أجاز مجلس الأمن الدولي بالإجماع، قراراً يتيح لقوات الأمم المتحدة المنتشرة في مالي، تقديم دعم لوجيستي لقوة دول مجموعة الساحل لمكافحة المتطرفين، بينما تعهد الجيش الأوغندي بالقضاء على القوات الديمقراطية المتحالفة المتمردة، وهي مجموعة أوغندية متمردة هاجمت أول من أمس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ ما تسبب في مقتل 15 من قوات حفظ السلام التنزانيين على الأقل، والقرار الذي أجازه مجلس الأمن، أمس، وصاغته فرنسا، كان موضع مفاوضات صعبة مع الولايات المتحدة التي عارضت لفترة طويلة أي انخراط للأمم المتحدة في هذه القوة المشتركة بين خمس دول، هي: مالي، وبوركينا فاسو، وتشاد، وموريتانيا، والنيجر.
ويشمل هذا الدعم الإجلاء الطبي، والإمداد بالوقود والمياه والحصص الغذائية، إضافة إلى الاستعانة بوحدات الهندسة في القوة الأممية من أجل بناء معسكرات وقواعد عسكرية لمكافحة المتطرفين، ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن يتوصل “في أسرع وقت” إلى “اتفاق تقني بين الأمم المتحدة ودول مجموعة الساحل لتقديم دعم لوجيستي وعملاني عبر قوة الأمم المتحدة في مالي” إلى القوة الأفريقية الجديدة، ويشدد القرار على أن “أنشطة التنظيمات الإجرامية والإرهابية في منطقة الساحل تشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين”.
وحيال تردد الولايات المتحدة في إشراك الأمم المتحدة في قوة أفريقية جديدة في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تقليص نفقات المنظمة الدولية، دعا القرار إلى توسل “آلية ينسقها الاتحاد الأوروبي” ويسدد عبرها للأمم المتحدة كل النفقات المخصصة للقوة الجديدة، وأكد القرار، أن هذه المساهمة اللوجيستية والعملانية للأمم المتحدة لن تتم إلا حين تنتشر القوة الجديدة على الأراضي المالية، شرط ألا تتسبب في أي ضرر للمهمة الأساسية للجنود الأمميين المنتشرين هناك، وقوة مجموعة الساحل التي بدأت لتوها تنفيذ أولى عملياتها الميدانية تهدف إلى التصدي للمتشددين، على أن تضم لدى اكتمال عددها في مطلع الربيع المقبل خمسة آلاف عنصر، علماً بأن قوة حفظ السلام في مالي تضم نحو عشرة آلاف جندي.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماع دولي يعقد في باريس يوم الاثنين المقبل “لتسريع انتشار” القوة، ويعتبر هذا ثاني قرار يصدره مجلس الأمن فيما يتصل بقوة مجموعة الساحل، حيث أصدر المجلس في يونيو (حزيران) الماضي قراراً أول أعلن فيه دعمه السياسي لتشكيل القوة الجديدة، لكن من دون أن يلحظ أي مساهمة مالية فيها بسبب رفض واشنطن.
وقال متحدث باسم عمليات الجيش الحالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية: إن الجيش قتل 72 متمرداً أوغندياً على الأقل خلال هجوم في الجزء الشرقي من البلاد، واعلنت بعثة الأمم المتحدة في الكونغو أنّ حصيلة قتلى هجوم شنه متمردو القوات الديمقراطية المتحالفة في مقاطعة كيفو الشمالية بالشرق ارتفعت إلى 14 على الأقل، كما قتل 5 من جنود الجيش، وأصيب أكثر من 20 آخرين في الهجوم الأكثر دموية على أفراد حفظ السلام هناك.
