الرياض - صوت الامارات
رأى المساعد الخاص السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما ولوزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، دنيس روس، أنّ أجندة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ستكون مكثّفة ومهمة على مستوى العديد من المواقف التي تحملها.
كتب في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية أنّ استبدال وزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون بمايك بومبيو يشير إلى تغييرات بارزة في مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط. يبدو بومبيو أكثر تشددًا تجاه إيران من سلفه، أو على الأقل، أكثر ميلاً لسلوك مسار منفصل عن الأوروبيين. ويرجح الكاتب أنّ ذلك يعني أيضًا أن يكون بومبيو أكثر تطلبًا من أوروبا في حال لم يسحب ترامب بلاده من الاتفاق النووي في مايو (أيار) المقبل. لكنّه يتساءل في المقابل: بما أنّ هنالك حدوداً حول مقدار مراعاة البريطانيين والألمان والفرنسيين للمخاوف الأميركية، ما هي تداعيات خروج أميركا من الاتفاق؟ وما الذي يمكن توقعه من الأعضاء الآخرين في مجموعة 5+1 رداً على ذلك؟ وماذا سيفعل الإيرانيون؟
يبدو بومبيو أكثر تعاطفًا مع المواقف السعودية والإماراتية من سلفه حول الأزمة القطرية. ويتساءل الكاتب أيضاً عمّا إذا كان ذلك قد يعني مزيدًا من الضغط على قطر أو مزيدًا من الجهد لحلّ الخلاف داخل مجلس التعاون. و يكون هنالك نقطة خلاف أخرى بين بومبيو وتيليرسون بشأن سورية. أوضح الأول منذ عدة أشهر أنّه يرى الوجود الإيراني في سورية تهديدًا جديًا لمصالح الأمن القومي الأميركي. كان هذا الموقف هو سياسة إدارة ترامب على المستوى الخطابي لا العملي. وفق الكاتب، بدت تصرفات الإدارة الحالية في سورية متشابهة مع سياسات إدارة أوباما الموجهة صوب مكافحة "داعش" فقط لا لمواجهة الإيرانيين أو نظام الأسد أيضاً. ويسأل الكاتب أيضاً عمّا إذا كان بومبيو قادرًا على تعديل مقاربة ترامب، وإذا تحقق ذلك، ما الذي سيطلبه الرئيس الأميركي من السعوديين؟ وما الذي تطلبه السعودية من الولايات المتحدة؟
ويشدّد روس على ضرورة التطرق إلى هذه الأسئلة خلال الزيارة.
إنّ السعودية تطلق ثورة من الأعلى بشكل واضح بالنسبة إلى الكاتب. وهي ثورة تسعى إلى تغيير طابع الاقتصاد والمجتمع السعودي. إنّ برنامج التحول الوطني السعودي يمثل نموذجًا جديدًا من التحديث. لدى الولايات المتحدة الكثير لتكسبه في حال نجاحه، وخصوصًا لأنّه كان هنالك غياب لنموذج تنموي ناجح في العديد من الدول العربية. وهذا واقع خلق فراغًا ملأه اليسار العلماني الذي جسده عبد الناصر سابقًا أو الإخوان المسلمون والإسلاميون المتطرفون اليوم، و وعد هؤلاء جميعهم بتحقيق الازدهار الاقتصادي. لكنهم فشلوا بسبب أيديولوجياتهم. أمّا رؤية 2030 فقد تحقق هذه الوعود. ومن الضروري التشديد على هذه الخطوات السعودية الجديدة في الخطابات العامة ليصل هذا التحول في صورة الرياض إلى أميركا أيضاً.
وسيسعى الأمير بن سلمان إلى تطمين الأميركيين المستثمرين في القطاع الخاص بأنّ السعودية هي مكان جيّد للاستثمار ولعالم الأعمال. وحملة مكافحة الفساد يمكن أن تقنع المستثمرين في هذا المجال، خصوصاً مع اقتناع الرياديين في عالم المال والاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة من خلال اجتماعاتهم مع وليّ العهد بأنّ حكم القانون هو واضح ومطبق باستمرار وبشفافية، وهذا يريح المنخرطين في المشاريع الاقتصادية.
وسيكون الملف اليمني حاضرًا في مناقشات الأمير محمد بن سلمان بسبب المسائل الإنسانية وحاجة واشنطن والرياض إلى خطة مشتركة للتعامل مع نزاع تراه إيران وسيلة منخفضة الكلفة لاستنزاف السعودية. ويضيف روس مجموعة من التساؤلات التي يمكن أن يقاربها المسؤولان: ما الذي يجب فعله لوقف تأمين الأسلحة الإيرانية بما فيها الصواريخ إلى الحوثيين؟ أي نفوذ يمكن استخدامه لتغيير حسابات الحوثيين؟ فمن دون تغيير حسابات الحوثيين، يبقى احتمال الوصول إلى تسوية سياسية وإنهاء المأساة صعباً، كما يضيف الكاتب.
وتبدو الإدارة الأميركية مصممة على تقديم خطتها. يجب تمحور الهدف من هذه الخطة حول أن تكون السعودية والإمارات ومصر والأردن والمغرب قادرة على دعمها وإعلان أنها منصفة وعادلة لحل النزاع وتلبية الطموحات الفلسطينية الوطنية. فمن دون دعم علني، لن يكون بالإمكان تحقيق الكثير في هذا المجال، وسيفتقد الفلسطينيون الغطاء السياسي الذي يحتاجون إليه من أجل القبول بتسويات حتمية مطلوبة منهم ومن الإسرائيليين. لكن إن لم تكن السعودية وحليفاتها قادرة على احتضانها، يمكن لولي العهد التركيز على تعليق الخطة والنظر إلى أساليب أخرى لإدارة النزاع. يجب أن يكون سعي إدارة ترامب منصباً على تأمين خطة أو اتخاذ خطوات لتحسين الوضع والمساعدة على إنهاء الصراع. وينصح روس إدارة ترامب بألا يكون هدفها جعل الأمور أسوأ، لأنّ خطة مرفوضة من السعودية وحلفائها ومهملة لاحقاً من الإدارة نفسها لن تعزز أسباب السلام بل العكس من ذلك تماماً. من هنا، قد يكون على ولي العهد لا مناقشة الخطة وحسب بل الخطوات التنفيذية اللاحقة إذا تم القبول بها.
ويضيف روس أنّ هنالك الكثير لمحاولة إنجازه في الزيارة. وإذا كان هنالك من نتيجة تفوق أهمية ما عداها في تلك الزيارة، هو وضع خطة مشتركة حول مروحة واسعة من المسائل التي لدى الطرفين مخاوف مشتركة إزاءها. ربما قد يكون لبومبيو من خلال دوره الجديد القدرة على إقامة حوار مستمر بين الطرفين لضمان التنسيق وعدم حدوث مفاجآت طالما أنّ الدولتين تتقاسمان أجندة مشتركة للمنطقة
أرسل تعليقك