بيروت - صوت الامارات
تلقى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري، ضربتين موجعتين خرقتا أحد أبرز بنوده، والذي من المفترض أنه حظى بإجماع القوى السياسية المنخرطة في المنظومة الوزارية، وهو "النأي بالنفس".
وبعد أقل من 48 ساعة على نيل الثقة النيابية التي منح فيها "حزب الله" للمرة الأولى ثقته لحكومة الحريري -إذ امتنع عن التصويت لحكومتيه الأولى والثانية- وقبل أن يجتمع مجلس الوزراء في أول جلسة عمل رسمية، لوضع خطة عمل وخريطة طريق للعمل الحكومي ولكيفية مقاربة الملفات الخلافية، تلقت سياسة النأي بالنفس خرقين، الأول من وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب والثاني من وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، وهما بحسب ما تصنفهما الأوساط خطآن من شأنهما توريط لبنان في صراعات الخارج وضرب مبدأ تحييده الواجب على اللبنانيين جميعا التزامه، لاسيما أن الوقت ليس مناسبًا للمناكفات ولا للانقسامات الداخلية، بل للعمل والإنتاج، كما أعلن الرئيس الحريري.
أقرأ أيضًا : سعد الحريري يؤكد أن حكومته تبنّت سياسة "النأي بالنفس" من أجل مصلحة لبنان واستقراره
ويرى مراقبون أن العمل الوزاري لا يمكن أن يستقيم من خلال تسجيل المواقف السياسية واتخاذ خطوات استباقية عشية الجلسة الحكومية الأولى، فالمطلوب مع انطلاقة الحكومة تفاهم وعقلانية يؤديان إلى زخم وإنتاج لا "قوطبة" سياسية، وبخاصة إذا كانت ذات صلة بالنظام السوري الخاضع لتجاذب واسع على الساحة الداخلية، فزيارة الوزير الغريب التي أعلن عنها مكتبه الإعلامي، من دون استئذان رئاسة الحكومة، تلبيةً لدعوة رسمية من وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، للبحث في ملف النازحين، كان لها الوقع السيئ على الحكومة وجزء كبير من اللبنانيين الذين فوجئوا بسرعة تحرك الوزير الغريب نحو سورية، في خطوة استفزازية لوزير محسوب من حصة رئيس الجمهورية، حيث سألوا عن أبعاد الزيارة وما إذا كانت حقيقة لإعادة النازحين أم لغرض آخر، إذ أن على سورية أن تتولى مهمة إعادة مواطنيها إليها لا على لبنان.
وكما الغريب، كذلك بو صعب، الذي أثار تحفظه في مؤتمر ميونيخ للأمن، على وجود منطقة آمنة بين سورية وتركيا، واعتباره أي وجود عسكري تركي على الأراضي السورية دون موافقة دمشق هو احتلال، حفيظة الجزء نفسه من اللبنانيين الذين تساءلوا عن مغزى إدراج بند النأي بالنفس في متن البيان الوزاري ما دام الوزراء المفترض أنهم الأكثر التزاما به هم أول من يخرقونه.
وفي هذا السياق، كشفت تقارير إعلامية أن وزراء القوات سيسجلون في جلسة مجلس الوزراء اعتراضهم الشديد على موقف بو صعب وزيارة الغريب في اتجاهين:
- ضرورة الاتفاق على خطة حكومية مشتركة، والمطالبة بالتذكير بمبدأ الناي بالنفس المدرج في البيان الوزاري أو بإعادة شرحه، لان ما جرى يعكس قلة دراية بمعنى المصطلح كي لا يُقال تجاوز واستهتار بالسياسة العامة للحكومة.
- التأكيد على أن خطوات مماثلة من شأنها أن تعيد البلاد ومعها الحكومة إلى حال من الانقسام العمودي غير المرغوب فيه، نظرا لتداعياته البالغة السلبية في زمن المطلوب فيه وضع الخلافات جانبا والانكباب على العمل الفعلي، إلا إذا كان من يقف خلف هذه الممارسات لا يريد للحكومة أن تنتج وتحقق الغاية المنشودة لا سيما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي اللذين وضعهما الرئيس الحريري في رأس قائمة أولوياته، وانطلق في ورشة عمل فعلية في اتجاههما اعتبارا من اليوم من خلال اجتماع السراي التشاوري لممثلي الصناديق والمؤسسات المالية التي التزمت مساعدة لبنان في مؤتمر "سيدر".
وتؤكد المصادر أن وزراء الحزب سيطرحون الموضوع بمسؤولية وهدوء لتحديد ما إذا كان الموقف والزيارة مجرد خطوات متسرعة من دون خلفيات سياسية، وهو أمر مستبعد، أم متعمدة للتشويش على الحكومة قبل إقلاعها ولأي غرض.
قد يهمك أيضًا :
"النواب اللبناني" يناقش البيان الوزاري ويصوت على منح الثقة لحكومة الحريري
الحريري يتناول "الكنافة" داخل القنصلية اللبنانية في دبي
أرسل تعليقك