وقال الرئيس التنزاني جون ماجوفولي، إنه “مصدوم وحزين” بسبب هذا الحادث الذي جاء وسط تصاعد العنف ضد المدنيين والجيش وقوات الأمم المتحدة في المناطق الحدودية بشرق جمهورية الكونجو الديمقراطية، وقالت هيذر ناورت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، على “تويتر”: إن الولايات المتحدة “روعت بسبب الهجوم”، كما أدان مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة “بأشد العبارات” الهجوم، وعبّر أعضاء المجلس في بيان صحافي تلاه نائب المندوب الياباني الدائم لدى الأمم المتحدة ياسوهينسا كاوامورا، عن عميق مواساتهم وتعاطفهم لعائلات الضحايا ولحكومتي تنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ولبعثة الأمم المتحدة في الكونغو، والمعروفة اختصاراً حسب اللغة الفرنسية، باسم “مونوسكو”. وتمنوا الشفاء العاجل لـ53 مصاباً من قوات حفظ السلام.
واعتبر البيان، أن الهجمات المتعمدة على قوات حفظ السلام الأممية قد تشكل جرائم حرب وفقاً للقانون الدولي. ودعا حكومة الكونغو إلى التحرك العاجل لإيقاف منفذي الهجوم أمام القضاء، مؤكداً أنه لا توجد حصانة لكل من ينفذ مثل هذه الهجمات، وطالب أعضاء المجلس الأطراف المسلحة كافة بوقف فوري للعنف، وأشادوا عالياً في الوقت نفسه بالعاملين لحفظ السلام، ممن يضحون بحياتهم من أجل الحفاظ على السلام وحماية المدنيين. وجددوا دعمهم لبعثة “مونوسكو”، التي تعتبر أكبر بعثة أو عملية لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة.
وتشهد مقاطعة شمال كيفو شرق الكونغو منذ فترة طويلة أعمال عنف بين القوات الحكومية وميليشيات، إضافة إلى نزاعات إثنية زادت حدتها بشكل كبير هذا العام، بالإضافة إلى تزايد عمليات القتل والخطف بين المجموعات العرقية المتنافسة، وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إنهم يشتبهون في أن مسلحين من القوات الديمقراطية المتحالفة، وهي جماعة متمردة تنشط في هذه المنطقة، هم الذين شنوا الهجوم على القاعدة الواقعة في بلدة سموليكي في إقليم شمال كيفو.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في الكونغو المعروفة باسم “مونوسكو” إنها تنسق مع الجيش الكونغولي للقيام برد مشترك، إضافة إلى عمليات إجلاء المصابين من القاعدة، وأدان الجيش الأوغندي الهجوم، أمس، حيث اعتبر البريجادير ريتشارد كاريمير، المتحدث باسمه، أنه ينبغي القضاء على المجموعة الأوغندية المتمردة التي نفذته وتختبئ في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ونقلت عنه وكالة “شينخوا” الصينية قوله “ما زالت هذه الميليشيات تشكل تهديداً للسلام والاستقرار الإقليميين، وإن تصفية أولئك الإرهابيين في شرق الكونغو الديمقراطية يقع بشكل أولي على عاتق حكومة كينشاسا”، وتسيطر جماعات مسلحة متناحرة على مناطق واسعة من شرق الكونجو الغني بالثروة المعدنية رغم انتهاء حرب كبيرة شهدتها البلاد قبل أكثر من 15 عاماً شهدت مقتل ملايين الأشخاص، أغلبهم من الجوع والفقر. وأُدرج اسم تحالف القوى الديمقراطية في قائمة الجماعات الإرهابية لمجلس الأمن الدولي عام 2014، وكان قد أنشئ عام 1995، ويتمركز في المنطقة الجبلية الحدودية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا.
وقدرت تقارير أممية قوام تحالف القوى الديمقراطية في عام 2013 بما بين 1200 و1500 محارب مسلح متمركزين في شمال شرقي إقليم بيني بمحافظة كيفو الشمالية، قرب الحدود مع أوغندا، ويصل مجموع أعضاء التحالف، بما في ذلك النساء والأطفال، إلى ما بين 1600 و2500 شخص، تم توزيع محاربيه في عدد كبير من القواعد الصغيرة، ونقل النساء والأطفال إلى مناطق تقع غرب بيني وعلى طول الحدود بين إيتوري وشمال كيفو، ويعد هجوم الخميس الذي قتل على أثره 15 جندياً من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أحد أسوأ الاعتداءات التي شهدتها المنظمة الدولية في تاريخها. علماً بأنه ومنذ إنشائها عام 2010، سجلت “مونوسكو” 93 قتيلاً من قوات جيش وشرطة وعمال مدنيين.
