدء العملية، كما ذكر مراسل من وكالة فرانس برس.
ومنذ الفجر، وصل مئات المهاجرين الى الموقع الذي حدد ليكون مقر قيادة العملية، وهو مستودع اطلق عليه اسم "مركز العبور" ليصعدوا الى حافلة يفترض ان تقلهم الى مراكز الاستقبال التي يبلغ عددها 451 واقيمت في جميع انحاء فرنسا.
وتؤكد الحكومة ان هذه العملية الكبيرة "إنسانية" ويفترض ان تسمح باخلاء اكبر مخيم عشوائي في فرنسا، وقد نشأ قبل 18 شهرا ويأوي مهاجرين جاء معظمهم من افغانستان والسودان واريتريا على امل عبور بحر المانش الى بريطانيا.
ويفترض ان ينقل ما بين ستة آلاف وثمانية آلاف مهاجر بحافلات الى مراكز استقبال محددة اقيمت على كل الاراضي الفرنسية، على مدى اسبوع.
وصرح المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والاستيعاب ديدييه ليشي الاثنين "اذا تمكنا من توجيه ما بين الفين و2500 شخص الاثنين سيكون الامر جيدا جدا".
وكان مخيم كاليه تحول الى بؤرة تثير قلق سكان المدينة وبات يسمم الجدل حول الهجرة ويثير توترا بين باريس ولندن. واعلنت الحكومة الفرنسية الاشتراكية في ايلول/سبتمبر انها ستقوم بتفكيكه.
ويشكل إخلاء المخيم تحديا كبيرا، لكن السلطات تؤكد انها أمنت 7500 مكان لايواء المهاجرين وتأمل في افراغه نهائيا "خلال اسبوع واحد".
وستقوم 145 حافلة من الاثنين الى الاربعاء بنقل المهاجرين الى 451 مركز ايواء موزعة في جميع انحاء فرنسا. واعتبارا من الثلاثاء ستبدأ جرافات بازالة الخيام.
- "بعضهم سيعودون" -
وتكمن الصعوبة الكبرى في العملية في اقناع الذين لم يتخلوا عن فكرة الانتقال الى انكلترا ويرفضون الرحيل. وكان عدد كبير من الافغان مترددين الاحد. وقال احدهم ويدعى خرازي "عليهم ترحيلنا قسرا. نحن نريد الذهاب الى بريطانيا".
ولم تنه عملية الاخلاء الجدل القائم حول المخيم. فقد عبر عدد من اعضاء المعارضة الفرنسية اليمينية عن خشيتهم من انتشار مخيمات صغيرة تشبه مخيم كاليه في جميع انحاء فرنسا، بينما اعترضت مدن يفترض ان تستقبل لاجئين على خطة توزيع المهاجرين التي وضعتها الحكومة.
ورد وزير المدينة باتريك كانير الاحد قائلا ان "استقبال ثلاثين او اربعين شخصا في مدن (...) هو أقل شيء ممكن"، مطالبا "بالاحترام" و"الانسانية" حيال هؤلاء المهاجرين.
وعبرت جمعيات لمساعدة المهاجرين من جهتها عن اسفها لتسرع السلطات بينما لا يخفي كثيرون تشكيكهم في تبعات العملية.
وقال فرنسوا غينوك، نائب رئيس جمعية "لوبيرج دي ميغران" التي تعنى بالمهاجرين "تحلم الحكومة بأن تحل المشكلة عبر تدمير المخيمن لكن هذا خطأ"، مشيرا الى ان "كثيرين من الذين يرحلون سيعودون. ولا يجب ان ننسى ان هناك واصلين جددا يبلغ عددهم نحو ثلاثين كل يوم".
لكن عددا كبيرا من المقيمين في اماكن مجاورة عبروا عن ارتياحهم. ويقول برنار (58 عاما) الذي تعرضت حديقته للتخريب مرات عدة "اذا جرى كل شيء كما هو مقرر فيمكننا تنفس الصعداء والنوم بشكل افضل".
وسمح التفكيك المنظم للمخيم بإيجاد تسويات لوضع عدد من القاصرين الذين يقدر عددهم بنحو 1300. فقد وافقت الحكومة البريطانية على تسريع اجراءات استقبال هؤلاء الاطفال او الفتية الذين لدى نحو 500 منهم علاقات اسرية في المملكة المتحدة.
واستقبلت بريطانيا 194 قاصرا الاسبوع الماضي، كما قال بيار هنري، المدير العام للمنظمة غير الحكومية "فرانس تير دازيل" التي تدافع أيضا عن حقوق اللاجئين. وستستقبل آخرين.
لكن وزيرة الاسكان الفرنسية ايمانويل كوس انتقدت مع ذلك تحفظ لندن على استقبال قاصرين بمفردهم تحت شعار لم الشمل العائلي، مؤكدا انه يجب قبول "مئات منهم (...) بسرعة".
واضافت ان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف "اضطر للذهاب مرات عدة الى انكلترا واجراء مقابلات مع (صحيفة) غارديان لتطبق الحكومة البريطانية القانون الدولي في نهاية المطاف"، معتبرة ان ذلك "فضيحة".
أرسل تعليقك