نيويورك - صوت الأمارات
أكدت دولة قطر أن رعاية الشباب والاهتمام بتطلعاتهم هو جزء هام من سياساتها على الصعيد الوطني والخارجي، إدراكاً منها للآثار الفظيعة المترتبة عليهم جرّاء استمرار النزاعات في دول عديدة في المنطقة وخاصة في فلسطين وسوريا، ونتيجةً لعجز المجتمع الدولي عن التوصل إلى حلول لتلك النزاعات وفق قرارات الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقتها سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في اجتماع المناقشة الموضوعية المفتوح حول دور الشباب في مكافحة التطرف المصحوب بالعنف وتعزيز السلام.
وقالت سعادتها إن المجتمع الدولي أجمع في كل القرارات على مكافحة التطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله، واتفقت الدول الأعضاء، في إطار استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، على أن معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب هي السبيل الوحيد لاستئصاله.
وأضافت أنه استناداً إلى هذا التوافق الدولي، فإن تحقيق الهدف الذي ينشده الجميع يتطلب نهجاً مُعمَّقاً واستراتيجياً على المدى البعيد، يأخذ بالاعتبار العوامل التي أدت إلى بروز الإرهاب، وهذا ما يُلقي علينا جميعاً مسؤولية مشتركة لمواجهة هذه الآفة، التي تهدد مجتمعاتنا وتقوض استقرارها ووحدتها.
وأشارت إلى أن التجربة أكَّدت أن الإرهاب لم ينشأ من فراغ، بل نما وتطور في بيئات هشة ساعدت في نمو التطرف، نتيجة للسياسات التي لا تولي أهمية للمشاكل التي يعاني منها المجتمع بما فيه الشباب، فحالة اليأس التي يعاني منها الشباب هي في مقدمة الأسباب التي تلعب على أوتارها التنظيمات الإرهابية من أجل الوصول إلى أهدافها الشريرة، وتستخدمها كوقود حقيقي لتجنيدهم.
وأكدت أن الاستجابة لتطلعات الشباب، وإقامة برامج لتوفير التعليم الذي يؤهلهم للمساهمة في تنمية مجتمعاتهم، ومعالجة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية التي من شأنها القضاء على شعورهم بانعدام الأمان والإحساس بالغبن، وإشراكهم في صناعة القرار، هي الكفيلة بخلق بيئة قادرة على القضاء على التطرف وتفنيد الذرائع التي يستخدمها الإرهابيون.
وذكرت أن تأثير التطرف على الشباب، وخطورة النتائج المترتبة على ذلك، على المستويين الوطني والدولي، في حال عدم اتخاذ الخطوات المناسبة للتعامل مع هذا الموضوع وفق ما يستحقه، يتطلب منا مواصلة البحث المعمق للأسباب التي تُفضي إلى دفع الشباب للتطرف والعنف، والمسؤولية المشتركة للمجتمع الدولي في هذا الخصوص. ونظراً للأبعاد المختلفة لهذا الموضوع، فإن من غير الصائب التعامل مع التطرف عند الشباب في إطار مكافحة الإرهاب فقط، وإنما ينبغي بحثه في إطار شمولي، يأخذ بالاعتبار مسببات التطرف وانضمام الشباب للتنظيمات الإرهابية، واستخدامهم للعنف كوسيلة للتعبير عن موقفهم.
معالجة الأسباب الحقيقية للتطرف والأرهاب
ونبهت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني الى أنه عندما ندعو لاعتماد نَهجٍ واسعٍ لمعالجة جذور التطرف والارهاب وأسبابه، فإن ذلك لا يتقاطع ولا يُقللُ من أهمية الاستجابة العسكرية العاجلة للخطر الداهم الذي تمثّلُهُ الجماعات الإرهابية التي تُجنِّد الشباب، وهنا نؤكد أهمية معالجة مسببات التطرف والإرهاب وظروف نشأتِهما ودوافعِهما في سياق حلولٍ شاملة تفتح أُفقا لمستقبل أفضل للمجتمعات وللشباب على وجه الخصوص.
وأشارت إلى أن الأطفال السوريين يُشكِّلون أكثر من نصف عدد اللاجئين والنازحين السوريين، مما أدى إلى حرمان نحو مليوني طفل سوري من التعليم، مما يعني أن سوريا مهددة بفقدان جيل كامل، محذرة من أنه إذا لم يحصل الأطفال السوريون على حقهم في التعليم، سيكونون عرضة للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة ولذلك، أعلنت دولة قطر، في المؤتمر الأخير للمانحين في الكويت، عن تأسيس صندوق يخصص للتعليم والتطوير المهني لصالح السوريين النازحين واللاجئين.
وقالت إنه إقراراً بدور الشباب في معالجة التحديات التي يواجهها العالم، بادرت دولة قطر بعقد منتدى الشباب حول منع الجريمة والعدالة، بتاريخ 7 أبريل الجاري، قُبيل انعقاد المؤتمر الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي عُقد في الدوحة مؤخراً، كمبادرة لتمكين الشباب للتعبير عن آرائهم وإشراكهم في صياغة القرارات والسياسات حول قضايا منع الجريمة بأشكالها المختلفة، بما فيها مكافحة الإرهاب.
وأكدت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في ختام كلمتها على أن الشباب كان وسيظل هو المحرك الحقيقي للتغيير، وإن عدم الإقرار بدورهم هو مغالطة للمنطق وتجاهل لدروس التاريخ، وبالتالي فإن عدم توفير البيئة المواتية لإشراكهم في كافة أوجه الحياة سيكون ثمنه باهظاً للدول، وسينعكس على السلم والأمن الدوليين.
وعبرت سعادتها عن سرورها لترؤس صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الحسين، ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، هذا الاجتماع البالغ الأهمية، مؤكدة أن حرص سموه على حضور هذه المناقشة يؤكد حيوية هذا الموضوع، وأهمية التوصل إلى توصيات عملية تُسهمُ في مواجهة التحديات التي تعترض تمكين الشباب، وتُعزز الدور الذي يمكن أن ينهضوا به في تعزيز السلام.
المصدر:قنا
أرسل تعليقك