أبوجا - صوت الإمارات
تستعد الولايات المتحدة الأميركية لتدشين برنامج أمن حدودي رئيسي لمساعدة نيجيريا وجيرانها في التصدي لهجمات الإسلاميين المتطرفين المتزايدة في العدد والنطاق.
واستولى مسلحون نيجيريون على أراض شمالي شرق نيجيريا حيث أعلنوا دولة خلافة إسلامية ومنها مددوا نطاق عملياتهم العنيفة إلى مناطق فى داخل جمهورية الكاميرون المجاورة .
وشن الجيش النيجيري هجوما بريا وجويا لاستعادة السيطرة على مدينة ميشيكا التي سيطرت عليها حركة بوكو حرام وفقا لشهود عيان.
وقال بعض السكان إن مئات من الجنود مدعومين بمقاتلات عسكرية يقصفون مواقع لحركة بوكو حرام في مدينة ميشيكا الواقعة في ولاية أداماوا بشمال شرقي نيجيريا وعلى الحدود مع الكاميرون.
وكانت بوكو حرام قد سيطرت على عدة مدن في ولايات يوبي وبورنو وأداماوا بشمال شرقي البلاد خلال الأسابيع الماضية.
وأعلنت الحكومة الكاميرونية أن جيشها قتل "أكثر من 100 مقاتل ينتمون إلى جماعة بوكو حرام"، خلال محاولة تسلل للمسلحين إلى الأراضي الكاميرونية.
وقال المتحدث باسم الحكومة عيسى تشيروما بكاري، في بيان تلاه عبر الإذاعة الرسمية، إن الجيش الكاميروني وجه ضربة قاسية إلى بوكو حرام عبر قتله أكثر من 100 من مقاتليها في شمال الكاميرون.
وقالت ليندا توماس جرينفيلد مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الإفريقية، في اجتماع بأبوجا بين مسؤولين أمريكيين ونيجيريين، إنه على الرغم من جهودنا المشتركة إلا أن الوضع على الأرض في ترد.
ورأت جرينفيلد أن تواتر الهجمات الإرهابية لحركة "بوكو حرام" واتساع نطاقها سجلا ارتفاعا حادا على نحو بات يشكل تهديدا جادا على أمن نيجيريا بشكل كلي وهذه حقيقة تدعونا جميعا للتبصر ومضى وقت الإنكار والعجرفة" بحسب قولها .
وأنكرت الحكومة النيجيرية استيلاء "بوكو حرام" مؤخرا على "باما" ثاني كبرى مدن ولاية بورنو والتى نزح منها 26 ألفا من سكانها هربا من هجمات بوكو حرام.
وجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة بالهوساوية باسم بوكو حرام أي "التعاليم الغربية حرام"،هي جماعة إسلامية نيجيرية سلفية جهادية مسلحة تتبنى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا ، والقائد الحالى لها هو أبو بكر شيكاو، وسميت هذه الجماعة بطالبان نيجيريا وهي مجموعة مؤلفة خصوصا من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر.
والاسم الرسمي للمجموعة "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"، أما اسم بوكو حرام فيتألف من كلمتين الأولى بوكو وتعني بلغة الهاوسا "التعليم الغربي"، وحرام وهي كلمة عربية، فبوكو حرام تعني "منع التعليم الغربي".
وتأسست الجماعة في يناير 2002، على يد محمد يوسف، وهو الذي أسس قاعدة الجماعة المسماة أفغانستان، في كناما، ولاية يوبه ويدعو يوسف إلى الشريعة الإسلامية وإلى تغيير نظام التعليم، وعلى حسب قوله "هذه الحرب التي بدأت الآن سوف تستمر لوقت طويل".
وعرف عن الجماعة في باوتشي رفضها الإندماج مع الأهالي المحليين، ورفضها للتعليم الغربي والثقافة الغربية، والعلوم وتتضمن هذه الجماعة قادمين من تشاد ويتحدثون فقط اللغة العربية ، وتخوض الجماعة مصادمات مع قوات الأمن في بوشي ومناطق أخرى بالبلاد وفي 24 أغسطس الماضي أعلنت بوكو حرام الخلافة في مدينة جووزا شمال نيجيريا.
وفي يوليو 2009 بدأت الشرطة النيجرية في التحري عن الجماعة، بعد تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها وتم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي ؛ ما أدى لاشتعال اشتباكات مميتة بين قوات الأمن النيجيري وقدر عدد الضحايا بحوالي 150 قتيلا .
