دبي ـ وكالات
ذكرت مجلة درع الوطن في عددها الأخير أن "القرصنة البحرية" تحدٍ عالمي قديم قدم التجارة البحرية على مر العصور حيث عادت هذه الظاهرة البغيضة لتطل برأسها من كتب الأساطير والتاريخ القديم لتهدد سفناً تجارية حديثة لم تكن أطقمها تسمع عن القراصنة وحكاياتهم سوى من قصص الماضي البعيد.وفي الوقت الذي تسعى فيه الكثير من الدول إلى مواجهة سيناريوهات "حروب المعلومات" و"قراصنة الانترنت" الذين يهددون بتعطيل الأنظمة الالكترونية والبني التحتية والمرافق الاستراتيجية يطل في بعض المناطق البحرية الاستراتيجية خطر قرصنة آخر ليمثل تهديداً قادماً من بوابة التاريخ.
وأضافت المجلة في تقرير خاص لها حول "القرصنة البحرية" إنه مع تنامي حركة الملاحة الدولية بفضل الكثير من قوانين التجارة واتفاقات التبادل التجاري ما يفتح الباب أمام مزيد من التعاون الدولي برزت القرصنة البحرية كأحد أبرز التحديات على هذا الصعيد حيث قفز مستوى التهديد الناجم عن تزايد معدلات القرصنة البحرية في السنوات العشر الأخيرة إلى واجهة الأحداث وانتقل الاهتمام بشأنه من بؤرة طالما اعتبرت نقاط قرصنة تقليدية مثل مضيق ملقا إلى مناطق أخرى مثل سواحل الصومال.
الدور الإماراتي
وعن الدور الإماراتي للسيطرة على الظاهرة ذكرت مجلة درع الوطن انه ضمن مبادرات عدة طرحتها دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار الأعوام الماضية وتختص جميعها بمعالجة القضايا التي تتصل اتصالاً وثيقاً بالأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وهي مبادرات تلقى اهتماماً كبيراً واستجابة واسعة من جانب الدول والجهات المعنية جاءت مبادرة استضافة المؤتمر الدولي "التهديد العالمي وأشكال الاستجابة الإقليمية.. صياغة منهجية مشتركة لمواجهة القرصنة البحرية" الذي عقد في دبي في أبريل الماضي بتنظيم مشترك من قبل وزارة الخارجية وموانئ دبي العالمية .
حيث شارك في هذا المؤتمر وزراء خارجية عدد من الدول ونحو 400 مسؤول من مختلف دول العالم وعن "المنظمة البحرية الدولية" إلى جانب عدد من قادة القطاع وممثلي منظمات الرعاية الاجتماعية ومجموعة كبيرة من التنفيذيين في كبريات شركات الشحن البحري العالمية والخبراء المعنيين .
وعكس هذا المؤتمر حرص الإمارات على أن تكون في صدارة أي تحركٍ أو جهدٍ دولي لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن العالم واستقراره وتجارته حيث كان تنظيم مؤتمر القرصنة البحرية نابعا من إدراكها القوي لما تنطوي عليه هذه الظاهرة من تهديد جدي لخطوط الملاحة البحرية العالمية مما يؤدي إلى خسائر ضخمة للاقتصاد العالمي كما أن مستوى التمثيل الدولي في هذا المؤتمر كان انعكاساً للثقة التي توليها الإمارات إزاء التعامل مع ظاهرة القرصنة والتي أكدتها العملية الناجحة التي نفذتها القوات الإماراتية الخاصة لمكافحة الإرهاب التابعة للقوات المسلحة لتحرير سفينة ترفع علم الإمارات من أيدي القراصنة في المنطقة الواقعة شرق عُمان في بحر العرب.
حيث أوضحت هذه العملية بجلاء كيف أن دولة الإمارات لا تتهاون مع الإرهاب أو تستجيب لعمليات الابتزاز التي يقوم بها القراصنة من خلال عمليات الاختطاف التي ينفذونها ويطلبون على ضوئها مبالغ مالية كبيرة تصل إلى ملايين الدولارات وكانت القوات الخاصة الإماراتية لمكافحة الإرهاب وبإسناد من وحدات القوات الجوية والدفاع الجوي قد قامت في الثاني من نيسان / أبريل من العام 2011 بعملية ناجحة لتحرير السفينة "إم في أريله" التي ترفع العلم الإماراتي من أيدي القراصنة.