ومن الاعتداءات الدموية السابقة التي طالت “قوات حفظ السلام”، في 07 ديسمبر (كانون الأول) 2017: قتل 15 تنزانياً من جنود حفظ السلام في الهجوم الأكثر دموية الذي يستهدف قوة تابعة للأمم المتحدة في الدولة الواقعة وسط أفريقيا منذ نشرهم عام 1999، وجرح 53 شخصاً على الأقل، إصابات عدد منهم بالغة، واتهمت بعثة الأمم المتحدة متمردين أوغنديين منضوين في “القوات الديمقراطية المتحالفة” بتنفيذ الهجوم، وفي 23 يناير (كانون الثاني) 2006: قتل ثمانية جنود دوليين من غواتيمالا في اشتباك مع مسلحين في حديقة غارامبا في أقصى شرق جمهورية الكونغو. وكانوا حينها يقومون بمهمات استطلاعية في المنطقة، وفي 25 فبراير (شباط) 200: قتل تسعة عناصر من قوات حفظ السلام البنغلاديشيين في كمين خلال دورية في إيتوري في شمال شرقي الكونغو الديمقراطية، وفي 29 مايو (أيار) 201: قتل خمسة عناصر توغوليين من قوات حفظ السلام في منطقة موبتي وسط مالي في هجوم لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، وفي 18 مايو 2016: مقتل خمسة عناصر تشاديين من قوة الأمم المتحدة في كمين قرب اجيلهوك في شمال شرقي مالي. تبنت الهجوم مجموعة “أنصار الدين” المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي سيطرت على شمال مالي لنحو عشرة أشهر بين عامي 2012 و2013.
في 12 فبراير 2016: قتل سبعة من قوات حفظ السلام الغينيين بهجوم على قاعدتهم في كيدال، تبنته كذلك مجموعة “أنصار الدين”، وفي 2 يوليو (تموز) 2015: مقتل ستة عناصر من قوة الأمم المتحدة من بوركينا فاسو في هجوم بشمال مالي (بجنوب غربي تمبكتو)، تبناه تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب”، و03 أكتوبر (تشرين الأول) 2014: مقتل تسعة من قوات حفظ السلام النيجيريين أثناء تنقلهم في منطقة غاو بشمال شرقي البلاد. تبنت الهجوم “حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا” المرتبطة بتنظيم القاعدة، إحدى المجموعات التي سيطرت على شمال مالي بين عام 2012 ومطلع 2013، و09 مايو 2017: قتل أربعة من قوات حفظ السلام الكمبوديين ومغربي إثر هجوم استهدف قافلتهم في جنوب شرقي جمهورية أفريقيا الوسطى، و13 يوليو 2013: قتل سبعة جنود تنزانيين من قوة لحفظ السلام مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور في كمين بالقرب من نيالا، إحدى مدن دارفور الرئيسية، و08 يوليو 2008: مقتل سبعة جنود من القوة نفسها في شمال دارفور، و08 يونيو (حزيران) 2012: قتل سبعة جنود نيجيريين من عملية الأمم المتحدة في ساحل العاج في كمين وقع قرب بلدة تاي الغربية القريبة من الحدود مع ليبيريا، وفي 24 من الشهر نفسه: مقتل ستة جنود من كتيبة إسبانية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) في انفجار سيارة مفخخة بجنوب لبنان، و07 أبريل (نيسان) 1994: قتل عشرة من جنود حفظ السلام البلجيكيين المكلفين حماية رئيسة الوزراء أجاثا أويلينغييمانا في الساعات الأولى من انطلاق الإبادة الجماعية في البلاد، و05 يونيو 1993: مقتل 24 من عناصر قوات حفظ السلام الباكستانيين في مقديشو خلال اشتباكات مع ميليشيا تابعة للجنرال محمد فرح عيديد، أحد أمراء الحرب في البلاد.
أرسل تعليقك