وهناك عدد من العوامل أدت إلى تنامى جماعة بوكو حرام وزيادة نشاطها منها سياسات الحكومات العسكرية والمدنية المتعاقبة فى نيجيريا ، والتى تستخدم العنف المفرط تجاه الحركات السياسية المناوئة لها، خاصة جماعة بوكو حرام، التى استطاعت أن تكسب العديد من الأنصار فى أوساط الشباب، كما استطاعت أن تكسب تعاطف بعض المسلمين بسبب عمليات القتل البشعة والخارجة على القانون، والتى ارتكبتها الشرطة النيجيرية فى حق أعضاء جماعة بوكو حرام ؛ما خلق نوعا من التعاطف تجاه الجماعة، وتقديم يد العون والمساندة لها.
كما يلعب البعد العرقى دورا كبيرا فى تنامى جماعة بوكو حرام ، حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين ، هما الهاوسا فى شمال البلاد، وأغلبهم مسلمون، وقبيلة الإيبو، وغالبية أفرادها مسيحيون ، وكثيرا ما تحدث اشتباكات دينية وعرقية بين القبيلتين.
وفى هذه الأثناء ، تطرح جماعة بوكو حرام نفسها كمدافع عن الإسلام والمسلمين ضد المسيحيين ؛ ما يعطى نوعا من التعاطف من بسطاء المسلمين تجاه الجماعة وإضافة إلى ذلك كله تردى الوضع الاقتصادى ، وانتشار البطالة والفساد الموجود فى النخبة السياسية ، وانضمام بعض الشباب إلى جماعة بوكو حرام ومما زاد الأمر سوءا استخدام بعض السياسيين الانقسامات العرقية والطائفية من أجل الوصول للسلطة ، وذلك عن طريق إثارة الاضطرابات العرقية والدينية ؛ ما يعطى الفرصة للتيارات الدينية المتطرفة كى تنشط بقوة، على أساس أنها تدافع عن دينها وعقيدتها.
ولقد أثارت العمليات القوية التى تقوم بها جماعة بوكو حرام فى نيجيريا قلق الكثيرين ، وعلى رأسهم الحكومة النيجيرية ، ودول الجوار ، إضافة إلى الدول صاحبة المصالح الاقتصادية والنفطية فى نيجيريا, وذلك بسبب الخوف من حدوث تحالف مستقبلى بين حركة الإصلاح بدلتا النيجر وجماعة بوكو حرام فى الشمال ؛ ما يؤدى إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية فى مناطق انتاج النفط ، حيث إن نيجيريا تمتلك أكثر من 6ر2 % من احتياطيات النفط العالمية، وهو ما دفع المراقبين للتعبير عن خوفهم من أن تتحول المنطقة إلى معقل للجماعات المسلحة ، مشيرين إلى أن الفساد والفقر المستشرى فى غرب إفريقيا يوفران تربة خصبة للإرهاب.
ومن أهم التداعيات الخطيرة لجماعة بوكو حرام على الوضع الداخلى فى نيجيريا هو نشر الفكر المتطرف فى أوساط المسلمين، وكذلك محاولة فرض الإسلام بالقوة فى مجتمع يعانى أصلا المشاكل العرقية والطائفية، مما قد يهدد السلام الاجتماعى بأكمله فى نيجيريا.. كما أن الفكر المتطرف الذى تنتهجة جماعة بوكو حرام يمكن أن يخلق جيلا من الشباب يفهم الإسلام والجهاد بصورة خاطئة ، كما تفهمه جماعة بوكو حرام ؛ ما يضر بالإسلام ويسىء إليه، ويشوه صورته السمحة، خاصة فى نيجيريا التى ظل الإسلام فيها سمحا طوال تاريخها العريق.
ونماذج القاعدة غالبا ، بما فيها جماعة بوكو حرام ، تهدف لمحاولة كسب التعاطف والتأييد من المسلمين العاديين بصفة عامة ، والجهاديين بصفة خاصة ، نظرا للمكانة الخاصة التى يتمتع بها تنظيم القاعدة فى أوساط المسلمين، والذى دائما ما يطرح نفسه على أنه مدافع عن الإسلام والمسلمين ضد اليهود والصليبيين المعتدين ، وبالتالى تتمكن جماعة بوكو حرام من الحصول على الدعم المالى والمادى من المسلمين الموجودين فى هذه المناطق ، والذين عانوا لسنوات من الاحتلال، ويرون فيه مثالا للصليبيين الذين تتحدث عنهم القاعدة، وبالتالى يساعدون ويدعمون أمثال هذه الجماعات.
"أ.ش.أ"
أرسل تعليقك