منح مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) مساء الجمعة في جلسة عامة ثقته لحكومة وحدة وطنية برئاسة يوسف الشاهد، ستخلف حكومة الحبيب الصيد التي سحب منها البرلمان الثقة في 30 تموز/يوليو الماضي اثر انتقادات كبيرة بعدم الفاعلية في انعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.
وحضر جلسة التصويت 194 نائبا من اجمالي 217 يعدّهم البرلمان.
واعلن رئيس البرلمان محمد الناصر أن 167 نائبا من جملة 194 صوتوا بنعم للحكومة في مقابل رفض 22، فيما امتنع خمسة نواب عن التصويت.
وبحسب الدستور التونسي يتعين على الحكومة الحصول على ثقة الغالبية المطلقة اي 109 نواب.
وأصبح يوسف الشاهد الذي سيبلغ 41 عاما في 18 أيلول/سبتمبر المقبل، أصغر تونسي يرأس حكومة في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
والشاهد قيادي في حزب نداء تونس الذي اسسه في 2012 الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وكان وزير الشؤون المحلية في حكومة الحبيب الصيد.
وتتكون حكومة يوسف الشاهد من 26 وزيرا بينهم ست نساء، و14 وزير دولة بينهم امرأتان.
وكان 11 من هؤلاء أعضاء في حكومة الحبيب الصيد، وقد حافظ 7 منهم على نفس حقائبهم وهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والسياحة والنقل والتربية والتجهيز.
وتضم حكومة الوحدة الوطنية وزراء مستقلين وآخرين ينتمون الى ستة أحزاب هي "نداء تونس" وحركة النهضة الاسلامية وكلاهما يحظى بغالبية مقاعد البرلمان، و"آفاق" (8 مقاعد) و"المبادرة" (3 مقاعد) و"الجمهوري" (مقعد واحد) و"المسار" (غير ممثل في البرلمان).
كما تضم قياديين سابقين في الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) هما عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومحمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية.
وكانت حكومة الصيد تضم مستقلين وآخرين ينتمون الى 4 أحزاب هي النداء والنهضة وآفاق و"الاتحاد الوطني الحر" الذي غاب عن تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية.
وخلال جلسة منح الثقة انتقد نواب من حركة النهصة تعيين سمير الطيب القيادي في حزب المسار المعارض للاسلاميين وزيرا للزراعة.
وعرف الطيب وحزبه بمعارضتهما الشديدة لحركة النهضة خصوصا في فترة رئاستها حكومة الترويكا التي سيرت البلاد من 2011 وحتى مطلع 2014.
كما انتقد نواب من حزبي "مشروع تونس" و"الجبهة الشعبية" المعارضيْن تعيين عبد الجليل بن سالم وزيرا للشؤون الدينية.
ووصف نائب عن الجبهة الشعبية بن سالم بأنه "قريب من دوائر تكفيرية" فيما قال نواب من مشروع تونس انه صاحب "توجهات متشددة" "ولا يؤمن بالدولة المدنية" و"يؤيد مشروع الاسلام السياسي".
-"الحكومة لن تسرح الموظفين"-
وقال الشاهد في رده عن تساؤلات نواب ان حكومة الوحدة الوطنية "لن تسرح الموظفين ولن تكون حكومة تقشف".
وكان الشاهد حذر صباحا في بداية الجلسة من ان الحكومة قد تضطر للتقشف وتسريح موظفين بالقطاع العام ورفع قيمة الضرائب على المواطنين والشركات في حال تواصل تدهور الاوضاع الاقتصادية العام القادم.
واضاف ان حكومته ستطبق "وثيقة قرطاج" التي تحدد اولويات عمل حكومة الوحدة الوطنية ومنها مكافحة الارهاب ومقاومة الفساد ودفع النمو.
وفي 13 تموز/يوليو الماضي وقعت تسعة احزاب سياسية و3 منظمات وطنية بينها الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة ارباب العمل الرئيسية) وثيقة قرطاج.
وخلال الجلسة تركزت اغلب مداخلات النواب على "محاربة الفساد".
وحذر نواب من ان "بارونات" فساد "اخترقوا" الاحزاب السياسية الحاكمة وأجهزة الدولة مثل القضاء والأمن والبرلمان والجمارك.
-"التصدي للاعتصامات غير القانونية"-
وكان الشاهد دعا صباحا الى "العودة الى العمل والانتاج وتحفيز الاستثمار الوطني وجلب الاستثمار الخارجي" لاخراج تونس من ازمة اقتصادية واجتماعية حادة.
وقال "سنكون حازمين في التصدي لكل الاعتصامات غير القانونية وغير المشروعة مع التزامنا بضمان حق الاضراب المنصوص عليه في الدستور".
وأضاف "اليوم لن نسمح لفئة بأن توقف معملا او وحدة انتاج او مصنعا في خرق لقوانين البلاد وتحرم آلاف العاملين من قوتهم اليومي".
وتابع "اليوم لن نسمح بالتقاعس في الادارة وستتم معاقبة كل المتخاذلين ومكافأة الطاقات الجادة والمتفانية في عملها (...) يجب ان تعود ثقافة العمل".
وافاد ان حكومته ستصدر قانونا "يسن احكاما استثنائية لدفع النمو الاقتصادي في اسرع الاجال".
ويهدف القانون الى "إفراد المشاريع الكبرى (المعطلة) وذات الاهمية الوطنية بإجراءات استثنائية تمكن من الشروع المباشر في انجازها".
وتبلغ قيمة المشاريع الاقتصادية المعطلة في تونس 10 مليارات دينار (4 مليارات يورو) بحسب ما اعلنت في وقت سابق حكومة الحبيب الصيد.
ودعا الشاهد البرلمان الى "تسريع المصادقة" على قانون الاستثمار الجديد.
ووعد بمكافحة الفساد والتهرب الضريبي.
وفي 30 يوليو/تموز الماضي أقر الحبيب الصيد أمام البرلمان ان الفساد "استفحل" و"تغلغل في كيان الوطن" معتبرا ان مكافحة الارهاب "اسهل" من مكافحة الفساد.
وقال يوسف الشاهد "سنواجه مصاعب عديدة، سنواجه رفضا للتغيير، سنواجه لوبيات ترفض الاصلاح".
من جهة اخرى، تعهد "بذل كل العناية لكشف الحقيقة حول الاغتيالات السياسية وعلى راسها اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي" اللذين قتلا في 2013.
وبلعيد والبراهمي من ابرز معارضي حركة النهضة الاسلامية.
والسبت الماضي اعلن يوسف الشاهد تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي كلفه تشكيلها الرئيس الباجي قائد السبسي في الثالث من أغسطس/آب الحالي.
ومنذ الإطاحة بنظام بن علي تعاقبت على تونس ثماني حكومات وسبعة رؤساء حكومات.
أرسل تعليقك