وتعليقاً على الدور الإماراتي الفاعل على صعيد مواجهة ظاهرة القرصنة البحرية أمام سواحل الصومال تقدم شيخ شريف شيخ أحمد رئيس الصومال حينها بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان إلى دولة الإمارات العربية رئيساً وحكومةً وشعباً لاستضافتها المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة القرصنة البحرية الذي وصفه بالمؤتمر الهام بالنسبة للمسألة الصومالية ومحاربة ظاهرة القرصنة البحرية بصفة خاصة .
استجابة
من جانبها استجابت دولة الإمارات بشكل عملي لمتطلبات الاستقرار في الصومال وخلال المؤتمر أعلن عن تقديم مبلغ 3 ملايين و680 ألف درهم "مليون دولار" للمساهمة في رفع قدرات القوات البحرية والسواحل الصومالية لمواجهة ظاهرة القرصنة البحرية فيما بلغ إجمالي قيمة المساعدات الإنسانية والمالية التي قدمتها الدولة إلى الصومال خلال السنوات الأربع الماضية 92 مليون درهم ما يقرب من 25 مليون دولار أميركي حيث قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في كلمة ألقاها نيابة عن سموه معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر "نحن في دولة الإمارات نتمتع بتاريخ عريق في الملاحة البحرية والتجارة ما يجعلنا نشعر بقلق عميق إلى معاناة البحارة".
من جانبه قال سلطان بن سليم رئيس مجلس إدارة "موانئ دبي العالمية" في كلمته أمام المؤتمر إن مستويات الهجمات على السفن التجارية في المياه الإقليمية الصومالية شهدت تراجعاً ملحوظاً منذ خمسة أعوام وأنه لم يسجل خلال النصف الأول من العام الجاري سوى 30 هجوماً بالمقارنة مع 176 هجوماً خلال الفترة نفسها من العام الماضي .. وأشادت الخارجية الأميركية بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة القرصنة وتقديم الدعم المالي واللوجستي والعسكري بمواجهة هذه الظاهرة التي تتهدد المنطقة بتبعات اقتصادية واجتماعية سلبية.. وقال توماس كيلي مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون العسكرية والسياسية ومسؤول مكافحة القرصنة إن دولة الإمارات تستحق كل الشكر والتقدير لما تبذله من جهود كبيرة بمكافحة القرصنة ومساعدة الصومال.
استراتيجية وطنية شاملة
أضافت مجلة درع الوطن في تقريرها إن سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية قال في كلمة له ألقاها خلال مؤتمر المانحين من القطاع العام والخاص والذي أقيم على هامش مؤتمر مكافحة القرصنة بدبي العام الماضي إن دولة الإمارات قامت بوضع استراتيجية وطنية شاملة في مجال مكافحة القرصنة البحرية حيث ترتكز تلك الاستراتيجية على 3 محاور هي الاستجابة العسكرية القوية والالتزام بجلب القراصنة الموقوفين إلى العدالة بالإضافة إلى تقديم المساعدات بعيدة المدى وإقامة شراكة تنموية مع عدد من دول المنطقة.
من جهتها قالت معالي ريم الهاشمي وزيرة الدولة إن موافقة الإمارات على استضافة هذه الجلسة المشتركة مع الأمم المتحدة على هامش أعمال مؤتمر مكافحة القرصنة تعد بالنسبة لدولة الإمارات أحد مكونات استراتيجيتها الوطنية الشاملة في محاربة القرصنة حيث قامت الدولة وكجزء من هذه الاستراتيجية بالالتزام بطرح القضايا الرئيسية التي تهدد المنطقة مثل القرصنة البحرية على قمة أولويات جداول أعمال المنتديات الدولية مشيرة إلى أن قضية القرصنة البحرية يجب أن تتصدر جدول أعمال كل من حكومات المنطقة ورجال الأعمال والمواطنين خاصة عند وقوع هجمات القراصنة على بعد أميال فقط من شواطئ المنطقة.
أرسل تعليقك