الغت دولة جنوب السودان الاحتفالات بعيد استقلالها الخامس في وقت تسعى لانهاء حرب اهلية خلفت الاف القتلى ودمرت الاقتصاد، على ما اعلنت الحكومة الثلاثاء.
وصرح وزير الاعلام مايكل ماكوي للصحافيين "قررنا الا نحتفل بعيد الاستقلال في 9 تموز/يوليو لاننا لا نريد هذا القدر من الانفاق" موضحا "يجب ان ننفق القليل الذي نملكه على مسائل اخرى".
وفي السنوات الاخيرة واظبت الحكومة على اجراء عروض عسكرية واحتفالات اخرى في هذه المناسبة، حتى في ذروة حرب اهلية تخللتها انتهاكات مروعة لحقوق الانسان منها عمليات اغتصاب جماعي واحراق قرى برمتها واكل لحوم البشر.
لكن ماكوي اكد ان الاحتفالات لن تجري هذا العام.
ومن المقرر ان يخاطب الرئيس سالفا كير الامة في 9 تموز/يوليو، بعد خمس سنوات على احتفال العالم بولادة دولة جنوب السودان مع انفصالها عن اعداء الماضي في السودان بعد عقود من النزاع.
غير ان الدولة الحديثة الولادة تعاني لضبط التضخم الحاد الناجم عن الحرب والفساد المستشري والانهيار الوشيك لصناعة النفط التي تعتمد عليها الحكومة الى حد كبير في عائداتها من العملات الاجنبية.
- تضخم ناهز 300% -
تحدث صندوق النقد الدولي عن انهيار تام للاقتصاد مع تضخم حاد يناهز 300% وتدهور العملة بنسبة 90% هذا العام.
ففي وقت سابق من هذا الشهر افاد صندوق النقد ان احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية المخصص لتغطية الواردات "نفد في غضون ايام"، فيما يتوقع ان يفوق عجز الحكومة 1,1 مليار دولار هذا العام اي حوالى 25% من اجمالي الناتج الداخلي.
وافاد دبلوماسيون ان جوبا اقترضت سيولة مقابل انتاج نفطي مستقبلي فيما امر مجلس الامن الدولي في ايار/مايو بالتحقيق في دفق الاسلحة الى البلاد وسط معلومات عن انفاق مبالغ طائلة على تجهيز الجيش.
غرق جنوب السودان في حرب اهلية في كانون الاول/ديسمبر 2013، لكن زعيم التمرد رياك مشار عاد في نيسان/ابريل الى العاصمة في اطار اتفاق سلام عين بموجبه مجددا نائبا للرئيس لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع كير.
لكن المعارك متواصلة في عدة مناطق بين ميليشيات تتصارع على مصالح محلية ولا تعتبر نفسها معنية باتفاق السلام.
وقتل اكثر من 40 شخصا في معارك في الايام الاخيرة في غرب البلاد وفق ما اعلنت الحكومة الثلاثاء في الوقت الذي ندد فيه عاملون انسانيون بالظروف الصحية "الحرجة" لاكثر من عشرة آلاف شخص فروا من المعارك.
وبحسب وزير الاعلام مايكل ماكوي فان 39 مدنيا على الاقل واربعة شرطيين قتلوا منذ الجمعة. وقال الوزير "انها الجثث التي وجدناها حتى الان لكن الحصيلة سترتفع على الارجح".
واتهم جميع الاطراف بتنفيذ مجازر اتنية وتجنيد وقتل الاطفال وممارسة الاغتصاب والتعذيب وتهجير السكان على نطاق واسع "لتطهير" مناطق كاملة من اعدائهم.
ومنذ اندلاعها ادت الحرب الاهلية الى مقتل عشرات الالاف ونزوح اكثر من مليونين فيما يحتاج حوالى خمسة ملايين شخص الى مساعدات.
في الاجمال تؤوي مخيمات الامم المتحدة في جنوب السودان اكثر من 160 الف مدني مقابل نحو 200 الف في اوج الحرب الاهلية الاخيرة.
في الاسبوع الفائت اكد الرئيس السابق لبوتسوانا فيستوس موغاي الذي يراس لجنة مراقبة وتقييم اتفاق السلام الموقع في 26 آب/اغسطس 2015، ان التقدم "المتوقع لم يتحقق" وانه "فيما سجل تحرك في مواقف الاطراف فلم يكن ذلك الا ليتباعدوا".
- القتل والسرقة والكمائن -
ما زال الطرفان مختلفين على مكان تمركز جنود كل من الجيشين، في مواقع معسكرات تخصص لتسليم الجنود الاسلحة، وكذلك على عدد الولايات.
ففي العام الفائت امر كير بزيادة عدد الولايات ثلاثة اضعاف ليبلغ 28 ولاية، ما يقوض دعامة رئيسية في اتفاقية تقاسم السلطة.
وقال موغاي في 23 حزيران/يونيو في تقرير لاخر تطورات اتفاق السلام "من الاهمية القصوى ان يتعهد الطرفان بوقف دائم لاطلاق النار، وان يلتزما به بلا اي تاخير".
واضاف ان مراقبي وقف اطلاق النار منعوا تكرارا من القيام بعملهم فيما ما زال عاملو الوكالات الانسانية الذين يكافحون لدعم اكثر من خمسة ملايين شخص بحاجة الى مساعدة يتعرضون لهجوم مسلحين.
اضاف موغاي ان "هذه الاعمال تشمل القتل والسرقة والكمائن والتخويف والمضايقة، ما يشكل انتهاكا واضحا لاتفاق السلام".
أرسل تعليقك