الرياض - صوت الإمارات
يطرح إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على ابتزاز السعودية ومطالبتها بطريقة استعراضية لا تخلو من فجاجة بـ"التريلونات" التي تملكها، الكثير من التساؤلات عن المقاصد والغايات وتداعيات مثل هذا النهج.
لم يسل لعاب دونالد ترامب لأموال السعودية الآن فقط، بل ظهرت لديه هذه الفكرة "الجهنمية" منذ أن كان شابا، وحينها طمع في مليارات هذا البلد الغني والمحوري في المنطقة نفطيا وروحيا وبأبعاد أخرى ليس أقلها المساحة والموقع.
وحين أمسك في يديه بمقاليد الحكم في بلاده، سال لعابه أكثر وصار يطالب بـ"التريليونات" وبنفس الحجة، نحن ندافع عنكم وأنتم ملزمون بدفع الثمن وإلا فسنترككم في مهب الريح.. هذا هو لسان حال ترامب المعلن على الملأ تجاه السعودية.
والحقيقة أن ترامب ليس الوحيد من يسيل لعابه من الأميركيين لأموال السعودية وثرواتها، فقد جنح الكثيرون إلى المطالبة بتقاسم "الكعكة" السعودية بطريقة أو أخرى، وتجلى ذلك بشكل سافر عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بارتفاع أصوات تنادي بالثأر من السعودية لمشاركة 19 من مواطنيها في تلك الهجمات، ومصادرة مذخراتها واستثماراتها في الأراضي الأميركية.
هذه الدعوة لم تمت، بل تحولت إلى قانون في عام 2016 تحت اسم "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" المعروف اختصارا باسم "جاستا"، صدق عليه الكونغرس بمجلسيه، وبموجبه يمكن لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول مقاضاة السعودية للحصول على تعويضات منها.
تجاوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدبلوماسية التقليدية والأعراف المرتبطة بها والوسائل القانونية الشرعية، مكتفيا بإطلاق تصريحات استعراضية بلهجة تطفح بالسخرية والعنجهية يشفعها ببوح بارد بحب السعودية ومليكها، نرى ذلك بوضوح في ما صدر عنه الأربعاء حين زاد من ثقل العيار بقوله: "نحن نحمي السعودية. ستقولون إنهم أغنياء. وأنا أحب الملك، الملك سلمان. لكني قلت له "أيها الملك، نحن نحميك، ربما لا تتمكن من البقاء لأسبوعين من دوننا، وعليك أن تدفع لجيشك".
وتلتزم السعودية الصمت كما لو أن الأمر لا يعنيها، أو أنها تعتقد بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمزح معها وعنها بطريقة سمجة ربما.
وقد يكون في صمت السعودية حكمة، وهي تحتفظ عن وعي وإدراك برباطة جأشها وبأعصابها في العلن، بينما تعمل خلف الكواليس للتفاهم مع واشنطن بشأن ما يمكن تسميته بـ"الطفرة" في العلاقات الدولية، والمتمثلة في ابتزاز ترامب لحلفاء بلاده الكبار بطريقة لم يسبقها إليها أحد على الإطلاق.
المشكلة أن ترامب لا يمزح، وشراهته لأموال السعودية لا تهدأ، ولعابه لا يجف بل يزداد يوما بعد آخر، مهددا ضمنيا علاقات بلاده مع الرياض، وهو في نفس الوقت يضع قيادة هذا البلد في موقف محرج، بخاصة أنها تتطلع الآن إلى المستقبل بمشروعها الطموح المصاغ في "رؤية السعودية 2030"، ناهيك بمكانة ولي العهد محمد بن سلمان، ودوره البارز في حاضر ومستقبل المملكة، فهل يريد ترامب كبح جماح عجلة التغيير في هذا البلد، ووأد رؤية السعودية 2030؟ أم أنه يريد خنق المملكة وإرباكها وتعطيل انتقال السلطة ووصول ولي العهد إلى العرش؟
إصرار الرئيس الأميركي على ابتزاز السعودية بشكل متواصل وبإلحاح عجيب ولغة "سوقية" يعرض بالفعل استقرار السعودية للخطر، بخاصة إذا تحولت المطالبة بالأموال من القول إلى الفعل، والابتزاز إلى استنزاف، إذا خرج إلى النور ستنطفئ أضواء المستقبل.
أرسل تعليقك