أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن الوضع في ليبيا يزداد خطورة، وأن مصر تسعى لتحقيق الاستقرار السياسي هناك، وتدعم اتفاق الصخيرات لحل الأزمة الليبية.
مصر تلعب دورا رئيسا في تسوية الأزمة الليبية الآخذة في التفاقم، ولا تزال تدفع بكل قوة للحفاظ على ثوابتها تجاه القضية، التي تمثل لها أمنا قوميا لا يمكنها التفريط به.
وقد طالب شكري اليوم (16 02 2016)، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، بأن لا يكون أي تدخل عسكري في ليبيا إلا بطلب من الحكومة الشرعية، مشيرا إلى أن الشعب الليبي يستطيع بإمكاناته الحفاظ على وحدة أراضي بلده، والتصدي لكل التحديات ومنها الإرهاب.
وكان وزير الخارجية المصري قد عاد للتو من ميونخ، حيث التقى وزيرة الدفاع الألمانية فون دانلاين، وتناول معها الأوضاع في ليبيا، وأهمية تشكيل حكومة الوفاق الوطني هناك، ومواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية انطلاقا من السواحل الليبية.
يأتي ذلك بالتوازي مع تصريحات تصب في هذا الاتجاه، أدلى بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولفت فيها إلى استمرار وانتشار الوضع الفوضوي في ليبيا، قائلا: "أينما وُجد التطرف واستوطن من دون مقاومة بشكل فعال ازداد الوضع سوءا".
وسأل السيسي، في حوار خاص أجرته معه مجلة "جون أفريك" الفرنسية مؤخرا، عن سبب اللجوء إلى حلف شمال الأطلسي بدلا من اللجوء إلى مختلف الحلول الداخلية في ليبيا، وقال: "هل سيساعد الناتو الجيش الليبي في ذلك؟ وهل سيُرفع الحظر عن تصدير الأسلحة إلى ليبيا حتى يتمكن الجيش من امتلاك الوسائل لفرض سلطات الدولة؟ وأجاب عن الأسئلة، التي طرحها بنفسه بالنفي، مذكرا بتأكيده منذ عامين على أهمية مساعدة الجيش الليبي، وبأن مصر فعلت ما يجب فعله لمنع دخول المقاتلين المتطرفين من سوريا والعراق، إلى ليبيا، مشددا على ضرورة التوصل إلى طرق لتجفيف منابع تمويل الإرهاب. وأشار إلى أهمية تصويت مجلس الأمن على قرار بهذا الشأن لتحسين الوضع.
تصريحات الرئيس السيسي ووزير خارجيته سامح شكري المنطلقة من موقف ثابت تجاه قضية ليبيا لم تقف عند هذا الحد؛ إذ استقبل السيسي اليوم (16 02 2016) وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، وناقش معه أبعاد الملف الليبي المختلفة؛ كما استقبلت القاهرة بالتزامن مع زيارة مزوار، الذي تستضيف بلاده مفاوضات الوفاق الليبي في الصخيرات، رئيس حكومة الوفاق الليبي فايز السراج.
وقد جاءت زيارة السراج غداة إعلانه عن تشكيل الحكومة الليبية الجديدة من 18 وزيرا، والتي أجل مجلس النواب الليبي التصويت عليها إلى السبت المقبل، إلى حين حضور السراج، وذلك بناء على طلبه.
غير أنه يبدو أن السراج جاء إلى القاهرة لإقناعها باضطراره لعدم إسناد حقيبة الدفاع للفريق خليفة حفتر، الذي تسانده مصر قائدا عاما للجيش الليبي، وكانت تدفع به إلى الحقيبة، التي مثلت إحدى نقاط الجدل في الحكومة الليبية المصغرة، التي جرى إعلانها صباح أمس (15 02 2016)؛ وهي الحقيبة نفسها، التي ربما تمثل أزمة للسراج أمام مجلس النواب الليبي السبت المقبل.
وكانت قد سادت في الأيام الماضية خلافات بين أعضاء المجلس الرئاسي حيال الشخصية، التي ستتولى وزارة الدفاع، والتي أسندت إلى العقيد في قوات السلطات المعترف بها دوليا في الشرق مهدي البرغثي. وينظر إلى البرغثي على أنه معارض لحفتر؛ الأمر، الذي قد يثير الخلاف مع مجلس النواب الليبي، وربما أيضا مع القاهرة.
ويأتي الحراك الليبي بالتزامن مع إعلان غربي عن تدخل عسكري وشيك في ليبيا، حيث أكدت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي أن فرنسا وبريطانيا لن تقدما على حرب منفردة في ليبيا، مشيرة إلى أن قيادة التحرك العسكري المقبل ستكون لإيطاليا. ولفتت بينوتي إلى أن فرنسا وبريطانيا لن تتحركا في عملية عسكرية منفردة في ليبيا، وأن الاتفاق جرى على ذلك خلال الاجتماع الأخير لوزراء دفاع دول التحالف، الذي حضره الوزير الأمريكي آشتون كارتر، والفرنسي جان إيف لو دريان، والبريطاني مايكل فالون، حيث تم الاتفاق على التحرك في ليبيا بصورة منسقة على أن تكون إيطاليا صاحبة الدور القيادي في العملية، وأن تأخذ العملية العسكرية القادمة على عاتقها حماية الآبار، التي تستثمرها مؤسسة الطاقة الإيطالية "إيني"، والعاملين لديها في ليبيا".
وفي تعليق له على التدخل العسكري في ليبيا، قال العزب الطيب الطاهر، الخبير السياسي والمتخصص في الشؤون العربية، إن دعم ليبيا بالسلاح والخبرات والتطورات التكنولوجية أقوى من أي تدخل دولي؛ لأن دعم التدخل الدولي لـ"القذافي" من قبلُ بالأسلحة أفرز تداعيات سلبية دمرت ليبيا؛ وأضاف أن التدخل الدولي في ليبيا آت إذا لم يتم تشكيل حكومة ودعم هذه الحكومة الليبية بالسلاح.
وطالب الطاهر برفع الحظر الدولي عن دخول السلاح إلى ليبيا، لأن "الحل الوحيد لحماية ليبيا هو دعمها بالسلاح والخبرات التكنولوجية".
من جانبه، قال سمير راغب، الخبير الاستراتيجي المصري، إن الغرب يدرك تماماً ضرورة تمثيل أطراف الصراع في حكومة وحدة وطنية، لأنه في خلاف ذلك سيتم العودة إلى المربع الأول، مشيراً إلى أن مصر لها موقف واضح تجاه التدخل الغربي، والذي ينطلق من حرص القاهرة على وحدة واستقرار ليبيا، والحفاظ على الأمن القومي المصري والليبي معا.
وتبقى القاهرة كلمة السر الأخيرة في حسم الأوراق الليبية المتطايرة والمتداخلة، لكنها تقف بكل قوة ضد التدخل الغربي، وربما تشهد الأيام المقبلة تغيرات تحسم الموقف لمصلحة وجهات نظرها، وبخاصة لقربها من المشهد الليبي خلافا للأطراف اللاعبة عن بعد.
إيهاب نافع
أرسل تعليقك