طهران ـ أ.ف.ب
اتفقت ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين على "خارطة طريق للتعاون" بينهما بشان برنامج ايران النووي، فيما اتهمت الولايات المتحدة ايران بعرقلة المساعي التي جرت مؤخرا في جنيف لانهاء الازمة.
وجاء الاعلان عن هذا الانفراج خلال زيارة امين عام الوكالة الدولية يوكيا امانو الى طهران. الا انه لم تتكشف تفاصيل الاتفاق على الفور.
واعلن رئيس المنظمة الايرانية النووية علي اكبر صالحي في مؤتمر صحافي مشترك مع امانو في طهران ان "البيان المشترك الذي تم التوقيع عليه اليوم ينص على خارطة طريق للتعاون تحدد الخطوات المتبادلة لحل القضايا العالقة".
واشاد امانو بالاتفاق ووصفه بانه "خطوة مهمة" الا انه اضاف انه "لا يزال يتعين القيام بالكثير من العمل".
وينص الاتفاق على تفتيش موقع الانتاج بالمياه الثقيلة في اراك الذي تحاول الوكالة دخوله منذ 2011 لكن ليس موقع بارتشين العسكري وسيتم ذلك لاحقا بحسب امانو.
ورأى محللون ودبلوماسيون قريبون من الملف ان الاتفاق خطوة مشجعة رغم طابعه المحدود.
وتجري مناقشة القضايا الاوسع المتعلقة بالتاكد من عدم اخفاء ايران دوافع لانتاج اسلحة نووية خلف برنامجها النووي في جولات المفاوضات بين ايران ومجموعة 5+1 التي تضم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين اضافة الى المانيا.
وبعد ثلاثة ايام من المفاوضات المكثفة جرت في جنيف وانتهت صباح الاحد، لم يتمكن الطرفان من التوصل الى اتفاق.
وبشان هذه المحادثات حمل وزير الخارجية الاميركي جون كيري في تصريحات ابوظبي الاثنين، ايران مسؤولية عدم التوصل الى اتفاق. واكد ان "مجموعة خمسة زائد واحد كانت موحدة السبت عندما قدمنا اقتراحا الى الايرانيين (...) لكن ايران لم يكن بامكانها قبوله في تلك اللحظة. لم يكونوا في وضع يمكنهم من قبوله".
ومساء الاثنين في طهران، اعتبر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان "الملاحظات المتناقضة وبعضها لا يتفق مع ما حصل هناك (جنيف) اضافة الى طمس الحقيقة (...) لا تساعد في بناء الثقة في عملية المفاوضات".
وفي تصريحاته اعرب كيري عن تفهمه ل"قلق" رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بشان الاتفاق مع ايران، الا انه قال ان "العقوبات وضعت لكي تؤدي الى المفاوضات" حسب قوله.
واضاف "ما نفعله سيحمي اسرائيل بشكل اكثر فاعلية".
وسيتم استئناف المحادثات في جنيف في 20 تشرين الثاني/نوفمبر لمحاولة تسوية الخلافات.
من جهته اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الاثنين ان المباحثات ترمي الى ابرام "اتفاق موقت" مع "تخفيف محدود ومتناسق للعقوبات" الدولية المفروضة على ايران.
وقال دبلوماسي غربي قريب من الملف ان "وجهة النظر العامة لمجموعة الدول الست الكبرى مفادها ان مزيدا من الوقت لا يزال ضروريا" للتوصل الى اتفاق، رافضا الفرضية القائلة ان تصلب الفرنسيين كان وراء تعثر المفاوضات.
وتردد ان الاتفاق ينص على تجميد جزء من برنامج ايران النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وقالت فرنسا الاثنين ان الدول الكبرى وايران كانت قريبة من التوصل الى اتفاق في جنيف.
وصرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاثنين ان القوى الكبرى "ليست بعيدة عن اتفاق" مع طهران.
وصرح فابيوس لاذاعة اوروبا 1 "لسنا بعيدين عن اتفاق مع الايرانيين، لكننا لم نصل اليه بعد" مؤكدا ان القوى الكبرى "متفقة بالكامل" على شروط التفاوض.
وتابع "المفاوضات تتواصل، هناك نص مطروح وافقت عليه مجموعة 5+1" لكن "ما زالت نقطتان او ثلاث تطرح صعوبات".
ورد فابيوس على اتهام فرنسا بانها وراء فشل المحادثات قائلا "فرنسا ليست معزولة وليست دولة تابعة. بل انها مستقلة وتعمل من اجل السلام".
وقال صالحي الاثنين انه وكبادرة حسن نية فان ايران وافقت "طوعا" على زيارة مفتشي الوكالة "مصنع انتاج الماء الثقيل في اراك ومنجم (اليورانيوم) في غاشين" قرب بندر عباس (جنوب).
ويعد مفاعل اراك مصدر قلق رئيسي للدول الغربية التي تخشى من استخدام ايران البلوتونيوم الذي ينتجه لانتاج قنبلة نووية.
وقال مارك هيبز المحلل في مؤسسة كارنغي ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية "لا تعرف حاليا كمية المياه الثقيلة التي تنتجها ايران فعليا". واضاف "يريدون ان يعرفوا بالضبط" ما اذا سيدخل مفاعل جديد في عملية الانتاج ومتى.
وترغب الوكالة بشكل خاص بزيارة قاعدة بارتشين العسكرية شمال شرق طهران حيث تشير ادلة استخباراتية ان ايران ربما اجرت ابحاث تتعلق باسلحة نووية.
وصرح امانو للصحافيين "يبقى موقع بارتشين مهما و(زيارته) ستبحث خلال الخطوات المقبلة في اطار" الاتفاق حول التحقق من الانشطة النووية الايرانية الذي تمت المصادقة عليه الاثنين.
وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تراقب بانتظام المنشآت النووية الايرانية، منذ سنتين الى استيضاح بعض النقاط المطروحة في تقريرها الشديد اللهجة الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وعرضت في ذلك التقرير جملة عناصر تشير الى ان ايران كانت تسعى الى امتلاك السلاح النووي عموما قبل 2003.
وفي خلال نحو عشر سنوات من التحقيق بشأن الانشطة النووية للجمهورية الاسلامية لم تتوصل الوكالة بعد الى تحديد طبيعة برنامجها النووي، اهي عسكرية ام لا، بسبب غياب التعاون بشكل كاف من قبل طهران التي تنفي قطعا رغبتها حاضرا وماضيا في اقتناء القنبلة الذرية.
لكن منذ وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني الى الحكم في اب/اغسطس الماضي انفرجت الاجواء الدبلوماسية، اذ يرغب روحاني في وضع حد لعشر سنوات من التوتر بشان الملف النووي والتوصل الى رفع العقوبات التي تخنق اقتصاد بلاده.
وفي اطار اجواء الانفتاح هذه، اعلنت وزارتا الخارجية في بريطانيا وايران استئناف التبادل الدبلوماسي المباشر بين البلدين على مستوى قائمين بالاعمال "غير مقيمين"، وذلك بعد عامين على تجميد هذا التبادل بين لندن وطهران اثر هجوم على السفارة البريطانية في طهران نهاية 2011.
أرسل تعليقك