قصف الجيش الروسي محافظة إدلب السورية، بعد توقف استمر 22 يوماً، في وقت تصاعدت الحرب الكلامية بين موسكو وواشنطن حول مصير المدنيين، حال اجتياح قوات الأسد المحافظة، بينما اعتبرت الأمم المتحدة محادثات تشكيل لجنة دستورية ستكون «لحظة حقيقية» لعملية سياسية ذات مصداقية.
واستهدف الطائرات الحربية الروسية أمس، إدلب التي تشكل محور مباحثات دولية تسبق عملية عسكرية وشيكة لقوات النظام، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن: «استأنفت الطائرات الروسية قصفها محافظة إدلب بعد توقف استمر 22 يوماً»، مشيراً إلى أن القصف «العنيف المستمر يطال مناطق عدة في جنوبي وجنوب غربي المحافظة».
وتأتي الغارات، حسب عبدالرحمن «غداة استهداف الفصائل المقاتلة في إدلب مواقع لقوات النظام في محافظة اللاذقية المحاذية ما أسفر عن مقتل ثلاثة عناصر».
ويطال القصف، مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام جبهة النصرة سابقاً، مثل جسر الشغور، وأخرى تسيطر عليها فصائل معارضة مثل أريحا.
ومنذ أكثر من شهر، ترسل قوات النظام السوري التعزيزات تلو الأخرى إلى إدلب ومحيطها تمهيداً لعملية عسكرية وشيكة.
ويرجح محللون أن تقتصر العمليات العسكرية على مناطق محدودة، ولكنها استراتيجية بالنسبة للنظام، مثل جسر الشغور المحاذية لمحافظة اللاذقية، التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الأسد.
وجاءت هذه الغارات عقب تحذير الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، النظام السوري وحليفتيه إيران وروسيا، من شنّ «هجوم متهور» على إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، قائلاً: «إن مئات الآلاف ربما يُقتلون».
وقال ترامب في تغريدة على «تويتر»: «سيرتكب الروس والإيرانيون خطأ إنسانياً جسيماً بالمشاركة في هذه المأساة الإنسانية المحتملة».
كما أنها تأتي قبل 4 أيام من قمة رئاسية بين طهران، وموسكو، وأنقرة من المتوقع أن تحدد مستقبل إدلب، التي تعد مع أجزاء من محافظات مجاورة، آخر مناطق اتفاق خفض التوتر الذي ترعاه الدول الثلاث.
في السياق، وصف الكرملين الروسي، إدلب بأنها «وكر للإرهابيين»، مشيراً إلى أن المسلحين في إدلب يعيقون السلام في سوريا ويهددون قواعدنا العسكرية، مضيفاً إن تحذيرات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لا تعد منهاجاً شاملاً لحل مشكلة إدلب.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في مؤتمر صحافي، إن الجيش السوري يتأهب لحل مشكلة الإرهاب في إدلب.
وأضاف إن الوضع في إدلب لا يزال موضع اهتمام خاص من قبل موسكو ودمشق وأنقرة وطهران»، وذلك قبل يومين على قمة مقررة في طهران بين روسيا وتركيا وإيران حول سوريا. وأضاف «نعلم أن القوات المسلحة السورية تستعد لحل المشكلة».
إلى ذلك، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا إن المحادثات الجارية بين روسيا وتركيا تمثل الأساس لتقرير مصير إدلب الخاضعة للمعارضة من دون إراقة دماء، لافتاً إلى أنه «سمعنا من خلال وسائل الإعلام أن الحكومة السورية وضعت مهلة تنتهي في 10 سبتمبر قبل شن هجوم على إدلب».
وقال المبعوث الأممي إن الضربات الجوية في إدلب بسوريا ربما تكون دلالة على أن المحادثات الروسية التركية لا تسير على نحو جيد.
وأضاف إنه «يجب حل معضلة وجود 10 آلاف إرهابي وسط مليوني مدني بإدلب»، مطالباً بإنشاء ممرات آمنة للدخول إلى إدلب والخروج منها.
ومن المقرر أن يجري دي ميستورا محادثات منفصلة الأسبوع المقبل، بعضها يشمل روسيا وتركيا وإيران، وبعضها يشمل الولايات المتحدة والسعودية، وذلك لمناقشة تشكيل اللجنة.
6
أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن كميناً لوحدات حماية الشعب الكردية، فجر أمس، بمنطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، تسبب في مقتل ما لا يقل عن 6 عناصر من الفصائل التابعة لعملية «غصن الزيتون» المدعومة من تركيا.
وقال المرصد في بيان: «في الآونة الأخيرة قامت خلايا تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي بعمليات استهدفت عناصر ومقاتلين تابعين لفصائل «غصن الزيتون»، في ريف عفرين».
وحسب البيان، نفت مصادر قيادية من وحدات حماية الشعب الكردي، مسؤولية قواتها أو الخلايا التابعة لها عن الكثير من الاغتيالات وعمليات التعذيب التي تصاعدت بشدة في الآونة الأخيرة.
واتهمت المصادر «خلايا تابعة لجهات أخرى، بتنفيذ الاغتيالات هذه ونسبتها إلى القوات الكردية لغايات تهدف بشكل رئيسي إلى تصعيد انتهاكاتها ضد المدنيين».
وحشية
حذر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، من وقوع كارثة إنسانية في إدلب، التي تعد المعقل الأخير للمعارضة المسلحة في سوريا.
وأعلن ماس، في برلين أنه سيتطرق لهذه القضية خلال زيارته لتركيا، المقرر لها اليوم وغداً، والتي تعد الأولى له منذ توليه مهام منصبه، وقال: «سنفعل ما بوسعنا لمنع وقوع كارثة إنسانية في إدلب».
وأشار ماس، إلى «وحشية نظام الأسد التي شهدناها في الماضي» وقال إنه وفي ضوء حقيقة أن قرابة 3 ملايين إنسان تقطعت بهم السبل في إدلب فإننا نشهد «وضعاً خطيراً جداً جداً».
يشار إلى أن المنطقة المحيطة بإدلب، شمال غربي سوريا، تعتبر آخر منطقة رئيسة لا تزال تخضع لسيطرة المعارضة السورية المسلحة التي تتألف بشكل خاص من مقاتلي هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً).
أرسل تعليقك