أبوظبي - صوت الامارات
رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن متهمين، ضد حكم دانهما في جريمة قتل عامل بالخطأ، وألزمتهما بديته، إذ أكدت المحكمة توافر أدلة الإدانة بحقهما في وفاة المجني عليه داخل حفرة للصرف الصحي في فيلا تحت الإنشاء، يملكها أحدهما، فيما يملك الآخر المؤسسة التي تتولى أعمال البناء.
وأحالت النيابة العامة مالك مؤسسة مقاولات، ومالك فيلا، إلى المحاكمة الجزائية، إذ تسببا بخطئهما في وفاة عامل، حيث لم يتخذا وسائل السلامة في الموقع الإنشائي للفتحة الخاصة بمياه المجاري، ما أدى إلى سقوط العامل فيها وتعرّضه للإصابة التي أدت إلى وفاته، وطلبت معاقبتهما.
وقضت محكمة أول درجة ببراءتهما، فاستأنفت النيابة العامة الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بالإجماع بإلغاء الحكم الأول، والقضاء مجدداً بمعاقبة المتهمين بتغريم كل منهما 1000 درهم، وإلزامهما بالتضامن بأداء الدية الشرعية لورثة المتوفى. ولم يرتض المتهمان الحكم، فطعنا عليه، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها خلصت فيها إلى رفض الطعن.
وذكر دفاع المتهمين إن "المحكمة دانتهما عن جريمة التسبب في وفاة المجني عليه، على الرغم من انتفاء ركن الخطأ بحقهما، مستندة إلى شهادة شاهد بأن سبب الحادث يعود إلى عدم وجود علامات تحذيرية حول الحفرة التي سقط فيها المجني عليه، وأنه لا يعلم بوجودها، في حين أن الثابت أن المجني عليه هو من أنشأ الحفرة ويعلم بوجودها، وأن أحد المتهمين سلمه أدوات السلامة ووسائل الأمان، فغطاها بألواح خشبية ورمال، ومن ثم فقد ثبت أن الخطأ هو خطأ المجني عليه وحده، فضلاً عن أن حكم الاستئناف أسس قضاءه بناءً على المسؤولية المدنية، وهي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة، في حين أن المسؤولية الجنائية تُبنى على المسؤولية الشخصية، فكل مسؤول عن أعماله التي ارتكبها، ولا يسأل عن أفعال الآخرين. كما أن الحكم لم يحقق دفاع المتهمين بسماع شهود النفي، الأمر الذي يعيب حكم الاستئناف بما يستوجب نقضه".
ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعنهما، موضحة أن "تقدير الخطأ الموجب لمسؤولية مرتكب الفعل، وتقدير توافر رابطه السببية بين الخطأ والنتيجة، أو عدم توافرها، من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، مادام تقديرها سائغاً، مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها في الأوراق".
وأضافت أن "السلوك الإجرامي في جريمة (القتل الخطأ)، باعتباره الركن المادي فيها، قد يتمثل في نشاط إيجابي، أو في نشاط سلبي، يتمثل في الامتناع عن واجب قانوني أحجم الجاني عن إتيانه، كتقاعس رب العمل عن توفير وسائل الأمن والسلامة لعماله، وفق ما يوجبه عليه قانون العمل والقرارات الوزارية المنفذة له، متى ارتبط هذا الفعل بالنتيجة".
وأكدت توافر العناصر القانونية للجريمة، إذ أثبت حكم الاستئناف خطأ المتهمين، استناداً إلى أقوال الشاهد، الذي يعمل برفقه المجني عليه في الفيلا التي وقع فيها الحادث، حيث إن "الفيلا تحت الإنشاء، ولا توجد علامات تحذيرية تدل على وجود الحفرة التي سقط فيها المجني عليه"، خالصة إلى أن "المسؤول عن ذلك هو المتهمان، مالكا الفيلا، والمؤسسة، التي يتبع لها المجني عليه".
واستند الحكم إلى كشف المعاينة التي أجراها مأمور الضبط القضائي، إذ أفاد بعدم وجود علامات إرشادية تدل على الحفرة، وهي بعمق ثلاثة أمتار، ومغطاة بقطعة خشب (بليوت)، ووضع عليها الرمال، وأن المتوفى سقط فيها".
وأشارت المحكمة إلى أن "حكم الاستئناف استدل من أن المتهم الأول، بصفته مالكاً للفيلا، والمتهم الثاني بصفته مالكاً للمؤسسة التي يعمل فيها المجني عليه، والمسؤول عن أعمال البناء، قد تسببا بخطئهما في وفاة المجني عليه، وتوافر بحقهما رابطة السببية بين خطئهما في عدم وجود علامات تحذيرية للمتهم الأول، وعدم توافر أدوات الأمن والسلامة إلى المتهم الثاني. ومن ثم يكون قد أثبت الواقعة بجميع أركانها، ولا يغيّر من ذلك الادعاء بأن المجني عليه كان يعلم بوجود الحفرة، لأنه كان ضمن العاملين في البناء".
أرسل تعليقك