أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ، اليوم الأربعاء ، على أن لروسيا دورا محوريا في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وهي القادرة على توفير ضمانات للنظام السوري..قائلا "إن حقيقة وجود الروس على الأرض في سوريا اليوم هو أمر واقع وعلينا جميعا التعامل معه".
وأضاف العاهل الأردني - في مقابلة مع محطة (يورونيوز) الأوروبية بثتها اليوم ووزعها الديوان الملكي الهاشمي على وسائل الإعلام بعمان - "إن عملنا معا في سوريا سيمهد لنهج شمولي أوسع في التعامل مع التحديات ، علينا أن نتضامن ونساعد بعضنا البعض وأعتقد أن الظرف الحالي يمثل نداء لنا جميعا للتنسيق والتعاون فيما بيننا".
وتابع "إذا كان الأوروبيون يتعاملون مع مصدر قلق كبير يتمثل بتدفق المقاتلين الأجانب فإن هذا الهم مضاعف بالنسبة لروسيا التي لديها مشكلة كبيرة مع قضية المقاتلين الأجانب أيضا لذلك فهم بحاجة للتعامل مع تهديد عصابة داعش الإرهابية بشكل مباشر ، وعليه فإنني أرى أن الأزمة السورية تدفعنا للعمل سويا وبما يتيح لنا التحرك باتجاه محاربة تهديد الإرهاب العالمي".
وقال "إن وجود الروس في سوريا يمنحنا فرصة للتحرك في الاتجاه الصحيح وإنهاء هذا الصراع الرهيب وأن نحاول ردم الهوة بين روسيا والغرب مما يمكننا من بناء تحالفات لمواجهة تحديات في أماكن أخرى"..منوها بأن هناك تفاهمات تجمع مختلف أنحاء العالم على نهج أكثر استراتيجية للتعامل مع مختلف القضايا الراهنة.
وأعرب عن اعتقاده بأن الفرصة باتت مواتية لكي يضع الجميع خلافاتهم جانبا"..قائلا "إن هناك انعداما كبيرا للثقة بين الشرق والغرب وللأسف مازلنا نشهد عقلية الحرب الباردة وعلينا أن نتجاوز هذا الواقع حتى نتمكن من التصدي للتحدي الجديد المتمثل في هذه الحرب العالمية الثالثة ضد الإرهاب".
وحول أزمة اللجوء السوري..قال "من الواضح أنه مع وجود الروس الآن في سوريا وبحسب التطورات على الأرض فهناك قلق من إمكانية تزايد أعداد اللاجئين الذين سيهربون نحو الجنوب"..مضيفا "إن قضية اللاجئين باتت تشكل تحديا يوميا بالنسبة للأردن خصوصا وأن 10 % فقط منهم يعيشون في الواقع في مخيمات اللاجئين فيما البقية يتواجدون في مختلف القرى والمدن".
وأضاف "لكي نتعامل مع هذا التحدي بالشكل المناسب يحتاج الأردن فعليا نحو 3 مليارات دولار سنويا ، ولكن للأسف حصلنا خلال العام الماضي على حوالي 28 % فقط من هذا المبلغ وهذا العام حصلنا على ما نسبته 35 % فقط أما البقية فتتحملها الحكومة الأردنية ، وبالتالي فإن هذه التكلفة تستهلك كل عام ربع ميزانية الدولة تقريبا وذلك لرعاية اللاجئين ودعم البنى التحتية".
وتابع "إننا تحملنا باستضافة اللاجئين السوريين عبئا هائلا نيابة عن أوروبا والعالم ، وقد بدأ الأوروبيون للتو يتعرضون لجزء بسيط من التحدي الذي واجهناه خلال السنوات القليلة الماضية وها نحن نرى ردة الفعل الكبيرة في أوروبا تجاه تدفق عدد صغير منهم وهو الأمر الذي عانينا منه على مدار الخمس أو الست سنوات الماضية .. وبصراحة فقد تعامل معنا العالم وكأن ما نقوم به هو تحصيل حاصل".
وأفاد العاهل الأردني بأن هناك بعض اللاجئين السوريين يغادرون المملكة للعودة إلى وطنهم أو للوصول إلى أوروبا لأنهم بدأوا يدركون أن الأردن لن يستطيع تحمل هذا الوضع لفترة طويلة.
وأعرب عن اعتقاده بأن قضية اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى شواطئ أوروبا هي نداء للجميع في المجتمع الدولي للعمل بالعمل معا وبشكل أفضل..قائلا "إن ما نحاول القيام به مع أصدقائنا الأوروبيين هو التوصل لكيفية العمل معا للاستثمار في المناطق الصناعية وتوليد فرص العمل وجلب الاستثمارات للأردن ونعول على عقد مؤتمر للمانحين في المملكة المتحدة في شهر فبراير 2016".
وردا على سؤال هل الأولوية برأيك الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد أم هزيمة داعش؟..أجاب الملك عبدالله الثاني :"إن التفاهم الآخذ بالتبلور بعد اجتماعات فيينا هو أن علينا هزيمة داعش والتوجه في نفس الوقت نحو عملية سياسية تفتح صفحة جديدة في سوريا ، وترجمة ذلك هو الأمر الذي تتسابق مختلف الدول نحوه".
وقال "إن هناك جماعات تمثل فروعا عالمية لداعش ولا يوجد أي فرق بينها فكلها تتشابه بطريقة التفكير ، وعلينا أن ندرك ذلك وأن نوحد أسلوب تفكيرنا وتصدينا لها"..مضيفا "إن استطعنا العمل معا لحل مشكلة سوريا فإننا سوف نستطيع التعامل مع تهديد كبير آخر وهو الوضع في ليبيا ولكن للأسف فإن الأوروبيين وأحيانا الأمريكيين لا يدركون خطورة الوضع".
وأضاف "إن سوريا ليست هي التحدي الوحيد الذي يجب علينا التعامل معه ، علينا أن نوحد أسلوب تفكيرنا حتى نستطيع التقدم للتعامل مع الوضع في ليبيا وتحدي بوكو حرام وحركة الشباب ، وهناك تحديات مشابهة في آسيا أيضا".
وردا على سؤال حول من يمكنه أن يحل مكان الرئيس بشار الأسد ومنع داعش من التمدد؟..أجاب الملك عبدالله الثاني "علينا أن نكون حذرين لأن مختلف الأطراف ذات العلاقة بالوضع السوري المعقد لديها وجهات نظر متباينة وأعتقد أن اتخاذ مواقف متصلبة في هذه المرحلة ليس مفيدا لأحد ، نحن نفهم أننا بحاجة إلى عملية سياسية في سوريا..وأعتقد أن المسألة الرئيسية هي كيف يمكننا دفع العملية السياسية إلى الأمام..أعتقد أن الروس يفهمون ذلك والنظام يدرك ذلك.. والمشاركون في التحالف على اختلاف وجهات نظرهم، يفهمون ذلك".
وأضاف "لنترك المساومات تتمحور حول الطريقة التي يمكن من خلالها جلب المعارضة المعتدلة لتجلس على الطاولة مع النظام والاتفاق على تاريخ معين بما يجعلنا قادرين على المضي قدما، ولن يكون الحل سريعا، لأن الهدف الذي نأمل تحقيقه هو إطلاق عملية سياسية جديدة في سوريا، فيما تستمر المعركة ضد عصابة داعش".
وأشار إلى أن هناك رابطا بين قضيتي سوريا والعراق لأن داعش عصابة عابرة للحدود ، وهي تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي في شرق سوريا ومثلها في غرب العراق".
وحول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعما إذا يعتقد أن تغيير القيادات مطلوب لإعادة إطلاق عملية السلام ؟..أجاب العاهل الأردني "لن أخوض في الحديث عن القيادات فالقادة يمثلون شعوبهم ولكن ما أقوله هو أنه يجب أن تتواجد الفرصة لحل هذا الصراع".
وأضاف "ليس هناك أي منطق في أن يقوم متطرف بافتعال مشكلة في القدس في ذات الوقت الذي نخوض فيه هذه الحرب العالمية ضد الإرهاب والتطرف ، ومن الجنون في اعتقادي إطلاق يد بعض المتطرفين الساعين إلى إثارة الصراع الديني في المدينة المقدسة"..مؤكدا على أن غياب المفاوضات يؤدي إلى اندلاع العنف.
وتابع "لا يروق للإسرائيليين أن نقول إن القضية الفلسطينية هي جزء من المشكلة وأن المتطرفين يستغلون محنة الفلسطينيين والقدس كحجة لإقناع الناس بالانضمام إليهم وذلك جزء من المشكلة".
وقال "إن مستقبل الفلسطينيين والقدس هو أمر يتعين علينا جميعا أن نجد حلا له ، فكيف لنا أن ننتصر في المعركة العالمية ضد الإرهاب إذا استمر الجانب الإسرائيلي في الإصرار على أن لا علاقة له بمشكلة الإرهاب".
أ ش أ
أرسل تعليقك